د. أحمد بن علي العمري
حزَّ في نفسي كثيراً كما يحزُّ في نفس كل عُماني مُخلص أو حتى مُقيم غيور على هذا البلد العزيز الضارب بتاريخه في جذور التاريخ المختلفة والمتنوعة أن تبيع مجموعة محمد البراوني العملاقة حصة من شركة "محمد البرواني للخدمات النفطية" إلى شركة أدنوك المملوكة لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة والجارة العزيزة، ونحن عينان في وجه واحد ووجهان لعملة واحدة ولكن المصالح قد تختلف والمشارب قد تفترق.
ولنبحث في كيفية تكوين الشركات العملاقة للاقتصادي الكبير محمد البرواني، فقد بدأ الرجل حياته في شركة "PDO" ثم بدأ بعقليّته التجارية المتميزة ونبوغه الاقتصادي في تأسيس تجارته الخاصة وفي كل مراحله إلى العمل التجاري الحر، كانت وما زالت سلطنة عُمان داعمة له ومؤيدة لمساره والساندة والمتعاضدة معه؛ لأنها رأت فيه الطموح والرؤية البعيدة والفكر والمنهج والتخطيط السليم والمضي نحو الهدف بكل عزم واقتدار؛ فآمنت به وساعدته للوصول إلى مآربه ومقاصده، مثل ما دعمت غيره وعززت اقتصادات مختلفة في السلطنة لتوصلهم إلى مبتغاهم آملة أنه عندما يقوى عودهم ويكبر مقامهم ويكون لهم الأمر والشأن، أن يقفوا معها ويذكروا ما بذلته لهم بلدهم ويردوا ولو بشيء الجميل لمن وقف معهم في بداياتهم وصعوبة تكوينهم، وعلى الأقل يساعدوا ولو بالقليل في توظيف الباحثين عن عمل الذين بدأوا يزيدون ويرمون بثقلهم على الدولة، ويخففوا معاناة البلد والمواطن.
أما أن يعطوا الظهر لهذا ويسعوا إلى المكاسب الشخصية… فهذا غير مقبول وليس من المنطقي ولنسأل هنا وأنا لا أقصد الرجل بشخصه وحاشا لله؛ بل نحن جميعاً نفتخر به ونتباهى بما أنجزه وإنما الحديث عن مؤسسته التي فضل هو أن يسميها باسمه، ولنقول هل محمد البرواني محتاج للفلوس حتى يبيع؟!
وإذا كان كذلك فلماذا لا يبيع إلى جهاز الاستثمار العُماني أو إلى إحدى الشركات البارزة والاقتصادات الرائدة ولنذكر على سبيل المثال وليس الحصر الزواوي والزبير وبهوان والمعشني ومحسن حيدر درويش وغيرها الكثير من الشركات التي تسهم مساهمة فعالة ومجدية في الاقتصاد وقائمة بالواجب وشاكرة لفضل الحكومة عليها.
ويا ترى بعد امتلاك أدنوك لشركات النفط الخاصة بالاقتصادي المُتميز محمد البرواني ويتقدم للعمل في الشركة، مواطن إماراتي شقيق مع مواطن عُماني، فلنسأل أيهما تكون له الأفضلية؟ شيء طبيعي أن تكون للإماراتي الشقيق وهذا حقه.
والسؤال الآخر هل ترضى دولة الإمارات الشقيقة والجارة العزيزة أن تشتري شركة عُمانية شركة "أدنوك" أو تستحوذ عليها؟ الإجابة بالطبع كلا وألف لا، وهذا حق طبيعي ومشروع لا يختلف عليه اثنان ولا نلومهم في ذلك أبداً ولكن اللوم يقع علينا ومنَّا وفينا.
إذن أين وزارة الاقتصاد ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وجهاز الاستثمار العُماني عن هذا التصرف الغريب؟ أم أن الأمر كما يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب العروض وأستاذ سيبويه: "أعلمه الرماية كل يوم // فلما أشتد ساعده رماني".
إننا كعُمانيين يحز فينا هذا الأمر ويبلغ فينا مبلغ الذروة، فلا نريد أن نحترق ولا نريد لبلادنا أن تتأذى ولا نريد العقوق من أولادها لها.
من ناحية أخرى صرح الرئيس التنفيذي لشركة Ducab الإماراتية أنهم استحوذوا على كابلات عُمان، وبعد التحري والتقصي أتضح أنهم استحوذوا على المصنع الوطني للكابلات في صلالة وليس على كابلات عُمان نفسها وهما شركتان مختلفتان. وهذا أيضاً مصاب اقتصادي عظيم. ويجب أخذ الحيطة والحذر وعدم الاستهانة والمتابعة الدقيقة لكل شاردة وواردة.
وربما يتطلب الأمر استحداث تشريع يقترحه مجلس عُمان بشقيه الشورى والدولة يكون بموجبه عدم مغادرة الشركات الكبيرة السوق المحلية دون موافقة الدولة وتحت إشرافها ومن يريد أن يبيع فليعرض محليا أولاً وهذا حق الشفعة، الأمر الذي أمر به الدين على أقل تقدير؛ لأنه إذا استمرت الأمور على هذا المنوال فسوف يقع الثقل كله على الحكومة وحدها بلا معين ولا مساند.
ونحن عندنا رؤية نريد أن نحققها وعلينا ديون نتمنى أن نسددها ولدينا مشاريع تنموية نريد أن ننجزها وهناك أهداف اجتماعيه نطمح أن نحققها.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
