انتخابات الشورى والسباق لشراء الأصوات!

سيف بن سالم المعمري

saif5900@gmail.com

يبدو أنّ الوصول إلى قبة مجلس الشورى أصبح للبعض مغنماً أكثر من كونه تكليفًا بالمسؤولية وأداءً للواجب الوطني، وقد سبق لي الكتابة حول انتخابات مجلس الشورى للفترة الثامنة في مقال سابق بعنوان: "عُمان أولا" وفيه تحدثت عن مؤهلات وسمات عضو مجلس الشورى الذي نريده للمرحلة القادمة، وضرورة أن يكون العضو قادراً أن يغلب مصالح الوطن العليا والابتعاد عن تحقيق المآرب الشخصية وأن تكون رسالته ومنطلقه أن تكون "عُمان أولا" إلا إنني أجد نفسي بحاجة إلى كتابة مقال الحالي لأركز فيه على بعض الممارسات الخاطئة لانتخابات مجلس الشورى لبعض المترشحين الذي تناسوا الغاية السامية والمقاصد النبيلة في تجربة الشورى، ومع أن الباب لم يفتح بشكل رسمي للمترشحين لبدء حملاتهم الانتخابية الدعائية للفترة الثامنة من انتخابات المجلس، إلا أنّ بعض المترشحين بدأ مبكراً من خلال حضوره اللافت والمريب في معظم الفعاليات والمناسبات المجتمعية - إن لم يكن جميعها - بل لم يعد حضوره كالآخرين للمشاركة والتفاعل بل أصبح يقدم المبادرات النوعية غير المسبوقة تارة لتنظيم فعالية وتارة أخرى لرعاية فعالية وثالثة لتقديم هدايا عينية ورابعة لدعم فني، لدرجة أصبح بعضهم يلازم اسمه المطبوعات الإعلانية في الشوارع والطرقات وبطاقات الدعوات للاحتفالات والمناسبات لبعض المؤسسات الحكومية والأهلية، ويستقصد المؤسسات الجامعية والتعليمية والتربوية؛ لكون تلك المؤسسات تضم أكبر شرائح المجتمع من موظفين وأساتذة وأولياء أمور.

ومع أنّ تلك المشاركات والمساهمات لو اتخذت صفة الديمومة دون مزامنتها لمصلحة شخصية مرتقبة لكانت خيراً لصاحبها وبركة له في ماله وصحته وعمره، وسعادة للمجتمع وأجياله، إلا إنّه يحاول من خلالها استعطاف واستجداء الناس وما هي إلا لعبة قديمة ومكشوفة، ولن يستطيع صاحبها الوصول إلى مبتغاه بهذه الطريقة فالمجتمع أصبح لديه القدر الكافي من الوعي، ولن تنفع معه تلك الأساليب الهشة في شراء ذممهم، فالوطن أغلى لديهم من أي شيء آخر.

نعم.. أيّها المترشح/ أيّتها المترشحة لانتخابات مجلس الشورى للفترة الثامنة، إننا لن نرشح إلا من نجد فيه الكفاية والدراية لمن نريد أن يمثلنا في المجلس، ونريد المترشح المتعلم المطلع على التجارب البرلمانية الناجحة؟ ونريد المترشّح الذي لديه الحلول قبل حدوث المشكلة والوقوف بين الناس على مسافة واحدة، فيسمع من الكبير والصغير، الرجل والمرأة، المتعلم، والأمي ويوصل صوته إلى صناع القرار، أيها المرشح لا يهمني أن تكون لديك لبقاقة الكلام بقدر ما يهمني سعة الفكر وجمال المنطق وبعد النظر، ولا يهمني أن تكون أخي ابن أمي أو ابن أخي أو ابن ابن عمي أو عم عمي ونحو ذلك، ولا يهمني أن تكون من قبيلتي، أو من حارتي، أو صديق دراستي؟

لن تشتري ذمتي، ولن أبيع أمانتي، ولن أنسى مسؤوليتي، فأنا أنتخب لمستقبلي ومستقبل أبنائي وأبناء أبنائي؟

فإن كنت صاحب عزيمة وتمتلك ما يؤهلك لحمل أمانة الناس فأقدم وتوكل على الله، وإن كنت تريد أن تصل إلى مجلس الشورى للوجاهة وليقال لك إنك صاحب سعادة، فأرجع إلى حيث أتيت، فهناك من هو أقدر وأفضل منك!

فالمجتمع العُماني وخلال الفترات السبع من عمر المجلس، وصل إلى مرحلة أصبح يعي فيها ما له وما عليه، وخلال الانتخابات القادمة سيختار من هو الأقدر على من يمثله في مجلس الشورى، وستنكشف الأقنعة عن بعض الوجوه التي اندفعت بأموالها تستعطف الناس لشراء ذممهم، فهل ستستمرون في سخائكم وعطائكم ومشاركتكم للمجتمع في أفراحهم وأتراحهم، أم إنّ مُثلكم السامية ستتلاشى بتلاشي طموحاتكم بعضوية مجلس الشورى.

وعلى اللجنة الرئيسية لانتخابات مجلس الشورى للفترة الثامنة مضاعفة جهودها في توعية المجتمع بأهمية اختيار الأنسب والأٌقدر لعضوية المجلس، وتشديد الرقابة على الممارسات الخاطئة لبعض المترشحين والذي يستغلون فيه بعض أبناء المجتمع وحاجاتهم من كبار السن وغير المتعلمين منهم في شراء أصوتهم في مقابل مبالغ مالية زهيدة جداً، أو عطية رمزية، وأن تقف اللجنة سداً منيعاً لأولئك الذي لا يوجد لديهم ما يؤهلهم إلى مجلس الشورى سوى المال، وأن نشعرهم بأنّ محاولاتهم لشراء ذمم الناس بالمال ستكون محاولات يائسة، بل إنّهم يستصغرون أنفسم بها بين المجتمع.

ودامت عُمان في خير وسلام،،،

تعليق عبر الفيس بوك