مسقط- الرؤية
نجح فريق طبي متخصص بمستشفى خولة في إجراء عملية جراحية دقيقة لاستئصال تمدد شرياني في الشريان الطحالي باستخدام تقنية جراحة المنظار، في سابقة تُوثق لأول مرة على مستوى الشرق الأوسط؛ لتؤكد هذه العملية المستوى المتقدم الذي بلغته الكفاءات الوطنية في التعامل مع أدق التحديات الجراحية وفق أعلى المعايير الطبية العالمية.
ويجسّد هذا الإنجاز الريادي المكانة المتنامية لمستشفى خولة الصرح الطبي المرجعي في مجال جراحة الأوعية الدموية والجراحات الدقيقة، ويعكس جاهزية المؤسسات الصحية العُمانية لتبني أحدث التقنيات العلاجية المتقدمة، بما يسهم في إنقاذ الأرواح وتحسين جودة الحياة.
وأوضح الدكتور أحمد بن سالم العوفي استشاري جراحة الأوعية الدموية والحوادث بمستشفى خولة، أن المريضة حضرت إلى المستشفى وهي تعاني من آلام في الجزء العلوي الأيسر من البطن، وخضعت لسلسلة من الفحوصات الطبية الدقيقة شملت الأشعة التلفزيونية والتصوير بالأشعة المقطعية، التي كشفت عن وجود تمدد شرياني في الشريان الطحالي بلغ حجمه نحو (2.8) سنتيمتر، وهو حجم يُصنّف ضمن الحالات عالية الخطورة التي تستوجب تدخلًا جراحيًا عاجلًا نظرًا لاحتمالية انفجاره، وتشير الدراسات إلى أنها قد تكون مميتة في أكثر من 80 بالمائة من الحالات.
وبيّن أن قرار التدخل الجراحي جاء إجراءً منقذًا للحياة؛ إذ اختيرت تقنية الجراحة بالمنظار بدلًا من الجراحة المفتوحة التقليدية، لما توفره من مزايا علاجية متعددة من أبرزها تقليل حجم الجروح، وتسريع وتيرة التعافي، والحد من المضاعفات المرتبطة بالجهازين التنفسي والحركي، فضلًا عن تقليص مدة التنويم بالمستشفى، وهو ما لائم لحالة المريضة وهي أم لطفل رضيع.
وأشار الدكتور إلى أن العملية مثّلت تحديًا جراحيًا بالغ الدقة، نظرًا لموقع التمدد الشرياني الحساس وقربه من أعضاء حيوية كالبنكرياس والمعدة، ووجود تفرعات شريانية دقيقة في منطقة الإصابة، ما يزيد من احتمالية حدوث نزيف حاد أو انفجار في أثناء التدخل الجراحي، إلا أن العملية أُجريت بنجاح تام بفضل التخطيط المسبق، والدقة العالية في التنفيذ، والتنسيق المتكامل بين مختلف الفرق الطبية المشاركة.
وأكد أن المريضة من المتوقع أن تحقق استفادة صحية كبيرة من هذا التدخل الجراحي المتقدم؛ إذ قضي على خطر الانفجار الشرياني المميت بأكمله، وتحسنت حالتها الصحية تحسنًا ملحوظًا ومدة تعافيها أسرع مقارنة بالجراحة التقليدية المفتوحة.
ويعكس هذا الإنجاز الطبي المستوى المتقدم الذي وصلت إليه جراحة الأوعية الدموية بمستشفى خولة، فتوثيق الإجراء أنه أول عملية من نوعها في الشرق الأوسط؛ يُجسّد الكفاءة العالية للفريق الجراحي، والجاهزية المتقدمة لفرق التخدير والتمريض الجراحي التي أسهمت بخبراتها المتخصصة في إنجاح هذا التدخل الجراحي الدقيق.
وحول إمكانية تعميم هذه التقنية مستقبلًا، أوضح الفريق الطبي أن حالات التمددات الشريانية في الشرايين البطنية تُعد من الحالات النادرة، ولا يمكن اعتماد بروتوكول علاجي موحّد لها، إذ تقيم كل حالة فرديًا مع وضع الخطة العلاجية الأنسب لها بناءً على معطياتها السريرية والطبية.
وأكد الفريق أن سلامة المرضى في مثل هذه العمليات الدقيقة تعتمد أساسًا على التواصل الفعّال والتنسيق المستمر بين الجراحين وفِرق التخدير والتمريض، إلى جانب إعداد خطط بديلة سابقة للتعامل مع أي طارئ محتمل في أثناء الجراحة، مع إطلاع المريض عليها قبل التدخل.
ويُسهم هذا الإنجاز في تعزيز مستوى الخدمات الصحية المقدمة في سلطنة عُمان، ويؤكد قدرة المؤسسات الصحية الوطنية، وفي مقدمتها مستشفى خولة، على توظيف الخبرات الطبية المتقدمة وتقنيات جراحة المناظير الدقيقة، بما يعزز الثقة في الكفاءات الطبية العُمانية ويدعم مكانة سلطنة عمان وجهةً واعدةً في مجال السياحة العلاجية.
