كوتة انتخابية

علي بن كفيتان بيت سعيد

تعرف الكوتة بأنها الحصة التي تمنح للنساء أو الفئات المهمشة في المجتمع في البرلمانات أو المجالس البلدية كون هذه الفئات تمثل شرائح هامة من المجتمع ولا تستطيع إيصال نفسها لهذه المنابر سواء لقلة وعيها أو قلة عددها الذي لا يُسعفها للحضور بموجب الاقتراع المباشر.

تجربة الشورى في السلطنة مرت بمراحل عدة بدأت بالمجلس الاستشاري الذي كان معيناً بالكامل ثم تمّ فتح المجال للاقتراع المباشر ولكن قيد الناخبين بفئات معينة من الشيوخ والأعيان وبعد ذلك صار الاختيار لعموم المواطنين الذين بلغوا سن الاقتراع حسب القانون مع تعيين رئيس المجلس وفي الدورة الأخيرة تم انتخاب رئيس المجلس من بين الأعضاء المنتخبين وبذلك أصبح جميع أعضاء مجلس الشورى منتخبين من الشعب.

ومن الظواهر التي أفرزها المجتمع في هذه التجربة ظهور الجانب القبلي في اختيار أعضاء الشورى وانعكس ذلك على أداء المجلس خلال الدورات السبع الماضية من حيث ضعف الأداء العام ففي الوقت الذي كان يطالب فيه المواطنون بتحسين أمور معيشتهم اليومية عبر تجديد القوانين الحالية واقتراح تشريعات جديدة كانوا يدفعون بأعضاء قليلي الخبرة ومن ثم يلومون المجلس ويوجهون أصابع الاتهام للحكومة وهذان أمران متناقضان فحكومة صاحب الجلالة -حفظه الله - منحت الحق كاملاً لنا لاختيار الأفضل ولكن البعض لا يحرص على استخدام هذا الحق عبر حسن الاختيار!

لا أحد ينكر الدور القبلي في السلطنة إذا ما تمّ توظيفه في الناحية الإيجابية لكننا إذا كرسناه للظهور والتباهي والبحث عن مكاسب على حساب دعم الحكومة وإسداء النصح لها وتصحيح مساراتها عبر رقابة فاعلة ونزيهة للأداء العام دون الارتهان لحب تضخيم الأخطاء وهذا ما برز في الدورة الحالية من خلال بروز الظاهرة الصوتية التي تميل إلى التهكم والتشهير وخاصة أثناء جلسات أصحاب المعالي وزراء الخدمات الذين استضافهم المجلس وهذه الظاهرة الصوتية هي نتيجة حتمية لضعف قدرات بعض الأعضاء فتجد أحدهم يكرر نفس العبارات ويميل للتركيز على الجوانب التي تستثير حفيظة المجتمع، وآخر ينظر إلى الأخطاء بالمجهر ويكبرها في صفحات ملونة ليعرضها بصوت مرتفع أثناء الجلسات.

وقد طورت التجربة القبلية نفسها من مرشح القبيلة الواحدة حتى مرشح الائتلاف القبلي فمرشح القبيلة الواحدة لم يوفق في كثير من الأحيان فشكلت القبائل تكتلات لضمان البقاء مع تقسيم الأدوار بينها والدفع بمرشحي الكوتة القبلية للمجلس دور اشتراط مواصفات لهذا المرشح وفي كثير من الأحيان ينتهي دوره عندما يحتفل التكتل بوصول مرشحه للمجلس ولا يطلب منه أي دور وتنتظر القبيلة الأخرى دورها في الكوتة الانتخابية.

واجهت هذه التجربة نقداً لاذعاً لهولاء المرشحين الذين لم يحققوا الطموح فرضخت تلك التكتلات للدفع ببعض الذين يحملون المؤهلات العليا كمرشحين وهذا اتضح جلياً خلال بعض مرشحي المجلس للدورة الثامنة، رغم أن هناك مرشحين مؤهلين علمياً وحاصلين على شهادات عليا في تخصصات نادرة وفريدة كان يمكن أن يشكلوا نقلة نوعية لأداء المجلس إذا ما حالفهم الحظ .

إنّ تشكل ظاهرة الكوتة القبلية في السلطنة بحاجة للدراسة فإذا سيطرت على اختيار أعضاء المجلس ولم تدفع بالأكفاء للمجلس فلابد من إيجاد حلول عبر تطوير قانون الانتخابات بحيث يعتمد نظاماً بديلاً يحد من هذه الظاهرة مثل ما يعرف بنظام الدائرة الانتخابية الذي يقسم كل ولاية إلى دوائر انتخابية حسب نطاق جغرافي محدد توجد فيه مختلف أطياف المجتمع في تلك المنطقة مما يتيح فرصة لكل شخص يأنس في نفسه الكفاءة لترشيح نفسه والظفر بالفوز إذا ما أقنع ناخبي دائرته.

عندما نكتب عن الكوتة الانتخابية القبلية التي أنتجت أعضاء شكلوا ظاهرة صوتية تحريضية في المجلس فإننا لا نقلل من الدور القبلي في السلطنة ولكننا نطمح أن يكرس في الاتجاه الإيجابي الذي يخدم الوطن والمواطن فعمان تستحق منّا بعد مرور 45 عاماً على النهضة المباركة أن ندفع بالأفضل لإعمارها وتطويرها.

 

alikafetan@gmail.com

 

تعليق عبر الفيس بوك