خلفان الطوقي
كتبتُ عدة مقالات حول موضوع الاقتصاد العُماني والأجانب، وكلما تطرقت إلى هذا الموضوع أجد نفسي مُلزمًا بأن اتطرق إليه مرة أخرى من زاوية مختلفة، والسبب حجم التفاعل بعد كل مقالة، وأهمية هذا الموضوع الذي يمس مُعظم أفراد المجتمع عُمانيين ومُقيمين بشكل مباشر أو غير مباشر، عليه؛ فالموضوع مُتجدِّد، ويحتاج إلى مزيد من تسليط الضوء والدراسة الميدانية العميقة، وتطويره وتحسينه باستمرار.
قانون الإقامة والهجرة نابض بالحياة عند متخذي القرارات، وهناك مبادرات عديدة قامت بها الحكومة لجذب مزيد من البشر إلى عُمان، وآخر هاتين المبادرتين هما: الإقامة الذهبية، والإقامة الثقافية، إضافة إلى مبادرات أخرى، والسؤال الواجب طرحه: هل على يجب أن تستحدث مثل هذه المبادرات؟ أو أن تتوقف تمامًا؟
الجواب الذي أجده مناسبًا هو أن تستحدث مبادرات نوعية أخرى لجذب مزيدٍ من السكان إلى عُمان؛ فالجذب ليس بالضرورة أصحاب رؤوس الأموال فقط؛ بل المكسب يكون في التعددية والتنوع الذي يؤدي إلى تلاقح الثقافات والأفكار التقدمية التي تستطيع استشراف المستقبل بفرصه وتحدياته، وكيفية الاستفادة القصوى منهما.
حان بعد 55 عامًا من مسيرة عُمان الحديثة، أن نجيب على السؤال الجوهري من نُريد من غير العُمانيين أن يأتي إلى عُمان؟ ولماذا نُريدهم؟ وأن نجيب بكل شفافية وصراحة: لماذا التوجس والتخوف من البعض من الأجانب؟ وهل هذا التوجس من المواطنين البسطاء أو من المشرعين ومتخذي القرار؟
حان الوقت أن تكون خارطة من نسعى إلى قدومهم واضحة من أصحاب المهن والمهارات والأفكار والملاءة المالية، فأي أجنبي ذو قيمة مضافة، تكون عوائده أضعاف مخاوفنا منه، ومُعظم هذه الهواجس أن تم تفتيتها وتفنيدها ستجد أن الهواجس في أحيانٍ كثيرة مبالغا فيه وغير مبررة، ولها مُعالجات سهلة وعديدة.
لا يمكن للاقتصاد العُماني أن ينمو مع المعطيات والظروف الحالية؛ فهو يحتاج إلى عوامل إضافية منها توفر عوامل عديدة منها أرقام إضافية من البشر تتناسب مع الخدمات والسلع المتوفرة في السوق المحلي، ومضاعفة رؤوس أموال، وأفكار ومبادرات نوعية مبتكرة، ولن تتوافر هذه العوامل إلا من خلال مزيد من استقطاب وتسهيل دخول الفئات المختارة من الأجانب، بترويج إضافي، وبدون شروط تعجيزية.
هناك استحقاقات عديدة ومعقدة في انتظار عُمان خلال الخطة الخمسية الحادية عشرة، وهو الربع الثاني من رؤية "عُمان 2040"، وسوف تكون تحديا حقيقيا، وما علينا إلّا أن نحدد من نريد من الأجانب دون هواجس مبالغة، أو تنمر من البعض، أو قرارات ارتجالية بناء على رِدَّات فعل لحظية دون دراسات علمية دقيقة، أضف إلى ذلك أن عُمان دولة قانون وقوية وعليها أن لا تخشى من أحد، كما أن عليها أن تؤمن بأنَّها دولة سلام وتسامح، والتعددية الفكرية سوف يجعلها أقوى وأسرع في ديمومة التنمية المستهدفة، دون قلق أو أوهام البعض، ودروس التاريخ قدمت لنا الدروس والعِبر.
