من يُنفِّذ التوصيات؟

 

 

 

 

السؤال الأكثر إلحاحًا الآن: من يملك سلطة تحويل التوصيات إلى واقع قابل للتطبيق وضمان آليات النجاح؟

 

ريم الحامدية

reem@alroya.info

 

في كل يوم من أيام عُمان الخالدة تفتح الوزارات والقاعات على أصوات مُفعمة بالحماس، حيث تلقى الكلمات وترفع الشعارات وتدون التوصيات بأحرف مُنمقة على الأوراق، نصفق للأفكار ونغادر الأماكن وفي صدورنا أمل بأنَّ الغد سيحمل ثمرة ما زرع اليوم، لنكتشف أنه ما أن يغلق الضوء وتطوى المقاعد حتى تعود الأسئلة القديمة لتسكن الأذهان، أين تذهب التوصيات التي خرجت بها المنتديات والملتقيات؟ ومن المسؤول عن تحويلها من وريقات إلى واقع نعيشه ونلامسه؟

كم من مؤتمر ولدت فيه الأفكار؟ وكم من منتدى احتفى بالرؤى والمشروعات وتوقيع الاتفاقيات؟ لكن التنفيذ ظل مؤجلاً وكأن بين القول والفعل مسافة تهدر فيها الأحلام. فبين كل هذا وذاك هناك فجوة حقيقية لمتابعة ما تخرج به فعاليات سلطنة عُمان من توصيات ومن الإصرار على تحويل الحلم إلى فعل ملموس على أرض الوطن.

ولا شك أنَّ المؤتمرات والمنتديات منابر فاعلة لتبادل الخبرات وصناعة الرؤى المستقبلية غير أن معظمها لا يتجاوز حدود الورق المركون على الطاولة، تعلن التوصيات في ختام الجلسات بصيغة تلامس الطموح، لكنها ما تلبث أن تهمل في زحمة الأولويات والإجراءات البيروقراطية التي تستهلك الفكرة قبل أن تنفذ، وهنا يبرز السؤال الجوهري من الجهة التي تتابع؟ ومن يملك سلطة تحويل التوصيات إلى واقع تطبيقي؟

وفي كثير من الأحيان تُلقى هذه المسؤولية في فضاء مبهم بين الجهة المنظمة والجهات المشاركة ذات العلاقة، فلا يعرف من يحاسب إن غابت النتائج ولا من يشكر إن تحقق النجاح، فما النتيجة؟ توصيات تتكرر كل عام وكأننا نعيد صياغة الحلم نفسه بألف طريقة دون أن نخطو نحوه فعلياً.

هناك فجوة كبيرة بين الفكرة والتنفيذ وأنظر لها- بمنظوري الشخصي- تكمن المشكلة في غياب منظومة واضحة تلزم الجهات المعنية بمتابعة ما خرجت به المؤتمرات والمنتديات من نتائج؛ إذ إن غياب إطار مؤسسي يضمن المتابعة، يتسبب في تحويل الجهود إلى مشاهد احتفائية أكثر من أنها محرك للتغير؛ فالواقع يثبت أن ما يصنع الفرق ليس كثرة التوصيات ولا حجم الخطابات؛ بل وضع آلية تنفيذ ومساءلة ومؤشرات قياس واضحة.

لو تساءلنا كم من توصية لو أنها وضعت محل تطبيق لتبدَّل وجه قطاع كامل؟ ما يدفعنا للقول إن المؤتمرات والمنتديات ليست غاية في ذاتها؛ بل وسيلة فاعلة لإحداث التغير والتحول والنتائج الحقيقية تقاس بما ينفذ لا بما يُقال.

ربما آن الأوان لإعادة النظر في تنفيذ التوصيات التي تخرج بها المنتديات والمؤتمرات وتُترجم إلى واقع ملموس وتتحرك التوصيات ونثبت أن مسؤولية المنتدى لا تنتهي عند انتهاء ساعات المنتدى أو المؤتمر؛ بل تبدأ حين تترجم الأفكار إلى إنجاز حقيقي.

وفي ختام كل منتدى ونهاية كل مؤتمر تبقى التوصيات كالبذور التي تحتاج من يرويها بالعمل والمتابعة، وقد آن الأوان لنكسر هذه الفجوة ولنرى المسؤولية تبدأ بعد التصفيق لا عنده حينها فقط ستتحول المنتديات والمؤتمرات من شعارات إلى مشاريع حقيقية تحدث فرقًا ملموسًا على أرض الوطن.

الأكثر قراءة