محطات رمضانية.. (2)

خالد الخوالدي

المحطة الأولى

منذ دخول الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك تقوم فئة من الناس هداهم الله بالسؤال عن الإمام السريع في صلاة التراويح ويذهبون قاصدين إليه وميممين القصد على الصلاة خلفه لا لحسن تلاوته وتجويده وخشوعه في الصلاة، ولكن لأنّه يقرأ صغار السور، ويسرع في صلاة التراويح، وخلال الأيام الماضية من هذا الشهر حاولت أن أصلي في أكثر من مسجد حتى اكتشف هل هناك بالفعل أمام سريع وإمام بطيء؟ وهل هم محقون في الذهاب إلى جامع أو مسجد معين للصلاة فيه لأنه سريع؟ وكم الوقت الذي يفرق عن غيره من الأئمة؟ وصليت في ستة مساجد مختلفة ووجدت الفرق بينهم في أحسن الأحوال خمس دقائق أو أقل أو أكثر بقليل وهو وقت قليل جدًا مع ما يقوم به المصلي الذي يقود سيارته من حارته إلى الحارة المجاورة مثلا والذي قد يأخذ أكثر من خمس دقائق، فلماذا هذه العجلة؟ وهل أجبر أحد هؤلاء على صلاة التراويح؟ وهل الصلاة تتطلب الخشوع أو السرعة؟ مع التأكيد أن التخفيف على المصلين هو أمر نبوي من المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولكن ليس القصد من التخفيف العجلة وعدم الخشوع فليرجع كل واحد من هؤلاء إلى صوابه ورشده ويصلي بخشوع لعل الله يقبل منه صلاته.

المحطة الثانية

شهر رمضان المبارك فرصة ذهبية لتعليم الأطفال عددا من القيم والمبادئ الدينية الإسلاميّة التي تنشأ معه وتكون جزءا من سلوكياته ومبادئه فمثلا نعلمه أن الصوم له فوائد كبيرة أقلها أننا نحس بالفقراء والمساكين الذين لا يجدون الطعام وإنما يعيشون على الفتات في مختلف دول العالم. كما أن الشهر الفضيل فرصة ماسية لنعود أطفالنا على الزمن الجميل في التواصل مع الجيران وتبادل الأطعمة معهم ليس من باب ان يذوقوا طبخاتنا وإنما من باب التواصي بالجار الذي أوصى به المصطفى صلى الله عليه وسلم ، كما أن الشهر الفضيل من الأشهر المباركة التي يمكن من خلاله أن نحبب أطفالنا على حب كتابة الله وقراءته وتدبر آياته وحفظ أجزاء منه خاصة وأن الأطفال يعيشون الآن فترة الإجازة الصيفية والتي يجب استغلالها فيما يفيد مع تشجيعهم بالهدايا ورفع روحهم المعنوية نحو السمو والمعالي والذكر الحسن خاصة مع اقرأنهم وإخوانهم وزملائهم.

المحطة الثالثة

إننا اليوم ندخل أهم أيام الشهر الفضيل وهي الأيام العشر الأخيرة وهي أيام لا يمكن أن نحصى قدرها وخيرها وبركتها فقد كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يحرص على كثرة العبادة فيها وقيام ليلها والحرص على أعمال البر والخير وكان من سنته صلّى الله عليه وسلّم الاعتكاف في مسجده خلال هذه الأيام لاغتنام حلاوة الوقت في العبادة وبلوغ ليلة القدر والتي هي خير من ألف شهر، وهذه السنة المحمودة وللأسف الشديد أصبحت من السنن المنسيّة وليس لها ذكر إلا مع قلة قليلة من الناس وأصبح الشباب يحيون ليالي هذا الشهر الفضيل في الملاعب خاصة في العشر الأواخر التي تكون فيها التصفيات النهائية للدوريات والمسابقات الرياضية كما أنّ الملاعب المعشبة الصناعيّة الحديثة أخذت أوقاتا كبيرة حيث يسهر بها الشباب حتى ساعات قريبة من الفجر دون مراعاة للأوقات الثمينة التي تضيع عليهم خلال أيام هذا الشهر الفضيل وخلال العشرة الأواخر منه، وهي دعوة صادقة للجميع أن يحاول استغلال الوقت في هذه الأيام المباركة في العبادة والذكر والقرب من الله سبحانه فهي أيام معدودة ولن تعود مرة أخرى والمحظوظ منا من عاش ساعاتها وأيامها ولياليها ولنتذكر الذين غادروا عنا والذين يتقلبون في الأمراض شفاهم الله وعافاهم ولم يستطيعوا أن يصوموا هذا الشهر الفضيل معنا.

المحطة الرابعة

أتمنى لكم استغلال أمثل للأوقات في هذه الأيام المباركة وصوما مقبولا وذنبا مغفورا وتقبل الله منكم صالح الأعمال، وأدعو الله أن يمكنني لكتابة محطات رمضانية أخرى في الأسبوع القادم وإلى ذلك الوقت أقول لكم دمتم ودامت عمان بخير.

تعليق عبر الفيس بوك