محمد بن رامس الرواس
بذات الزي العسكري والكوفية الحمراء والهيئة التي حُفرت في ذاكرة الأجيال، وبنفس الوقفة الواثقة التي تخفي ملامح الوجه وتكشف ملامح الإرادة، ظهر المتحدث الجديد لكتائب عز الدين القسام ليؤكد أنَّ "أبو عبيدة" ليس مجرد اسم لشخص؛ بل هو أيقونة الرسالة الصادقة في القضية الفلسطينية العادلة ورمزية للشعب الفلسطيني لا يموت بموت قادته؛ بل يحيا من جديد برغم إراقة الدماء التي تصنع الأبطال البواسل.
استمعنا لخطاب ألقاه المتحدث الجديد أبوعبيدة، وهو يفيض بالوفاء، وقد نعى قادة القسام الذين ترجلوا، وفي مقدمتهم الشهيد حذيفة الكلحوت (أبو إبراهيم) الشخصية الحقيقية لأبي عبيدة، ذلك الرجل الذي ظل لسنوات طوال الصوت الهادر خلف اللثام، حامل أمانة الكلمة، وصانع السردية الحقيقية التي هزمت سردية الاحتلال فكان العدو يستمع له مثلما أحرار الأمة يستمعون له لما يحتويه خطابه على الحقائق الدامغة التي لا تقبل التأويل، لقد نَعاهُ رفيق دربه الجديد ليثبت للعالم أن كتائب القسام لا يمكن تجاوزها لأنها أصل راسخ أصيل في كيان الدولة الفلسطينية، وأن دماء القادة هو الوقود الذي لا ينضب في رحلة الصراع الفلسطيني.
لم يكن الخطاب عاطفيًا؛ بل كان خطابًا يحمل لغة القوة. تحدث الملثم الجديد بنبرة ملؤها الفخر عن "التصنيع الداخلي"، مشددًا على أن معجزة العقل الفلسطيني تفوقت على حصار السنين.
وأكد المتحدث الجديد أن "طوفان الأقصى" لم يكن مجرد عملية عسكرية؛ بل جاء ليُعيد ترتيب الحقائق في المنطقة، ويُعيد القضية الفلسطينية إلى رأس أولويات العالم بعد محاولات تهميشها، لقد جاء الطوفان ليُعيد الثقة للأمة بأن التحرير ليس حُلمًا بعيد المنال؛ بل هو مسار يُعبد بالتضحيات والدماء.
رحل الشهيد حذيفة الكلحوت أبو إبراهيم، تاركًا خلفه إرثًا من الثبات، وظهر "أبو عبيدة الجديد" ليُعلن للعالم أنَّ المعركة مستمرة، وأن اللثام سيبقى يغطي الوجوه ليُظهر فقط "الحقيقة" التي يخشاها الكيان الإسرائيلي.
