من الإمام المؤسس إلى هيثم المجد.. تاريخ مشرق وإنجازات خالدة

 

 

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

القادة العظام يبقون في أذهان شعوبهم عبر لأزمنة المختلفة فرصيدهم يكون حاضر في القلوب والافئدة التي تجعل كل الناس تُعبِّر بصدق عن إن إنجازاتهم وتذكر بأعمالهم الفريدة عبر الأجيال، ذلك لكونها أي الأعمال تميزهم عن غيرهم؛ ويمكن وصف ذلك بـ"كاريزما" القيادة والرشد في إدارة شؤون الدولة؛ أو ما يعرف بفن القيادة الذي يفتح الأفق ويمد الجسور بين القائد والرعية، ويزيل الضبابية بين الحاكم وشعبه.

قيادة النَّاس وإدارة شؤونهم باقتدار نحو المستقبل المُشرق، ليس بالأمر السهل أو الهين؛ بل يعد ذلك من أهم فنون الإدارة المعاصرة وأصعبها على الإطلاق، وقد أنعم الله على عُمان بقيادات حكيمة تعمل بلا كلل أو ملل لتحقيق آمال وطموحات المجتمع العُماني بكل أطيافه، في هذه الأيام النوفمبرية الخالدة ونفحاتها التي تأسر العقول؛ تختلط المشاعر الوطنية النابعة من الوفاء الصادق والإخلاص لعُمان وسلطانها صاحب النظرة الثاقبة الذي يقود بحكمة واقتدار سفينة الوطن نحو المجد. فوطننا العزيز في موعد مع مناسبة مجيدة كتبت بماء من ذهب، لإنها تذكرنا جميعا بذكرى خالدة وعزيزة على قلوبنا جميعا؛ ألا وهي اليوم الوطني الذي يتزامن مع الذكرى رقم 281 لتأسيس الدولة البوسعيدية وسط إنجازات تعانق السماء موقعة بعبق تاريخ الدولة البوسعيدية وبصمة سلاطينها الميامين، بدايةً من الإمام المؤسس أحمد بن سعيد الذي يعود له الفضل بعد الله في طرد المحتلين الفُرس وتوحيد البلد تحت رأيته ثم انتخابه إمامًا بإجماع العُمانيين من أهل الحل والعقد في ذلك الوقت؛ مرورًا بسلاطين عظماء بإنجازاتهم الوطنية ومواقفهم المشرفة للوطن والأمة؛ إذ يبرز من تلك الكوكبة من الزعماء والقادة الذين تولوا حكم عُمان في عهود مختلفة، وكان هاجسها وغايتها الأولى المحافظة على أمن الوطن، واستقرار شعبها؛ بل وحتى استقلال قرارتها السيادية في أحلك الظروف وأصعبها؛ اثنان من الأسماء التاريخية التي لا يمكن لها أن تنسى من ذاكرة العُمانيين القاصي منهم والداني على حد سوى وهما: أولا؛ السلطان سعيد بن سلطان الذي امتد حكمه من 1806 إلى 1856؛ أي في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وقد نجح في تأسيس امبراطورية عظيمة مترامية الأطراف يُشار لها بالبنان في ذلك الوقت، امتدت من جنوب شرق الخليج العربي إلى شرق أفريقيا.

وقد كانت عُمان وأحدة من أهم وأكبر الإمبراطوريات في ذلك الزمن من حيث المساحة وكذلك الأساطيل البحرية العابرة للبحار والمحيطات في الشرق والغرب؛ والأهم من ذلك كله الازدهار الاقتصادي والتجاري الذي كان غطى إقليم بلوشستان شرقًا إلى زنجبار في القرن الأفريقي غربًا.

وفي القرن العشرين وبالتحديد في عام 1970، كان هذا البلد العزيز على موعد مع فجر جديد من العقود المشرقة بالأمن والاستقرار والمنجزات التي تعانق عنان السماء؛ إذ أطل من جديد على الأرض العُمانية عهدٌ مبارك ونهضة تنموية مستدامة كتب صفحاتها المضيئة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- الذي نجح من جديد في بعث الماضي التليد للغبيراء، وأبحرت السلطنة بقيادته الحكيمة نحو حضارة القرن العشرين بما تحمله من تنوير ونجاحات، وكان السلاح الفتاك المستخدم محاولة القضاء على ثالوث التخلف: الجهل والمرض والفقر، من خلال استخدام العِلم والمعرفة في نشر الفكر وتأسيس دولة المؤسسات؛ وبناء هياكلها المختلفة ودعوة المواطنين المهاجرين في دول الخليج وأوروبا بالعودة والمشاركة في خدمة الوطن؛ حيث شهدت البلاد مشاريع اقتصادية شامخة وعملاقة، وانفتاح ثقافي مخطط له راع الثوابت والقيم العُمانية؛ والهوية الوطنية والاستفادة من الثورات العلمية والإنتاج الفكري الذي يجعلنا نتواصل مع الثقافات والشعوب الأخرى في أرجاء المعمورة.

وفي هذه المرحلة التي تعيشها سلطنة عُمان وهي تحتفل بيوم 20 نوفمبر المشرق، في كنف قائدنا الفذ حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- الذي ينتمي إلى إرث إمبراطوري عظيم، وتعد أسرته هي الأقدم والأعرق في الحكم في الجزيرة العربية، وهو جدير بالتقدير والثناء لمقامه الرفيع، وأخلاقه العالية وتواضعه المنقطع النظير، والأهم من ذلك كله قربه من أبناء هذا الوطن وحبه الأبدي للتراب الوطني المقدس.

وفي الختام.. عُمان اليوم وهي تعيش أجمل عهودها نحو المستقبل الزاهر، الذي أجاد سلطان الفكر في كتابة فصوله المضيئة؛ فإنها بلا شك في طريقها لتحتل مكان الريادة بين الأمم حسب رؤية "عُمان 2040" الذي يُعد السلطان "هيثم المجد" المهندس الحقيقي لها، وقد وضع نصب عينيه الكريمتين، أن تكون السلطنة في مقدمة دول العالم في مثلث التنمية المعروف بأبعاده: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

إنَّ عُمان تنتظر منا جميعًا رد الجميل والإخلاص للوطن والولاء للسلطان هيثم والمحافظة على الإنجازات التي تحققت على أرض سلطنتنا الغالية التي في واقع الأمر لا يُنكرها إلا ظالِم.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

الأكثر قراءة