حمد الناصري
نشر الكاتب الكويتي عبدالله خالد الغانم على منصّة "X" مقالًا عن "هندسة المركز النجدي والأوقيانوس العُماني" وتحدث بإسهاب مفصّل حول التكاملية الخليجية، وبما أسماها بالنظرية التأسيسية أو الكونفدرالية الخليجية أو منطق "جيوـ بنيوي"، وقد حدد توصيفًا لقابلية التحوّل الخليجي من مجلس تنسيقي إلى كتلة "فوق وطنية" عبر تزاوج مركز سيادي وأشار إليه بـ"السعودية" مع ممَرّ سيادي قوي "عُمان"، وكأنه يُشير إلى بحر عُمان الكبير المفتوح على البحار العميقة والتي تلتقي جميعها عند هذا البحر المفتوح "المحيط العُماني".
وتضمّن المقال توصيف الجُغرافيا، رمال الصحراء الذهبية التي أشرنا إليها في أكثر من مقال وقد أثبتنا قوتها ومكانتها وعظمتها في كتاباتنا القصصية والروائية، فالسعودية مركز الثقل في شبه الجزيرة العربية من حيث الأعداد البشرية ومن حيث الثقل الاقتصادي والمالي في منطقتنا، ولا سيما ثقلها العسكري وميزانيتها الكبيرة عسكريًا التي تتجاوز 70 مليار دولار سنويًا، وأنّ سلطنة عُمان تمتلك سيادة بحرية طويلة، على بحر عُمان وبحر العرب، وكذلك مضيق هرمز.
الغانم، اختزل تجارة النفط عبر هذا الممر المائي الحيوي الدائم في نسبة قدرها 21% من تجارة النفط العالمية، بينما هذا المضيق الحيوي هو العُنق الرئيس للعالم أجمع، والشريان الملاحي الأعظم في منطقة الخليج العربي والأهم حيويًا؛ ممّا يجعله عُمقًا استراتيجيًا وبُعدًا تاريخيًا عميقًا في الصراعات الدولية وتوتّرات المصالح؛ فهو جزء من سيادة بحرية عُمانية مفتوحة على بحر عُمان ومُحيطها البحري العميق الذي تلتقي البحار جميعها في مُحيطه، كأنه نقطة تجمّع لمياه البحار الستة في مياهه البحرية الذي نطلق عليه "المحيط العُماني".
وقد تحدث الغانم عن قاعدة التقارب أو بما أسْماه "المحور العُماني السعودي"، منبع قوة الممرّ البحري، والحقيقة أنّ العلاقات السعودية التاريخية تضرب بجذورها إلى أعمق الامتدادات في تاريخ شبه الجزيرة العربية، فتاريخ عُمان امتداد عميق وحضارتها اكتسبت الثقة القوية ولم تزل باقية في أوجّ عُمقها، بحريًا وانسانيًا وتراثًا ماجدًا، وما تحقق من مصالح مشتركة بين الدولتين العظيمتين- عُمان والسعودية- نابع من مفصل التاريخ في عُمق الرمال العربية، وبما أنّ السعودية عميقة البُعد في الرمزية الدينية "الحرمين الشريفين"، فإنّ عُمان جذورها تمتد إلى بداية التكوين أو لحظة الانشطار الكوني.
إنَّ سلطنة عُمان يشكل امتداها البحري إلى أزيد من 3165 كم حاليًا وهو عُمق استراتيجي، كان في الماضي القريب يصل إلى أبعد من ذلك بكثير.. وكان يُمكن أنْ تحصل على مُحيط بحري مستقل بها وفق شرعية ذلك الامتداد العميق.. فهو ملتقى البحار الستة العميقة.
ولو نظرنا إلى الخرائط البحرية القديمة، نجد عُمان حاضرة ببحرها العميق وذات سيادة على مُحيط بحري مفتوح.
وإنني لأشدّ بيدي على هذا التكامل المُهم بين السعودية وأشقائها في جزيرة العرب، وأرى من الأهمية بمكان حضور اليمن السعيد لما يُشكّله اليمن من قوة مفصلية لهذا التكامل اقتصاديًا وسياسيًا واستراتيجيًا واجتماعيًا؛ فاليمن قوة على الأرض وقوة بُعد مكاني عميق.. إننا مع تعزيز التعاون مع أشقائنا في منطقتنا سياسيًا أولًا، واندماج مباشر اقتصاديًا، وتحقيق قوة تواصل اجتماعيًا، وتعزيز قوة بحرية على الساحة الدولية، من منطلق تحقيق البُعد الاستراتيجي البحري (المحيط العُماني)؛ فسلطنة عُمان تمتلك مقومات بحرية عميقة، وتشكل نقطة تجمّع البحار العميقة الستة، ولها حضارة عميقة ذات قوة، وكُلما كانت بوصلة الهدف آمنة، كانت دافعة للاستقرار، وكلّما كانت القوة في مواجهة التحديات، كانت المصالح فاعلة في منطقتنا.
الخلاصة.. إننا نرى أنّ التوسّع في منطقتنا الخليجية عسكريًا واقتصاديًا واجتماعيًا وعُمقًا استراتيجيًا يُعزز الدافع إلى قوة التكامل؛ فجغرافية المنطقة "جزيرة العرب" واحدة و"الأوقيانوس العُماني" ذو سيادة منذ فجر التاريخ؛ فعُمان امتدت إلى أقصى الشرق الأفريقي وإلى مُحيطها الجغرافي في منطقتنا، ولها تاريخ بحري طويل وعميق في المنطقة، وعليه فإنّ الحق يبدو موجبًا في امتلاك مُحيط بحري يحمل اسْمها؛ نظرًا لموقعها على بحر مفتوح هو بحرها ومُحيطها، ناهيك عن الأهمية الاقتصادية والبُعد الاستراتيجي لموقع السلطنة البحري والامتداد لشبه الجزيرة العربية.
