عُمان.. نهضةٌ متجددة تُزهر من جذور الأصالة

 

 

 

حمود بن سعيد البطاشي

 

في العشرين من نوفمبر من كل عام، تتجدّد في القلوب ذكرى وطنٍ استثنائي، وتتعانق فيه الحكاية بالتاريخ، والمُستقبل بالإرادة. إنِّه اليوم الوطني العُماني، يوم الولاء والانتماء، يوم تستعيد فيه الذاكرة رحلة الإنسان العُماني في بناء وطنٍ يصنع المجد بالصبر، ويزرع الأمل بالعمل.

لم تكن النَّهضة التي أطلق شعلتها القائد الراحل السُّلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- حدثًا عابرًا في تاريخ الأوطان؛ بل كانت ميلادًا جديدًا لعُمان الحديثة. نهضةٌ شاملة قامت على رؤيةٍ إنسانيةٍ عميقة وضعت المواطن في قلب التنمية، ورسمت ملامح دولةٍ تؤمن بأنَّ التقدم لا يُقاس بارتفاع البنيان فحسب؛ بل بسموّ الإنسان وكرامته.

واليوم، وفي عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- تتواصل المسيرة بخُطى واثقة نحو مستقبلٍ تُضيئه رؤية "عُمان 2040"، التي تُجسّد فكر القيادة وتطلعات الشعب نحو وطنٍ أكثر ازدهارًا وتنوعًا. رؤيةٌ لا تكتفي بالبناء المادي، بل تسعى لترسيخ قيم المشاركة، والإبداع، والمسؤولية الوطنية في كل مجالٍ من مجالات الحياة.

عُمان اليوم لا تكتفي بإنجازاتها؛ بل تُراجع ذاتها لتتقدّم بثباتٍ نحو الأفضل. من التعليم إلى الاقتصاد، ومن البيئة إلى التقنية، ومن تمكين الشباب إلى تنمية القرى والولايات… كلها مسارات تسير بروحٍ واحدة: أن تكون عُمان نموذجًا تنمويًا راقيًا يجمع بين الأصالة والحداثة.

وفي هذا اليوم المجيد، تتجدد فينا مشاعر الفخر والعرفان؛ فكل لبنةٍ في مدرسة، وكل طريقٍ يربط قريةً بمدينة، وكل مشروعٍ تنموي يُبصر النور، هو شاهدٌ على مسيرةٍ وطنيةٍ بدأت بالإيمان واستمرت بالعطاء.

إنها نهضةٌ تتجدد في فكر المواطن وسلوكه، في التزامه بالمسؤولية، وفي إخلاصه لعمله، وفي وعيه بأنّ حبّ الوطن لا يُختصر في احتفالٍ أو نشيد، بل يُترجم إلى جهدٍ يومي، وإتقانٍ في الأداء، وصدقٍ في النية.

في عُمان، تعلّمنا أن البناء لا يكون بيدٍ واحدة، وأن الوطن لا ينهض إلا بتكاتف أبنائه. تعلّمنا أن قيم الوفاء والتسامح ليست شعارات، بل ثقافةٌ راسخة في وجدان كل عماني. وتعلّمنا أن قيادتنا الرشيدة كانت ولا تزال تُصغي لصوت المواطن، وتفتح أمامه أبواب المشاركة في صنع القرار، لأن الوطن للجميع، والنهضة مسؤولية الجميع.

وفي خضمّ التحديات العالمية، تبقى عُمان ثابتةً على مواقفها، نقيّة في سياستها، متزنة في رؤيتها، وفيةٌ لمبادئها في نشر السلام والتَّعايش. هذه الثوابت التي جعلت منها وطنًا يُحتذى به في حكمته واعتداله، ومجتمعًا يعتز بهويته العُمانية الأصيلة ويُواكب العالم بروحٍ منفتحةٍ ومتوازنة.

إنّ العشرين من نوفمبر ليس يومًا للاحتفال فحسب؛ بل موعدٌ مع الذات، لنُجدّد العهد بأن تبقى عُمان في القلوب قبل الخرائط، وفي السلوك قبل الكلمات. هو يومُ انتماءٍ صادقٍ نُعبّر فيه عن وفائنا لقيادتنا ووطننا بما نستطيع من عطاءٍ وإخلاصٍ وإبداع.

سلامٌ على هذه الأرض التي تنبض بالحياة، وسلامٌ على قائدٍ يسير بها نحو المستقبل بخُطى واثقةٍ ورؤيةٍ بصيرة.

كل عامٍ وعُمان بخير، وكل عامٍ ونحن نكتب بمداد الوفاء فصلًا جديدًا في كتاب نهضتها المتجددة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة