شجعنا القبلية ونتباكى على الإخفاقات

طالب المقبالي

بناء الأوطان يقوم على فكر مثقفيها، وفي عُمان ما زلنا نعتمد في كل شيء على فكر شيوخ القبائل وإن كانوا لا يقرأون ولا يكتبون.

نحن شجّعنا على القبلية ونتباكى على الإخفاقات في انتخابات مجلس الشورى، ونحن زرعنا القبلية وشجعناها ونتباكى على سوء التخطيط في الولايات.

سابقاً كان الاعتماد على لجنة البلدية من حيث إبداء الرأي في المشاريع الخدمية المزمع إقامتها في الولايات كالطرق والمدارس والمستشفيات وغيرها من المشاريع من خلال عرض تلك المشاريع على لجنة البلدية التي يتشكل غالبية أعضاؤها من الشيوخ ومن كبار السن الذين غالبيتهم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون.

فكيف نريد لمشاريع أن تكون مبنية على مرئيات وأفكار علمية مدروسة والرأي فيها مأخوذ من أمييها، فغالبية اللجان تم تشكيلها على هذه الوتيرة.

لجنة البلدية، لجنة الإسكان، لجنة الأوقاف، لجنة التنمية الاجتماعية، لجنة الزراعة وغيرها من اللجان.

ففي الولاية جيل من الشباب المُثقف الواعي الذين نلتقيهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي يندبون سوء التخطيط في ولاياتهم، كما يندبون طريقة انتخابات مجلس الشورى والمجلس البلدي الذي اعتمد فيه البعض على كبار السن من الرجال والنساء الذين لا يدركون معنى الانتخابات.

ففي السنوات الماضية شهدنا بأم أعيننا مآدب الطعام التي أقامها بعض المترشحين للعامة في المجالس العامة أو في الخيام على الطريق كتلك الخيام التي تنصب لتقديم وجبات إفطار صائم من أجل استعطاف المواطنين والتقرب إليهم.

إلا أنّ وزارة الداخلية مشكورة قد تداركت الموضوع وتنبهت له بوضع ضوابط جديدة للدعاية فاختفت هذه الظاهرة حتى الآن. فكم أتمنى أن تختفي أيضًا ظاهرة اقتياد النساء وكبار السن في الحافلات إلى مراكز الانتخابات من أجل التصويت.

ومع إنشاء المجلس البلدي استبشر المواطنون بأن تتطور الأمور وترتقي بدلاً من الاعتماد على الشيوخ في أخذ المشورة في المشاريع المراد تنفيذها في الولايات.

إلا أنّ كثيرًا من اللجان لم تلغ بعد قيام المجلس، وما زالت معتمدة على الشيوخ، في الوقت ذاته فإنّ طريقة انتخابات أعضاء المجلس البلدي أخذت نفس المنحى في انتخابات مجلس الشورى، فاتبع بعض المترشحين نفس الأسلوب والطريقة التي اتخذها نظراؤهم من المترشحين لعضوية مجلس الشورى، فسيق الناخبون في الحافلات إلى مراكز الانتخابات، كما اتّخذ البعض أسلوبًا جديدًا وهو الاعتماد على الفرق الرياضية في القرى والمناطق، حيث تمتلك تلك الفرق قاعدة كبيرة بما يُعرف بالجمعيات العمومية، الأمر الذي أوصلهم إلى المجلس البلدي وهم لا يعرفون ما هو المجلس البلدي للأسف، وما هو الدور المنوط به.

وعودة إلى انتخابات مجلس الشورى والطريقة التي ما زال النّاس متمسكون بها والتي كنّا نتطلع إلى مزيد من الوعي حولها، كتبت منشورًا عبر الفيس بوك أنه قبل أيام زارني في مكتبي زميل لي في العمل وقال لي صوتك أمانة،،،

قلت له نعم، قال وأنا جئتك لهذا السبب!!! أريدك أن ترشح فلاناً فهو أحق بهذا الصوت، قلت له أنت قلت لي إنّ صوتك أمانة، وأنا لا تنقصني الأمانة ولا أعتقد أنك تشك في أمانتي، قال حاشاك، ولكن أنا جئتك لتصوت لفلان فهو يستحق.

فهنا أدرك أن العقول هي العقول، والفكر لم يتغيّر، والمؤسف أننا لن نتطور ولن نتقدم طالما الوعي بهذه الصورة، كذلك سألني أحد الإخوة عبر الواتساب عن نظرتي ومرئياتي حول ترشيحات مجلس الشورى، وقد خاطبني بصفتي المواطن الصحفي الذي يرى الأمور من زوايا لا يراها الآخرون، فأجبته بإجابة مختصرة تسد الطريق عن طلبي للتصويت لشخص بعينه حيث قلت له: اختيار الشخص يجب أن يكون نابعاً عن قناعة شخصية لا بإيحاء من أحد ولا بمحاباة أو مجاملة، كي نؤسس قاعدة برلمانية متينة.

والمؤسف أنّ اعتماد بعض المؤسسات الحكومية ما زال على حاله في الاعتماد على الشيخ والوالي في إثبات شخصية صاحب الطلب، أو شخصية أسرته، في الوقت الذي دأبت فيه مؤسسات الأحوال المدنية مشكورة بإصدار البطاقة الشخصية الذكية التي بإمكانها اختصار الوقت واستغلال التقنية في الأخذ ببيانات البطاقة الذكية في إثبات شخصية المواطن بدلاً من توقيع الشيخ على ورقة أنا أكتب فيها بيانات أسرتي وإن كانت مغلوطة كون الشيخ لا يعلم شيئاً عن أسرتي وأولادي إلا ما أمليه عليه وبالتالي كل ما يقوم به وضع توقيعه على الورقة وغالباً ما يكون بالبصمة كونه لا يقرأ ولا يكتب (أمي).

muqbali@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك