الشقصي لـ"الرؤية": السلطنة حققت إنجازات هامة في المجال البيئي باعتباره أحد مقومات التنمية

المركز الوطني للبحث الميداني يشجع الباحثين ويبرز مشاريعهم وينشر أبحاثهم البيئية محليا ودوليا

إنشاء المركز الوطني جاء ترجمة للاهتمام السامي بالبيئة العمانية والمحافظة عليها

نشرة "الوشق" جزء من الخطة التوعوية للتعريف بأهداف المركز وسلسلة البرامج التي ينفذها

مسح التنوع الإحيائي بجبال الحجر من أهم المشروعات التي تنفذها الوحدة الميدانية المتنقلة

الوحدة المتنقلة حصلت على نتائج مسح مشجعة من النواحي البيئية تؤكد كفاءة الكوادر الوطنية

المركز ينظم برامج تدريبية في علم النبات بعدد من المحميّات الطبيعية بالتعاون مع منظمة "إيرث ووتش"

حاوره - راشد البلوشي

قال الدكتور سيف بن راشد الشقصي المدير التنفيذي للمركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني إنّه بفضل الرؤية الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - تشكلت دعائم وأبعاد العمل البيئي بالسلطنة، وتحقق الارتباط بين مسيرة التنمية وأهداف إصحاح البيئة بإدخال الاعتبارات البيئية في جميع مراحل التخطيط والتنفيذ لكافة المشاريع التنموية. وأشار الشقصي في حواره مع "الرؤية" إلى أنّ السلطنة تفرّدت بإنجازات هامة في مجال العمل البيئي باعتباره أحد المقومات الأساسيّة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد منذ انطلاق فجر النهضة المباركة وبتجاوب كبير ومشهود مع الصحوة البيئية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

وأوضح الشقصي ظروف إنشاء المركز الوطني للبحث الميداني لحفظ البيئة وقال إنّه تمّت بموجب المرسوم السلطاني رقم 54/ 2009، ترجمة الاهتمام السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - بالبيئة العمانية والمحافظة عليها. إذ يهدف المركز وفقًا لما نص عليه النظام الأساسي الخاص بإنشائه إلى تنظيم وتشجيع البحث الميداني في مجال حفظ البيئة، وتشجيع العاملين والباحثين والمتخصصين والدارسين العمانيين في المجال البيئي، وإبراز قدراتهم وإمكانياتهم العلمية ونشر أبحاثهم محليا ودوليا. ويعني المركز في المقام الأول بتحديد وتطوير مشاريع الأبحاث الميدانية لحماية البيئة واستدامتها بالسلطنة والحفاظ عليها بكافة أشكالها، تشجيع المؤسسات الأكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة والباحثين والمهتمين على القيام بالدراسات البيئية الميدانية والأبحاث العلمية الحقلية الجادة المتميزة، ونشر الوعي البيئي وزيادة تأثيره من خلال المناهج الدراسية، وبناء شراكة حقيقية بين المجتمع المحلي ومفردات البيئة المحيطة من خلال تحديد المنافع والمصالح المشتركة التي تسهم في الحفاظ على المفردات البيئية العمانية.

ما أهم المشاريع البحثية التي ينفذها المركز؟

ينفذ المركز الوطني للبحث الميداني دراسة لمسح التنوع الأحيائي بجبال الحجر عن طريق الوحدة الميدانية المتنقلة، وهي عبارة عن تجربة حية للعمل الميداني في المجال البيئي من خلال مجموعة من المخيّمات المتنقلة في المناطق المختارة. يعتبر هذا المشروع إضافة جديدة من نوعها يقوم بها المركز الوطني بالتعاون مع منظمة ايرث ووتش، حيث تعتبر هذه هي المرة الأولي التي يتم فيها إنشاء محطات بحثيّة متنقلة تعمل على دراسات حقليّة وميدانية في التنوّع الحيوي على سلسلة جبال الحجر. كما يتيح المشروع فرصا تدريبيّة للباحثين والمهتمين بالمجال البيئي لتعزيز قدراتهم البحثية من خلال المشاركة في أعمال المشروع.

كما يُنفَذ المشروع في سلسلة جبال الحجر العماني لكونها منطقة خصبة وثريّة بالتنوع الأحيائي، حيث تمتد هذه السلسلة مسافة تقترب من 700 كلم مشكلة ملاذًا ومأوى لكثير من الأنواع الحيّة التي تزخر بها البيئات الجبلية وبيئات الوديان. ويهدف المركز من خلال هذه الوحدة الميدانية المتنقلة إلى الوصول إلى نتائج حول المخرجات المتعلقة بالبحوث من خلال إنشاء قاعدة بيانات توضح مناطق تواجد مجموعات مختلفة من الأنواع الحية لتسهيل مراقبة الآثار المستقبليّة للتغيرات المناخية والبحوث المتعلقة بها، وإعداد مسوحات تقديرية لهذه الأنواع وتقييم حالة تواجدها واستخدام طرق وتقنيات جديدة وتكنولوجية للبحث والمسح الميداني، وتحديد المناطق ذات الكثافة بالتنوع الحيوي والتي يمكن إدخالها في مناطق الحماية، والوصول إلى مخرجات متعلقة ببناء القدرات من خلال المشاركة في إعداد قاعدة بيانات التنوع الأحيائي، وتدريب موظفي المركز والجهات الأخرى على بحوث التنوع الأحيائي.

ومن أهم أنواع البحوث التي تقوم الوحدة المتنقلة بدراستها هي بحوث الثديّات الصغيرة والكبيرة وتشمل المفترسات الكبيرة كالثعالب والوشق وحيوانات الوعل والغزال العربي والقوارض والزواحف، دراسة الحشرات، دراسة أنواع الطيور، دراسة الغطاء النباتي، مسح الغزلان. ويتطلب المسح في بعض المناطق الجبلية الوعرة تركيب كاميرات فخية لتراقب حركة الثديّات الكبيرة مثل الوعل العربي والغزال العربي، وذلك بهدف دراسة كثافتها وسلوكها في مناطق الدراسة، وقد حصلت الوحدة المتنقلة على نتائج مسح مُشجّعة من النواحي البيئية وبناء القدرات والكفاءات الوطنية للعمل في الحقل البيئي من خلال العمل الميداني.

من أهم الحيوانات النادرة التي تزخر بها البيئة العمانية حيوان الوعل العربي، فهل هناك تشريعات تحميه؟

تعتبر السلطنة البيئة المناسبة لهذا الحيوان الذي يختلف عن أبناء جنسه من الوعل في جبال الهملايا وفي الهند وبعض مناطق أوروبا، وهو ما أثبتته الدراسات والبحوث البيئية. يصارع الوعل العربي للبقاء مع وتيرة التحولات السريعة في البيئة المحيطة به، حتى بات هذا الحيوان من الحيوانات المهددة بالانقراض، من هنا جاءت أهمية دراسته وحمايته من الانقراض، ولا شك أن القيادة الحكيمة للبلاد سهلت قيام مؤسسات وقوانين تخدم البيئة وحمايتها، لذلك عمل المركز الوطني في سبيل تحقيق هذه الغاية من خلال بحوثه الميدانية التي ستساعد على دراسته علميا وتوفر له البيئة المناسبة والآمنة لبقائه واستمراره، حيث تعتبر دراسة هذا الحيوان من إحدى أولويات المركز وأحد أهم البحوث التي ينفذها.

ويهدف المركز من خلال المشروع إلى الحصول على معلومات حول طبيعة البيئة التي يعيش فيها الوعل العربي، وحصر أعداده في جبال الحجر، ومعرفة أماكن تواجده وسلوكياته، والتقليل من المهددات التي تشكل خطرا كبيرا عليه، وإعداد قاعدة بيانات وبحوث ودراسات حوله. كما يقوم المركز بدراسة الوعل العربي من خلال مجموعة من الخبراء والباحثين الذين يعكفون على دراسة الوعل في بيئته الجبلية، حيث يستخدم الفريق مجموعة من التقنيات الحديثة لدراسته مثل الكاميرات الفخية، مصائد وأفخاخ للإمساك به لفحصه ودراسته، أجهزة التعقب باستخدام النظام العالمي لتحديد المواقع، وتحليل البيانات ومحاولة تحديد نطاق تحركه.

الأفلاج

وماذا عن اهتمام المركز الوطني بالأفلاج؟

تعد الأفلاج المصادر الرئيسية لمياه الري في السلطنة لا سيما الزراعات التقليدية، وقد برهنت على قدرة الإنسان العماني وعزيمته الكبيرة في بناء الحضارة وإثراء التراث الإنساني العالمي. وقد أولت الحكومة اهتمامًا كبيرًا بالأفلاج العمانية في مختلف مناطق السلطنة، ومن هذا المنطلق فإن المركز الوطني وبالتعاون مع وحدة بحوث الأفلاج بجامعة نزوى ومؤسسة ايرث ووتش العالمية يقوم بتنفيذ دراسة لمشروع المياه العذبة المرتبطة بالأفلاج، حيث تم اختيار فلج لزع بولاية سمائل بمحافظة الداخلية نموذجا؛ وذلك لعدد من الأسباب أهمها استمراره في التدفق وعدم تأثره كثيرا بمواسم الجفاف، وايضا لموقعه الجغرافي المتوسط بين محافظ مسقط ومحافظة الداخلية.

ويهدف المشروع إلى دراسة التنوع البيئي في بيئة الفلج، وأهمية الاستفادة القصوى من مياه الفلج والحد من تسربات المياه، ومحاولة إدخال تقنيات حديثة لري المزروعات، وأهميّة الاستفادة من فائض مياه الفلج في مشاريع لها ارتباط بالفلج وتعزز الدخل المالي للفلج، إضافة إلى دراسة كيمياء مياه الفلج، والاستفادة من وحدة المياه في الإنتاج الزراعي.

وبدأ المشروع بمسح ميداني لبيئة الفلج، وعمل خرائط لبلدة لزغ لتحديد مسارات الفلج والأماكن التي يسقي بها الفلج، بهدف تسهيل عمل الباحثين في إيجاد كل الطرق التي تؤدي لتحسين وتطوير قنوات ومجاري مياه الفلج التي تضمن وصول المياه للمزروعات وغيرها بطريقة جيدة. وتم أيضا الاتفاق مع وكيل الفلج للوصول إلى سجلات الفلج للأربعة عشر عاما السابقة، حيث تمثل هذه السجلات بيانات حاسمة في الدراسة الاجتماعية والاقتصادية للفلج، وقد تمّ مسح الكتب والسجلات ووضعها في نسخة إلكترونية.

ومن منطلق معرفة المشروع للمعلومات الهامة التي يحتاجها من الأهالي عن فلج لزغ ومدى استفادتهم منه اقتصاديا وعن آرائهم في المشروع فقد تم عمل استبيان يضم أسئلة شاملة تفيد المشروع بشكل مباشر. وقد شمل الاستبيان جوانب عديدة تمثلت بمصادر المياه والأراضي الزراعية التي تسقى بالفلج أو غيرها، إلى جانب أسئلة أخرى كعدد المزارع والنخيل والمحاصيل الزراعية الأخرى والثروة الحيوانية التي يملكها الأهالي والمدخلات والمخرجات والجانب الاجتماعي والاقتصادي للأهالي. وشمل الاستبيان عدد 47 أسرة في البلدة وتمّ تحديدهم من قبل وكيل الفلج. وسيتم دمج البيانات المستخرجة من الكتب والسجلات الخاصة بالفلج مع البيانات المستخرجة من الاستبيان وسوف يتم تحليله وإصدار تقرير إنتاجية الفلج خلال الفترة القادمة.

ما أهمية دراسة الغطاء النباتي في منطقة الجبل الأخضر وجبل شمس؟

ينفذ المركز الوطني بالتعاون مع منظمة ايرث ووتش وعدد من الجهات الحكومية والأهلية دراسة للغطاء النباتي والتنوع الأحيائي في منطقة الجبل الأخضر وجبل شمس بمحافظة الداخلية، ويتم خلال هذا المشروع دراسة التنوع الأحيائي والفطري، ودراسة الحياة الطبيعية لعدد من الحيوانات البرية المتواجدة، كما تتم دراسة أنواع النباتات البريّة النادرة والأشجار المعمرة في الجبل كشجر البوت والعلعلان والسدر والعتم وغيرها من الأشجار. إلى جانب دراسة أنواع الطيور المستوطنة والمهاجرة في منطقة الجبل، والتدريب على تركيب الكاميرات الفخية لعملية رصد الحيوانات والطيور، وكيفية تركيب المصائد للحشرات والقوارض والفراشات.

وتكمن أهميّة هذه الدراسة في أنّ الغطاء النباتي في منطقة الجبل الأخضر وجبل شمس قد تعرّض لبعض التهديدات سواء كانت طبيعية أو بشرية مما أثر على مستوى الغطاء النباتي فيه وتعرضت بعض الأشجار المعمرة والنباتات البرية لخطر الانقراض، لذلك أطلق المركز الوطني هذه الدراسة بهدف تنسيق الجهود وإشراك أفراد المجتمع المحلي في المحافظة على الغطاء النباتي من خلال الجمع بين نتائج البحوث العلمية والمعارف المحليّة والسعي لإيجاد نظام مستدام للمحافظة على النظام البيئي في منطقة الجبل، وتأتي هذه الخطوة في إطار تطوير نظام بيئي مستدام بتقييم الوضع الراهن للنظام البيئي، وتحديد المخاطر التي تهدد سلامته. ولذا كانت المرحلة الأولى من هذا المشروع هي تقييم الغطاء النباتي وجمع البيانات حول أوضاع النباتات والعوامل البيئية ومدى التأثير البشري، وذلك بهدف تحديد ما يواجه الغطاء النباتي خاصة أشجار العتم والعلعلان والنباتات الأخرى من المهددات وإشراك أفراد المجتمع المحلي في تناول هذه المخاطر وسبل علاجها.

وانطلق المشروع من البحوث السابقة لعدد من العلماء ويهدف إلى مواصلة هذه البحوث حول أشجار العتم والعلعلان، وتمّ اختيار عدد من المواقع لدراسة التنوّع البيئي في مختلف مناطق الجبل وتحديد أنماط الغطاء النباتي، ولم يتم اختيار هذه المواقع عشوائياً بل إنّها تمثل مختلف البيئات والارتفاعات في الجبل الأخضر. المشروع يشتمل على الكثير من أنشطة جمع المعلومات والبيانات من خلال العمل الميداني واستخدام نظام المواقع الجغرافيّة وفرق المسح الاجتماعي والاقتصادي وتستخدم هذه البيانات بعد معالجتها كمؤشرات حول تفاعل البيئة الطبيعية والغطاء النباتي مع الأنشطة البشرية. وبعد ذلك تنشر نتائج هذا المشروع من خلال الخرائط البيئية لتسليط الضوء على التحديات البيئية والحلول المقترحة. وتشكل نتائج المشروع قاعدة أساسية يمكن من خلالها تطوير نظام مستدام للمحافظة على أشجار العتم والعلعلان في السلطنة.

وإلى أي حد يجري التعاون بين المركز ووزارة التربية في مجال التعليم البيئي؟

دشّن المركز الوطني بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم حقيبة التعليم البيئي حول التنوع الأحيائي في سلسلة جبال الحجر في السلطنة، حيث يأتي هذا المشروع كأحد البرامج الأساسية التي ينفذها المركز في مجال تعزيز الوعي البيئي لدى طلبة المدارس والتوعية بأهميّة الحفاظ على البيئة العمانية وصون مواردها الطبيعية.

ويسعى المركز من خلال هذا المشروع إلى رفع مستوى الوعي البيئي بالإضافة إلى تعزيز المستوى المعرفي للطالب وربط المفاهيم البيئية بالمناهج الدراسية لتعزيز القيم الإيجابية لدى الطالب في الحفاظ على موروث السلطنة الطبيعي لتحقيق مبادئ التنمية المستدامة للمجتمع، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية البحث الميداني في المجال البيئي والتشجيع عليه من خلال مختلف الأنشطة. يأتي هذا المشروع كثمرة من ثمار الأبحاث الميدانية التي يقوم بها المركز بالتعاون مع منظمة ايرث ووتش في سلسلة جبال الحجر والمعنية بالتنوع الأحيائي الموجود فيه، بحيث تم ترجمتها إلى مواد تعليمية تثقيفية على شكل حقيبة تعليمية وذلك بالتعاون الوثيق مع المختصين بالمديرية العامة لتطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم.

وتحتوي الحقيبة على 13 كتيبًا تعليمياً تحوي معلومات بيئية وحيوية عن التنوع الأحيائي في سلسلة جبال الحجر، وكتيب خاص بأنشطة الطلاب لتعزز وتوسع نطاق تعلم الطلاب من خلال التمارين والأنشطة الترفيهية، ودليل المعلم الذي يحتوي على إجابات الأنشطة ويقدم مقترحات لخطط دروس تكميلية للمناهج الدراسيّة، وملصقات تعريفية لبعض الحيوانات، وبطاقات تعليميّة مصورة توضح المفردات العلميّة المتكررة في الحقيبة التعليميّة. وتم توزيع هذه الحقائب التعليمية على أربعة محافظات تعليمية وهي محافظة مسقط، محافظة جنوب الباطنة، محافظة شمال الشرقية، ومحافظة الداخلية وتستهدف طلاب مدارس الحلقة الثانية. كما تزامن تدشين هذه الحقيبة مع برنامج تدريبي نظري لعدد من المعلمين والمعلمات من مختلف المحافظات وأعضاء المناهج حول كيفية استخدام هذه الحقيبة، بالإضافة إلى زيارة ميدانية إلى الجبل الأخضر.

وهل ينظم المركز برامج تدريبية تتعلق بعلم النبات في مجال حفظ البيئة؟

نفذ المركز الوطني عددا من البرامج التدريبية في علم النبات وذلك في عدد من المحميات الطبيعية في السلطنة بالتعاون مع منظمة إيرث ووتش. تضمن البرنامج على تدريب المشاركين على المهارات اللازمة للتعرف على النباتات، وتعريفهم بمبادئ بحوث علم النبات للحفاظ على النظام البيئي في كل موقع. كما تمت دراسة النباتات البرية بتلك المحميّات، والتعرّف على الأنواع النباتية المستوطنة، والأنواع النباتية النادرة. كما يتم تدريب المشاركين على كيفية التعرّف على النباتات المختلفة والفروقات فيما بينها، وأهم المعلومات التي يجب تسجيلها عن كل نبات، والتدريب على كيفية جمع العينات النباتية من خلال التدريب الميداني بالمحميّة، والطرق المستخدمة للمسح الميداني والمعلومات الواجب تدوينها عن النباتات وبيئاتها، وتعريف المشاركين بمبادئ بحوث علم النبات للحفاظ على النظام البيئي في كل موقع.

وشارك في تنفيذ عملية التدريب عدد من المؤسسات الرائدة والعريقة في مجال علم النبات مثل مركز النباتات الشرق أوسطيّة التابع لحديقة النباتات الملكيّة بأدنبرة وحديقة النباتات العمانية، ويهدف إلى زيادة المعرفة بعلم النبات بالنسبة للقائمين على المشاريع والجهات المسؤولة عن إدارة كل من محميّة جبل سمحان ومحميّة وادي السرين ومحمية الجبل الأخضر للمناظر الطبيعية ومنطقة جبل شمس. ويشارك في هذا البرنامج عدد من الجهات الحكوميّة بالسلطنة وهي وزارة البيئة والشؤون المناخية ومكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني وجامعة السلطان قابوس وجامعة نزوى.

وكيف جاءت فكرة إصدار نشرة الوشق البيئية؟

يسعى المركز إلى نشر الوعي بأهميّة البحث الميداني البيئي بين مختلف فئات المجتمع بهدف تعزيز الوعي لديهم بأهميّة الحفاظ على البيئة العمانية وصون مواردها الطبيعيّة، وأهميّة البحث البيئي العلمي بما يتواءم مع مقتضيات التنمية المستدامة في السلطنة والتطورات التقنية والعلمية في هذا الجانب، مشيراً إلى أنّ التوعية بالبحث البيئي الميداني من الأسس الهامة التي يقوم عليها المركز، حيث تعتبر توعية الفرد بالمواضيع والقضايا البيئية وإيجاد الحلول المناسبة لها عنصراً هاماً من العناصر الأساسية في الجانب العلمي للتوعية البيئية، وتشكل في ذات الوقت الأساس لتطوير العمل البيئي في السلطنة، لأنّ الفرد هو المحور الأول في العملية التنموية البيئية ويؤثر ويتأثر بالبيئة بطريقة مباشرة.

كما أنّ هذه النشرة التوعوية "الوشق" هي جزء من الخطة التوعية للبحث الميداني البيئي التي وضعها المركز بهدف إيصال أهدافه وتحقيق غاياته العلمية في المجال البيئي في السلطنة، حيث تجمع في ثناياها عدد من المواضيع والقضايا البيئية المحلية والإقليمية والعالمية بأسلوب توعوي تثقيفي يسهم في زيادة المعرفة الثقافية لدى القارئ بالمواضيع البيئية، وينمي لديه الاتجاهات الإيجابية نحو بيئته والحفاظ عليها، وهو ما تسعى إليه هذه النشرة من تحقيقه على المدى الطويل. كما أن هذه النشرة تفتح الآفاق للبحث العلمي النظري والميداني في المجال البيئي وسوف تستعرض خلال أعدادها القادمة عددا من الدراسات والبحوث العلمية البيئية سواء كانت محلية أو إقليمية أو عالمية، إلى جانب أنّها تصدر باللغتين العربية والإنجليزية بغرض استقطاب عدد من الباحثين والعلماء من جنسيات أخرى سواء داخل السلطنة أو خارجها من المهتمين بالبيئة والبحث الميداني، إضافة إلى توزيعها على عدد من الشخصيات العلمية البارزة والمنظمات الدولية المعنية بالبيئة خارج السلطنة.

ويقوم المركز حالياً بوضع استراتيجية وخطة عمل علمية بالتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص في السلطنة وعدد من المنظمات الدولية المعنية بالبيئة، حيث ستسهم هذه الاستراتيجية والخطة في وضع الأطر العلمية الصحيحة والمناسبة لدراسة مفردات البيئة العمانية وتحديد أولوياتها والعمل على تنميتها واستدامتها، كما يقوم المركز بتنفيذ عدد من المشاريع البحثية الهامة بالتعاون مع منظمة ايرث ووتش منها مشروع دراسة الغطاء النباتي في منطقة الجبل الأخضر وجبل شمس بمحافظة الداخلية، ومشروع دراسة حيوان الوعل العربي في جبال الحجر، ومشروع دراسة النمر العربي في منطقة جبل سمحان بمحافظة ظفار، ومشروع دراسة المياه العذبة المرتبطة بالأفلاج"فلج لزع بولاية سمائل بمحافظة الداخلية نموذجا"، ومشروع الوحدة الميدانية البيئية المتنقلة لمسح التنوع الأحيائي بجبال الحجر، إلى جانب تنمية وتطوير القدرات البشرية العاملة فيه من خلال الدورات التدريبية الخارجية والداخلية، وذلك بهدف مواكبة المستجدات العلمية والتكنولوجية في المجال البيئي.

وقام المركز بوضع عدد من البرامج العلمية لتنمية قدرات الباحثين في السلطنة، حيث قام بالتنسيق مع عدد من الجامعات والكليات بالسلطنة وبالتعاون مع منظمة ايرث ووتش بعقد دورات تدريبية لعدد من الطلبة خارج السلطنة بهدف تنمية قدراتهم في مجال البحث البيئي والاطلاع على تجارب الدول الأخرى في هذه المجال، حيث أسهمت هذه الدورات الخارجيّة في صقل القدرات الوطنية في مجال البحث البيئي، إلى جانب ذلك فإنّ المركز يعكف حالياً على دراسة أهميّة الاستفادة من البحوث العلمية في المجال البيئي والتي قامت بها الجامعات في السلطنة والتنسيق مع المعنيين في هذا الجانب بالجامعات مع دراسة إقامة عدد من الندوات العلمية لمناقشة عدد من البحوث العلمية وما توصلت إليه من نتائج بحضور الجهات المعنية بالبيئة في السلطنة والخروج بتوصيات بناءة تساهم في حل الكثير من المواضيع البيئية في السلطنة والعمل على وضع الأسس العلمية لتنمية الموارد الطبيعية في السلطنة والحفاظ على استدامتها وتنميتها.

تعليق عبر الفيس بوك