الحب لا يكفي!

 

 

جابر حسين العُماني 

jaber.alomani14@gmail.com

 

عادةً ما تكون العلاقات البشرية بين أبناء المجتمع الواحد مليئة بالتحديات، فقد تنشأ منها حساسيات تتطور إلى افتعال المشاكل أحيانًا، خصوصًا بين الشريكين داخل الأسرة الواحدة، وعادةً ما يكون ذلك بسبب سوء فهم احتياجات كل طرف للآخر، وهذا يدل على أن الحب بين الشريكين في حد ذاته غير كافٍ، فلا بد من معرفة الاحتياجات الأساسية لكل طرف لجعل العلاقة الزوجية أكثر تماسُكًا واستمرارًا في الحياة.

فماذا يريد الرجل من المرأة؟ وماذا تريد المرأة من الرجل؟ لتكون حياتهما أكثر استقرارًا في الحياة الزوجية.

أما الرجل فله احتياجاته الخاصة التي ينبغي على الزوجة توفيرها له في عالمه الأسري، حتى تضمن له ولها حياة مليئة بالحب والتقدير، خالية من المعكِّرات والمنغِّصات، والرجل بطبيعته يميل دائمًا إلى الشعور بقيمته وتقديره داخل بيته وخارجه، ومن أبرز احتياجاته الآتي:

أولًا: الاحترام والتقدير والإجلال، فالرجل يشعر دائمًا بالرضا والقبول عندما تبادله زوجته الاحترام والتقدير، لذا ينبغي على الزوجة أن تمارس فن الاحترام مع زوجها في كل لحظة من لحظات حياتها، وعدم إهمال ذلك، لأهميته وانعكاسه الإيجابي تجاه الحياة الزوجية.

ثانيًا: أن يشعر بأنه صاحب قيمة عالية؛ فالكثير من الرجال يرغبون أن يكون وجودهم في الأسرة مصدرًا للقيادة، وحضورهم منبعًا للفائدة، وأن وجودهم يحدث فرقًا واضحًا في توفير الحماية للأسرة وتقديم الدعم المناسب لشريك الحياة.

ثالثًا: توفير الحب، فالرجل بحاجة إلى المشاعر الجياشة والصادقة التي تمنحه الأمن والاستقرار والاطمئنان، حتى يتمكن من تحقيق المصلحة العامة لأسرته دون أي ضغوط مفتعلة من الطرف الآخر.

رابعًا: الرجل يحتاج أن يكون مقبولًا بواقعه كما هو، فلا يحب الإجبار على التغيير الدائم، فعلى المرأة أن تتقبله كما هو في جميع صفاته سواء في قوته أو ضعفه.

خامسًا: السلام والاستقرار النفسي، فهو بحاجة ماسّة إلى بيئة هادئة بعيدة عن الصراخ والجدال، وأن يكون التواصل بينه وبين شريكة حياته قائمًا على الحوار الهادئ وليس على النكد الجارح.

أما المرأة فهي شريكة الرجل، وهي بحاجة ماسّة إلى وجوده، فتميل دائمًا إلى البحث عن الأمان والاستقرار العاطفي داخل أسرتها، وبالتالي هي تحتاج من الرجل الآتي:

أولًا: الأمن العاطفي؛ فهي تحتاج من شريك حياتها أن يوفر لها الثقة والاستقرار والحماية، وأن يكون ثابتًا في مواقفه وكلماته، عارفًا بحقها غير جاحد لحقوقها، معترفًا بحبه إياها، مخلصًا فيما يقدمه لها.

ثانيًا: الاهتمام والإنصات لها، فيكون مستمعًا جيدًا إذا تحدثت، معززًا شعورها بأسمى معاني الحب والتقدير والاحترام.

ثالثًا: التعبير الصادق عن الحب، فهي تحب أن تسمع من شريك حياتها كلمات دافئة تشعرها بوجودها ومكانتها في قلبه كزوجة وأم، ويتحقق ذلك بإظهار الكلمات النابعة من القلب مثل قول: "أحبك وأقدرك وأحترمك"، فتلك كلمات تصلح الكثير من المشاكل الأسرية التي قد تطرأ بين الشريكين في الحياة الزوجية المقدسة.

رابعًا: استمرارية الحب بين الشريكين؛ فالمرأة لا تحب من شريكها أن يكون متقلبًا في مشاعره وأحاسيسه، أو متغيرًا معها بين فترة وأخرى، إنها تحتاج من شريكها الاستمرار في إظهار الحب والعطف والحنان، وأن يبقى ثابتًا في نواياه الصادقة تجاهها.

خامسًا: الدفء في المعاملة الإنسانية، ويتجلى ذلك في اللمسات والكلمات والنظرات التي تمنحها شعورًا بالأمان والاستقرار والانتماء إلى شريك ناجح في الحياة الزوجية.

سادسًا: الرحمة، وهي من الموارد المهمة التي تحتاجها الزوجة من شريك حياتها، وتتجلى في مراعاته لظروفها الصحية والجسدية والنفسية وما تمر به من تقلبات تحتاج فيها إلى لطفه ودعمه المستمر. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "خير الرجال من أمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ويحنون عليهم".

إن الشراكة الحقيقية بين الزوجين ليست مجرد ارتباط عاطفي؛ بل مشروع إلهي متكامل لحياة مطمئنة ومستقرة، يتطلب من الطرفين الحكمة والوعي لضمان علاقة زوجية ناجحة تقوم على الاحترام والتفاهم المتبادل والدعم المستمر بلا كسل أو كلل أو ملل.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

الأكثر قراءة

z