مواطنون: العاملون في المهن البسيطة أولى بالتقدير والاحترام لاعتمادهم على أنفسهم

الرؤية - مدرين المكتومية

على الرغم مما تمثله بعض المهن البسيطة من فرصة جيدة لبدء مشوارهم المهني اعتمادًا على النفس، إلا أن عددا من المواطنين الذين استطلعت "الرؤية" آراءهم حول تلك المهن يرون أنّ نظرة المجتمع لمن يعملون في تلك المهن ستبقى العائق الأول في عدم انتشار ثقافة العمل في تلك المهن دون انتظار الوظائف الحكومية، وقالوا إنّ إقدام الشباب والخريجين على المهن التي يصفها البعض بـ"الهامشية" خطوة مقدرة تستحق الاحترام والتشجيع، وانتقدوا من يتعاملون مع هذه الشريحة من المجتمع بتعالٍ غير مبرر وكذلك انتقدوا موقف بعض العائلات التي ترفض زواج بناتها من الشباب العاملين في تلك المهن بدعوى أنّ أصحابها لا يضمنون لأنفسهم دخلا مستقرا مثل العاملين في الوظائف الحكومية، وقالوا إن الأرزاق بيد الله لا بيد الحكومات أو أصحاب المؤسسات الخاصة.

وقال خميس المسعودي إن الكثير من العائلات التي تعاني من أوضاع مادية صعبة، يلجأ أبناؤها لكسب قوت يومهم من الأعمال البسيطة التي يصفها البعض بـ"الهامشية" ويتحرجون من العمل بها بدعوى أن دخلها المادي قليل فضلاً عن الوضع الاجتماعي الذي لا يرتضيه البعض، وعلى الجانب الآخر فهناك الكثير من الشباب الذي خاضوا تلك التجربة وأيقنوا أنّ مشروعاتهم الخاصة وإن كانت صغيرة فإنّها وفرت لهم دخول مادية أكبر من وظائفهم التي عملوا بها لفترة طويلة، بدليل إقبال الكثير من الشباب مؤخرًا على العمل في مهنة بيع "المشاكيك" خصوصًا بالقرب من الشواطئ نظرًا لأنّها تدر على أصحابها دخولا مادية كافية لتوفير احتياجات أسرة.

وأشار المسعودي إلى أنّ الأمر لا يخلو أحياناً من تعرض بعض العاملين في تلك المهن إلى مواقف محرجة من جانب بعض المواطنين في حال الإساءة إليهم أو النظر لهم بتعالٍ، أو رفض بعض العائلات تزويج بناتها من هؤلاء العاملين في تلك المهن البسيطة بدعوى أنها غير مستقرة، لكن على الجانب الآخر هناك كثير من المواطنين يقدرون من يعملون في تلك المهن ويبادرون إلى معاونتهم وتشجيعهم ماديا ومعنويا للاعتماد على النفس دون انتظار وظيفة الأحلام التي لا تأتي.

وقال راشد الهنائي إنّ الأعمال الهامشيه تلعب دورا كبيرا في توفير فرص العمل لبعض فئات المجتمع خاصةمن ملوا من البحث وانتظار وظيفة مستقرة في شركة تناسبهم، حتى يمكن القول إنها باتت "مهنة من لا مهنة له". وهي فرصة حقيقية للكثير من الشباب الجادين الذين قد يعتبرونها مجرد بداية لتأسيس مشاريع خاصة في المستقبل القريب. وأضاف: أكن كل الاحترام والتقدير لكل شاب يعمل جاهدا ليلاونهارا لكسب لقمة العيش الحلال بعيدًا عن الاعتماد على الآخرين، حتى وإن ضغط عليه البعض نفسياً بالقول إن المهنة قد لا تناسب وضعه الاجتماعي والتعليمي، لكن مع تطور الأوضاع الاجتماعية بات الكثير من الشبابيتجنبون التفكير في الأعمال البسيطة رغم أن الكثير من الأهالي خاصة من كبار السن يدركون مدى أهمية تلك المهن في توفير فرص عمل لهمفي بيع الخضروات والفواكه التي تجود بهاالمزرعة وآخر يبيع الدواجن والأغنام التي يربيها في منزله، وهناك من الشباب ممن يعيشون على بيع "المشاكيك" على الشارع وجميعهم يزرعون ويحصدون لأجل لقمة العيش، ومخطئ من يعتقد أن تلك المهن لا توفر دخلا مناسبا على المدى الطويل بل إنها تمهد الطريق أمام كل شاب لتطوير مشروع خاص يعمل فيه بنفسه دون حاجة للبحث لسنوات عن الوظائف الحكومية التي لا يمكن أن تستوعب كل شباب السلطنة.

وقال محمد البلوشي إن العاملين في المهن البسيطة لا يزالون يتحرجون من نظرة المجتمع لهم، خاصةفي ظل الطفرة التي تشهدها السلطنة منذ سنوات على مستوى تقدم الحالة الاجتماعية والمادية بين مختلف الفئات، مما دفع الكثير من العائلات إلى رفض تزويج الفتيات لمن يعملون في مهن بسيطة يظنون أنها لن توفر حياة كريمة لبناتهم في المدى القريب، وتفضل عليه من يعمل في وظيفة حكومية حتى وإن كان الراتب قليلاً لكنهم يعولون على أنّه راتب مستقر ومضمون.

وأشار البلوشي إلى سوء معاملة بعض المواطنين لمن يعملون في تلك المهن وتعاليهم عليهم وكأنهم خلقوا لخدمتهم بطريقة مهينة، حيث يتعمد البعض عدم النزول من سيارته والإشارة لمن يعملون في تلك المهن من بعيد ليجلبوا لهم ما يطلبون، رغم أنّ تلك الفئة تستحق التشجيع والتعاطف معها تقديرًا لكفاحهم من أجل لقمة عيش بحرية وكرامة ولو في مجال بسيط. وأضاف: هؤلاء يستحقون أن يحتويهم المجتمع ويدعمهم في مسعاهم لكسب الرزق الحلال دون أن يضغطوا على الوزارات للمطالبة بوظائف تناسبهم، كما أنّ العائلات التي ترفض تزويج بناتها من هؤلاء العاملين في المهن البسيطة ليس بإمكانها ضمان السعادة والاستقرار المادي للفتيات بعد الزواج لأنّ الأزراق بيد الله لا بيد الحكومة أو شركات القطاع الخاص.

وقال محمد الهنائي إن الأعمال الهامشيةوإن بدت بسيطة إلا أن لها دور هام جدا في تخفيف أزمة الوظائف التي لا تستوعب كل الخريجين على اختلاف تخصصاتهم ولو بشكل مؤقت، وهي فرصة حقيقية للاعتماد على الذات بعيدًا عن الاتكالية، وهي السبيل لكل خريج لم يحصل على وظيفته بعد ليعتمد على نفسه، وأكثر العاملين في هذه الأعمال هم أشخاص عصاميين وقادرين على أن يوفروا لأنفسهم وأسرهم دخلامناسبا يساعدهم على الوفاء بالتزاماتهم المادية دون الحاجة إلى مطالبة الآخرين بالمساعدة.

وأضاف الهنائي: أعرف الكثير من الشباب الذين يمتهنون مثل هذه المهن لزيادة الدخول التي يحصلون عليها من الجهات التي يعملون لديها باعتبار أن تلك الرواتب رغم استقرارها إلا أنها قليلة ولا تكفي لتوفر احتياجات الأسرة. كما أن هناك من يعملون في تلك المهن بشكل أساسي نظرًا لأنهم لا يعملون في أي جهات حكومية أو خاصة ورغم ذلك فهم سعداء بما رزقهم الله من قناعة ورضا، ويرونها فرصة للعمل بعيدًا عن تحكمات أصحاب المؤسسات ويرون أنهم بذلك أصبحوا "أسياد أنفسهم" حسب وصفهم، لكن تبقى المعاناة الحقيقة في نظرة المجتمع لهم وكأنهم أخطأوا حين سعوا للبحث عن مصدر دخل حلال دون الاكتراث لطبيعة العمل على المستوى الاجتماعي.

وأكد الهنائي على ضرورة توعية مختلف فئات المجتمع بأهمية التنوع في الأعمال والخدمات التي يحتاجها المجتمع في جميع المجالات، حيث لا يعتمد الأمر على الوظائف المكتبية وحدها، وأضاف: نحن في حاجة لأن يكون هناك اهتمام بهذه الفئة الكادحة من الشباب ونشر قيم الاحترام والتقدير لقيمة العمل في أي مجال، لافتًا إلى أنّ من يعملون في بيع "المشاكيك " على سبيل المثال لا يستحقون من المجتمع إلا كل تقدير ومحبة حيث يعملون في درجات حرارة مرتفعة بينما زبائنهم لا يطيقون البقاء خارج سياراتهم دقائق قليلة لأنهم لا يتحملون ما يتحمله العامل في ذلك المجال، ولا أدل من ذلك على كفاحه من أجل لقمة عيش حلال.

تعليق عبر الفيس بوك