بلدة "قميراء" بضنك.. آثار ناطقة بتنوّع الحضارة العمانيّة

ضنك - العمانية

تزخر بلدة قميراء التابعة لولاية ضنك بمحافظة الظاهرة بالعديد من المواقع الأثرية التي يقع معظمها في القرى والمناطق المحيطة، وتشير الدراسات التي أجرتها وزارة التراث إلى أنّ قرية قميراء هي إحدى القرى الحيوية في القرون الأولى وذات ارتباط بوادي الجزي في صحار وبات في عبري وتحوي آثاراً للنحاس المستخرج من وادي الجزي الذي يعد أحد معابر التصدير لهذا المعدن.

ومن أهم المواقع الأثرية بالمنطقة مقابر عين بني ساعدة التي تقع في قرية (عين بني ساعدة) جنوب بلدة قميراء وتبعد عنها حوالي سبعة كيلومترات وتضم مقابر دائرية الشكل يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد بحسب تقدير علماء الآثار بوزارة التراث والثقافة .وتتشابه هذه المقابر مع مقابر قرية (بات) بولاية عبري, وتضم مبنيين أثريين بارتفاع ثلاثة أمتار تقريبًا مبنيّة من الحجارة المرصوصة وأحدهما يأخذ شكل المستطيل والآخر على شكل دائري. وحارة قميراء محصنة وتقع بأكملها داخل سور تتخلله ثلاثة أبراج للحماية ويوجد بها بوابات تتحكم في عملية الدخول والخروج، كما يوجد بها الحصن الذي يتوسطها وهو مقر لشيخ القرية، إضافة إلى بئر ماء مجهزة بالآلات التقليدية يقوم برفع المياه ويلجأ إليه في حالة الحصار لسد حاجة السكان من المياه فيما يتوسط الحارة مجلس (السبلة) للاجتماع واستقبال الضيوف.

وحصن قميراء الذي يقع في الجانب الغربي الجنوبي من الحارة هو بيت الشيخ ومقر إقامته وهو مبنى منيع يستخدم للمراقبة حيث إن ارتفاعه وموقعه هيأه لذلك، ويتكون المبنى من طابقين يستخدم الطابق الأرضي للسكن والطابق العلوي للحراسة وبه مكان واسع للجنود وشكله الدائري يسمح له بالمراقبة من جميع الاتجاهات وقد جهز الطابق العلوي أيضًا بفتحات للرماية والمراقبة، كما يوجد به فتحات لصب الزيت الساخن لمنع التسلق إلى الحصن. وقد بني الحصن من الحجارة والطين وبنيت بعض أجزائه من الجص، ويتم الدخول والخروج من الحصن من بوابة واحدة وتحيط به مبانٍ سكنية تابعة له يحيط بها سور عالٍ وبعض الأبراج الصغيرة.

ومن الأبراج التي تحيط بالحارة (برج العقيبة) ويقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من الحارة ويبلغ ارتفاعه نحو عشرين متراً ويستخدم في الحراسة والمراقبة، ويمتاز ببنائه الشاهق المطل على بساتين النخيل وبني البرج من الحجارة والجص وكان آخر بنائه تقريباً في القرن الرابع عشر الهجري, ويتميز البرج أيضاً بوجود بوابة (المدخل الوحيد للبرج) ترتفع 7 أمتار عن سطح الأرض وهذا أحد أساليب تحصين البرج وحمايته، كما توجد في البرج فتحات للتهوية وفتحات للرماية .أما (البرج الشمالي) فيقع في الزاوية الشمالية الشرقية من الحارة ويتكون من طابقين، وصمم لحماية الحارة من جهة الشمال، وبني من الطين والطوب .ويوجد(برج النخل) في الجانب الجنوبي من الحارة تتخلله بوابة تستخدم للوصول الى بساتين النخيل(البلاد ) والفلج الذي يمر ببساتين النخيل، وقد اشتق اسمه من ذلك، وهو مبني من الحجارة والطين، ويتكون البرج من طابقين الدور الـرضي به بوابة للدخول والخروج من الحارة ويتم غلقها بباب خشبي يتميّز بقوته وكذلك بالنقوش التي تظهر عليه وتجلت فيها براعة الصناعة العمانية، أمّا الدور الثاني من البرج فيستخدم للحراسة وصد الهجوم.

وتتميز حارة قميراء بجدار يحيط بالحارة من جميع اتجاهاتها وهذا تطلب وجود بوابات للدخول والخروج من الحارة، وبنيت لذلك ثلاث بوابات من ثلاثة اتجاهات أحدها من الجانب الشرقي وتقع بالقرب من برج العقيبة وهي أشهر البوابات وأكبرها، وأخرى من الجانب الجنوبي من الحارة وهذه البوابة تمر من خلال البرج المسمى برج النخل، وبوابة ثالثة من الجهة الغربية وهي تعتبر مدخلاً للحصن وتميزت هذه البوابات بتحصيناتها حيث يعلو كل بوابة غرفة للمراقبة وكذلك لحماية البوابة.

وتقع بوابة العقيبة في الجانب الشرقي من الحارة وهي أكبر البوابات وتمر منها الجمال المحملة بالبضائع إلى الحارة, وتستخدم أيضا لدخول الناس والبضائع والدواب (الإبل)، وكانت تغلق من خلال باب خشبي ضخم، تسند بجذوع النخل لحمايته من الكسر في حالة محاولة اقتحام البوابة.والبوابة الجنوبية (بوابة النخل) تقع في الجهة الجنوبية من الحارة وتتميز بأنّها تمر من خلال برج النخل، ويستخدمها أهالي البلدة للوصول إلى بساتين النخيل وإلى الفلج، وتغلق البوابة من خلال باب خشبي ضخم تميز بروعة نقوشه، ويحميها البرج الذي يعلوها (برج النخل), وتضم حارة قميراء مساكن مبنية من الطين والحجارة واسقفها من جريد النخل(الدعن) والأخشاب الأخرى التي تتميز بقوة تحملها مثل خشب السدر وجذوع النخل. وتوجد بالقرب من قرية قميراء العديد من الحصون والأبراج منها حصن وبرج (العقير) يبعد عن جنوب بلدة قميراء بـ 5 كلم جنوباً ويستخدمه أهالي البلدة كأحد الخطوط الأماميّة لحماية البلدة من الاعتداء وتكمن أهميّته أيضاً كونه يطل على بساتين ومزارع فلجي (العقير) (وصراح), كما يقع برج الفتح جنوب بلدة قميراء ويبعد عنها حوالي 30 كلم تقريباً وكان يستخدم للمراقبة وصد هجمات الغزاة عن البلدة ومبنياً من الحصى والطين, وأيضا برج (المريبي) وهو برج دائري الشكل يحيط به سور تم بناؤه من الحجار ويعتبر من الأبراج القديمة جداً في قرية قميراء وبرج الرحبة الذي يقع في قرية الرحبة التي تبعد عن حصن قميراء بحوالي 10كلم تقريبا من الاتجاه الجنوبي الشرقي، وقد بني هذا البرج من الحجارة والصين ويطل على بساتين القرية ومزارعها في تلة مرتفعة يصعب على المعتدي السيطرة عليه.

وتضم قرية قميراء مبان حجرية قديمة تحتوي على صخور مقطعة بأشكال منتظمة، وقد أشار علماء الآثار إلى أنها قد تكون نوافذ للقبور ما قبل الميلاد, ويوجد بها مطاحن للقمح (الحبوب) وهي عبارة عن صخور مجوفة يدق فيها القمح والحبوب وتوجد بالقرب من المناطق الزراعية في وادي الحيول والمريبي, كما تشتهر قرية قميراء بوجود مواقع لاستخراج النحاس.

تعليق عبر الفيس بوك