مختصون: التوجيهات السامية تبرز حرص جلالة السلطان على توفير سبل العيش الكريم للمواطن ومواصلة مسيرة النهضة المباركة

أكدوا في برنامج "رؤية اقتصادية" الدور البارز لوسائل الإعلام في النهوض بالوعي المجتمعي

المسكري: الاهتمام السامي بالعنصر البشري قائم منذ انطلاق النهضة المُباركة

الطائي: ضرورة توظيف التحديات الحالية إلى فرص نجاح لتفادي الأزمات

الموافي: تأكيد المقام السامي على "توازن" الإجراءات يعكس الاهتمام الكبير بالمواطن

الرؤية- إيمان الحريبي

أكد خبراء ومختصون أنّ التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المُعظم- حفظه الله ورعاه- دائمًا تترجم حرص جلالته على توفير سُبل العيش الكريم للمواطن، وبما يضمن مواصلة مسيرة النهضة المباركة.

وقالوا- في برنامج "رؤية اقتصادية" الذي يُبث على تلفزيون السلطنة- إنّ الاهتمام السامي بالعنصر البشري مستمر منذ بزوغ فجر النهضة العمانية، لافتين إلى أهمية توظيف الإمكانات في استمرار المسيرة الناجحة والعمل على الارتقاء بالظروف المعيشية للمواطن.

وقال عبد الله الشعيلي مقدم البرنامج، إنّحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- استهل أيام الفرح النوفمبرية، بحديث الواثق لعمل مسيرة النهضة المباركة، وهي في منتصف عقدها الخامس، حديث من القائد المفدى إلى شعبه تدثره الطمانينة في الولوج إلى المستقبل بثبات واطمئنان، ومعنويات عالية، في عمل الحكومة المضاعف، ومشاركة المواطنين الإيجابية في سائر قطاعات العمل الهادفة إلى خدمة ورفعة شأنه، وقد أشاد جلالته - أيده الله - بدور الإعلام العماني في نشر التوعية لتحقيق هذه الأهداف الوطنية.

 

وأضاف الشعيلي- في مقدمة البرنامج- أنّعاهل البلاد المفدى- أبقاه الله- لدى ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء وجه بأهمية التعاطي مع الأوضاع الاقتصادية العالمية الراهنة باتخاذ إجراءات احترازية متوازنة للحد من سلبياتها على مسارات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، كما أثنى جلالته على الجهود المقدرة التي قامت بها الحكومة بالتعاون مع باقي القطاعات لاستقرار الأوضاع الاقتصادية وتحقيق معدلات من النمووالنجاح لمواصلة التنمية الشاملة المستدامة. وتابع الشعيلي: "في الأثناء.. أكد جلالة سلطان البلاد المفدى على الدور الثقافي والتعليمي في بناء الأجيال المؤهلة والقادرة على تحمل مسؤوليات العمل الوطني".

وبيّن الشعيلي أنه نظرًا لأنّ السياسة الخارجية في فقه النهضة العمانية تعد جزءًا رديفًا لعملية البناء الداخلي فقد أشار حضرة صاحب الجلالة سلطان البلاد المعظم إلى أنّ علاقات السلطنة مع دول الجوار راسخة ووطيدة وقائمة على التعاون والتنسيق والتعاون المشترك، كما تطرق جلالته- أيده الله- إلى الدور الذي تقوم به دول صديقة لحل القضايا بالطرق التي تكفل للشعوب الاستمرار في مساراتها التنموية وسط أجواء آمنة ومستقرة.

اهتمام بالعنصر البشري

وأكد الشيخ سيف بن هاشل المسكري نائب الأمين العام الأسبق للشؤون السياسية في مجلس التعاون الخليحي أن اهتمام حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - بالعنصر البشري، دائم منذ بداية النهضة العمانية المباركة. وقال إنّ هذا الاهتمام ورد ضمن خمسة عناصر أخرى تطرق إليها- أبقاه الله - ضمن اجتماعه مع مجلس الوزراء مؤخراً، مضيفاًأنّ الاهتمام بالعنصر البشري أوما يمكن أن نطلق عليه الاستثمار في رأس المال البشري، يعد إحدىركائز التنمية المستدامة، إذ إنّهذا الاستثمار يضمن للسلطنة استمرارية التنمية وأنشطة الاقتصاد المختلفة. وتابع المسكري أنّ التنمية البشرية تشمل التدريب والتعليم والتأهيل وتوفير الفرص وبناء القدرات والكفاءات، مع التركيز على البعد الثقافي والتعليمي، موضحاً أنّه على الرغم من الأوضاع في المنطقة إلا أن حديث جلالته في اجتماع مجلس الوزراء، بعث برسائل الطمأنينة، والتي تؤكد أن خطط الدولة تسير وفق ماهو مخطط لها بمنهجية علمية، وأنه رغم كل التحديات إلا أن هناك توازناً في الإجراءات الاحترازية الوقائية التي تضمن لهذه الخطط الاستمرارية والسير في مسارها الصحيح.

وقال المسكري معلقاًعلى تعزيز مسارات الاستثمار، إنّ الاسثتمار المحلي يجب أن يأخذ منحى آخر وأن يعمل بشكل أكبر على دعم الاقتصاد الوطني،والاستفادة مما أُتيح له ليأخذ زمام المبادرة وقيادة دفة الاستثمار. وأوضح أنّالمستثمر الخارجي لن يأتي إذ لم يرى أنّ هناك استثماراً داخلياً حقيقياً، وأن هناك المزيد من تبسيط الإجراءات، مشيراً إلى أن هناك بنية تحتية تتشكل تدعم قيام استثمارات مختلفة. وقال إن هناك صناديق ومؤسسات مالية وغيرها تبحث عن الاستثمار، داعياً الحكومة إلى طرح حزمة متكاملة من المشروعات للاستثمار، حتى تسرع من وتيرته على المسار الصحيح.

الفرص والتحديات

فيما أكد حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية في مداخلته أنّ المرحلة الراهنة تواجه عدة تحديات، وهذا ليس بالأمر المستغرب، إذ إنّ لكل مرحلة تحدياتها لاسيما الاقتصادية منها. وأشار الطائي إلى أنّه من المؤكد أن تراجع أسعار النفط سيكون له آثاره على الاقتصاد، لكن يتعيّن على الجميع ألا يستسلم لهذا الأمر، وأن نعمل جاهدين على الاستفادة من هذا التحدي، وتحويله إلى فرصة نجاح، وأداة جديدة للتنمية والإنتاجية من خلال تفعيل خطط تنويع مصادر الدخل.وشدد الطائي على الحاجة الماسة للتنويع الاقتصادي، الذي يُعد أحد الركائز الأساسية التي يجب أن تنطلق منها السلطنة إلى اقتصاد جديد، يُقلل من الاعتماد على النفط الذي يتأثر بعوامل خارجية لا دخل للسلطنة فيها، وبما يضمن للاقتصاد الوطني الابتعاد بقدر الإمكان عن التأثيرات السلبية لهذه السلعة. ودعا الطائي إلى رفع كفاءات القطاعات الاقتصادية غير النفطية مثل السياحة والخدمات اللوجستية، لاسيما وأن البنية الأساسية في عمان شبة مكتملة، وبأعلى معايير السلامة، وهو ما يفرض على كافة مؤسسات الدولة أن تسخر مثل هذه المقومات على النحو الأفضل، بما يضمن زيادة العائدات المرجوة من القطاعات المذكورة، فضلاً عن توظيف ما تمتلكه السلطنة منثروة سمكية وتعدين.

وأشار الطائي إلى رسائل التطمين التي تسبق الدخول للمرحلة الجديدة والخطة الخمسية التاسعة، قائلاً إنّ جلالته بعث بعدة رسائل تطمينية، لعل في مُقدمتها مطالبة المقام السامي للحكومة بعدم اتخاذ أي إجراءات تمس المواطن. وأضاف أنّه في الآونة الأخيرة، تزايدت التكهنات باتخاذ الحكومة لعدة قرارات ربما تتضمن رفع الدعم عن المحروقات أو فرض ضرائب جديدة وزيادة ما هو قائم، ما تسبب في حالة من القلق لدى الشارع العماني، لكن التطمينات السامية أزاحت ذلك القلق واستبدلته بأمن وشعور بالطمأنينة.

غير أنّ الطائي أشار إلى جملة من الإجراءات الاحترازية التي يمكن أن تتخذها الحكومة خلال الفترة المقبلة، وهو ما يستدعي من الجميع التأهب لها جيدًا، واستعياب متطلبات المرحلة وتحدياتها التي تفرض علينا ضغوطاً، لكنه في الوقت نفسه شدد على الوضع المالي الجيد للاقتصاد الوطني، وأهمية تضافر الجهود لمواجهة الأزمة الحالية وتجاوزها.

الأوضاع الاقتصادية

أما المُحلل والكاتب الدكتور عبد الحميد الموافي فقد أشار إلى أهمية التعاطي مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة للحد منسلبياتها على مسارات التنمية، وقال إنّالسياسات العمانية الاقتصادية، ليست وليدة المواقف أو رد فعل لها، بل إنّها مستمرة ومتواصلة ومتصلة الحلقات، على كافة الأصعدة. وأقر الموافي بوجود تحديات وصعوبات في أحيان أخرى أمام الاقتصاد الوطني، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى الرؤية والفكر اللذين يُديران دفة المشهد بكافة جوانبه. وبين أنّه في هذا السياق، تأتي التطمينات من قبل المقام السامي لجلالة السلطان المعظم- حفظه الله-، من خلال الرؤية السامية أيضًا التي تقود البلاد منذ فجر النهضة المباركة، حيث حقق جلالته العديد من الإنجازات التي لا تحصى منذ أن قاد جلالته دفة البلاد على مدى خمسة وأربعين عاماً، حيث يُدرك جلالته جيدًا ما يُحيط بالسلطنة من تحديات، وكيف يتم التعامل مع ذلك، خاصة وأن هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها انخفاض لأسعار النفط.

وتابع الموافي أنّ هناك الكثيرمن الإجراءات التي تم اتخاذها على مستوى العالم للحد من آثار انخفاض أسعار النفط، إلا أنّ السلطنة لم تتخذ حتى الآن أيّ من هذه الإجراءات، وذلك يعني أن السلطنة قادرة على احتواء هذه المرحلة، وأنها تدرس الوضع، وقد تتخذ بعض الإجراءات، لكن دون المساس بالمواطن، ووفقًا لما تخطه السياسة العمانية الحكيمة من قرارات.

وذكر الموافي أن جلالة السلطان المعظم - أبقاه الله - ذكر في حديثه مع مجلس الوزراء كلمة بالغة الأهمية وهي "الإجراءات المتوازنة"، وشرح الموافي هذه الكلمة مشيرًا إلى أن ذلك يعني أن يتم تحقيق مصلحة جميع الأطراف، وألا يأتي ذلك على حساب الدولة ولاحساب المواطن. وقال الدكتور عبد الحميد الموافي إنّ انخفاض أسعار النفط واجهته السلطنة من قبل في منتصف الثمانينيات والتسعينيات، ونجحت في تجاوز هذه التداعيات آنذاك، وإن كانت الظروف في تلك الفترة مختلفة. وأشار إلى أن السياسات العمانية لا تعرف القرارات المفاجئة، وتنتهج دومًا مبدأ التدرج في اتخاذ القرار، وفق خطى محسوبة ومدروسة بشكل جيّد.

بناء الأجيال

وبعد ذلك، سلط المسكري الضوء على ما تضمنته الكلمة السامية بأهمية أن يكون لدى المواطن العماني الوعي الكافي بأهمية ما تفرضه المرحلة الراهنة من تحديات، وأن يتحلى بالفكروالقدرة على تقبل مايمكن أن يتم اتخاذه من إجراءات، وكذلك كيف يمكن أن يسهم المواطن بشكل فاعل في دعم توجهات السلطنة لتجاوز المرحلة.وقال إن على الإعلام العماني- وكذلك مجلس عمان- دور كبير في توجيه بوصلة الوعي، حتىنسيرجميعاً إلى بر الأمان بتكاتف أبناء الوطن في مختلف المستويات. وأضاف المسكري أنّ هذه المرحلة تختلف عن سابقاتها؛ حيث إن هناك ظروفاًمغايرة لا يملك أحد السيطرة عليها، وظروف سياسية وأخرى إقليمية يصعب التنبؤ بمساراتها.ودعا المسكري إلى التفكير الجدي في قضية التدريب والتأهيل؛ إذ إنّهناك الكثير من الفرص التي يمكن استغلالها وخاصة المتعلقة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن تعمل الجهات المعنية المختلفة على تطوير الإمكانيات البشرية لتكون قادرة على اقتناص الفرص الكبيرة التي تتيحها المشاريع، ومنها مشروعات منطقة الدقم الاقتصادية وكذلك مشروع السكة الحديد.

الإعلام المسؤول

وبالانتقال إلى مسألة دور الإعلام في زيادة وعي المواطنين، قال حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية إنّ الإعلام العماني يسهم بدور حيوي وبارز منذ انطلاق مسيرة النهضة العمانية، وقد أثبت على مدى خمسة وأربعين عامًا الدور الوطني البارز. وأشار الطائي إلى أن الإعلام العماني يعد واحدًا من الأركان الأساسية في هذه المسيرة الميمونة، إذ تشهد مؤسساته المختلفة تطوراً ملحوظاً ساهمفي تحقيق التطور النوعي، ما أدى إلى زيادة مستوى الوعي بين المواطنين. وقال الطائي إنّه ينبغي أن يتحلى الخطاب الإعلامي في الوقت الراهن بالواقعية والشفافية والصراحة، وأن تحرص أجهزة الدولة المختلفة على توضيح وإعلان الأرقام والحقائق بلغة اقتصادية واضحة، حتى يتسنى للمواطن متابعة الوضع عن كثب، وأن يكون شريكا في اتخاذ القرار من خلال وعيه بأهمية ما يُتخذ من إجراءات. وبين الطائي أنّه في حال توافر مثل هذه المعلومات، فإنّ ذلك سيساعد على خلق تفاعل وشراكة اقتصادية وتنموية بين كافة القطاعات، مؤكداً أنّ المنظومة بأكملها تحتاج إلى المواطن والمجتمع المدني والقطاع الخاص وكافة المكونات، ومن بينها الإعلام، الذي يمارس دوراً أساسيًا من خلال تسليط الضوء على الإيجابيات وإبراز نجاحات التجربة، علاوة على استشراف المرحلة المقبلة، وما تتطلبه من إجراءات، وكذلك دعم الجهود الوطنية المخلصة.

وبين الطائي أن تفاعل الإعلام مع الاقتصاد يمكن أن يقدم الكثير من الرؤى والتوقعات، لكن ذلك يعتمد عىل مدى توافر الأرقام والمعلومات الدقيقة التي تسمح بطرح تحليلات ورؤى بناءة تسهم في دفع عجلة التنمية.

وشدد الطائي على ضرورة أن تكون وسائل الإعلام بمثابة مراكز بحوث مجتمعية، وتكون بذلك حلقة الوصل بين المجتمع ومؤسسات الدولة المختلفة، وأن نبعد عن الخطاب الإنشائي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.

المعلومة الصحيحة

فيما قال الدكتور عبد الحميد الموافي إنّ هناك تغيراحاصلافي أدوات الإعلام، وهذا التغير في حد ذاته فرض مسؤولية أكبر على وسائل الإعلام التقليدية، وأشار إلى أنّ هناك حاجة لربط المواطن على مستوى الدولة بأجهزة الإعلام، كمرجع أساسيله للحصول على المعلومة الصحيحة.وأشار الموافي إلى أنّ مسؤولية الإعلام لم تعُد تختصر على بث جرعات عاطفية أو أيديولوجية تجاه قضية ما، ولكن بات دوره يقوم في الأساس على الصراحة والوضوح والقدرة على تقديم الحقائق وتعريف المواطن بما يجري من حوله، على أن يترك الإعلام المجال للمواطن لتشكيل وعيه وفق المعلومات التي قدّمها له، وأن يتخذ موقفه بناءً على التحليلات التي تم تقديمها للمعلومات. وأضاف الموافي أن هذا يترتب عليه أن يتم التعامل مع الإعلام بشكل علمي، ولاينبغي على الإعلام أن يتحول إلى منصة لمن لايعرف، ولا أن يتحول إلى مراكز أبحاث.

وتابع أن المطلوب من الإعلام في الوقت الحالي القيام بدوره الإستراتيجي في التعامل مع المواطنين، وخصوصا أن هناك أكثر من 60% من المجتمع من فئة الشباب، ما يستلزم التعرف على احتياجات هذا الجيل، والبحث عن المتغيرات دون شحن أو ضغط.

التدريب والتأهيل

فيما أكد الشيخ سيف المسكريأنّ تأهيل الإنسان العماني ضروري لمسايرة التطور الذي تشهده النهصة العمانية، مشيرًا إلى أن مواصلة التطوير يعتمد على نجاح المنظومة التعليمية.

بينما قال الطائي إنّ التعليم هو أحد التحديات التي تواجه عمان والعالم، لاسيما وأننا نعيش ثورة معلومات، وينبغي الاستفادة منها في توظيف الإمكانات لتحقيق الإنجازات، داعياًإلى الاهتمام بجودة التعليم التي يترتب عليها تخريج دفعات مميزة من الطلاب المتخصصين في مختلف المجالات، وبما يرفد سوق العمل بالكوادر المؤهلة. وأشار الطائي إلى أن القطاع الخاص يُسهم بدور كبير في ذلك المضمار، سواء كان عن طريق الاستثمار، أو دعم الطلاب، والعمل على طرح مختلف القضايا للنقاش بما يضمن الوصول إلى الأهداف المرجوة التي تساعد على تطوير السلطنة والنهوض بأبنائها.

تعليق عبر الفيس بوك