د. أحمد بن علي العمري
مثل عُماني صرف ومعروف أحببت أن أقرأه بتمعن وأحلله بإيجابية في هذا المقال البسيط؛ حيث يقول لا تزرع شجرة النارجيل والتي هي جوز الهند والمعروفة محلياً بالمشلي في صحار وهي حاضرة شمال الباطنة، ولا نخلة الفرض وهو أفضل أنواع التمور العمانية، في ظفار، وهي طبعاً محافظة ظفار، طبعاً لله الكمال ويعني المثل أو يضرب لمن يقول قولا أو يفعل فعلاً في غير مكانه ولا موضعه ولا حتى بيئته.
وقد يكون هذا الجانب السلبي من المثل أو المقولة أما الجانب؛ بل الجوانب الإيجابية فيه كثيرة ومتعددة ومتفرعة ودائما وأبداً الناجحون في الحياة والمحبون لأوطانهم ينظرون دائماً للجزء المليء من الكأس وليس الجانب الفارغ منه.
من هذا التوجه وهذا المنظور يتوجب أن ننطلق ونؤمن ونعتقد بل ونجزم أن سلطنة عمان بلد مترامي الأطراف متعدد الجغرافيا والتضاريس ففيها البحار حيث شواطئها تمتد لأكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر وفيها السهول والتلال والهضاب والجبال والصحاري الممتدة على بعد النظر والرمال المتموجة، هذا بالإضافة للوديان والكهوف والمغارات والمنحدرات والارتفاعات التي تعلو لما فوق السحاب وترى بالعين المجردة السحب وهي تعبر من دونها كما يحصل في الجبل الأخضر في الداخلية وجبل سمحان وشعث في ظفار.
ولهذه الأسباب تباينت الثقافات وحتى العادات والتقاليد والأعراف والفنون والأكلات وأنواع اللباس وخاصة عند النساء حتى وإن كانت في إطار موحد أو منظومة واحدة ومتكاملة ولله الحمد والمنة، مما يعني أن عمان عدة دول في دولة واحدة إن جاز التعبير متآلفة متحابة متعاضدة متساندة متعاونة بل ومتكاملة إلى أعلى درجات الكمال والتوافق.
صحيح لكل منطقة أو محافظة أو حتى ولاية خصوصيتها ولكن الإطار العام شامل ومتوحد، بالطبع عمان بلد غناء وبلد زراعي وما وجود منظومة الأفلاج وهندستها التاريخية المتميزة إلا دليل على ثرائها الزراعي فعندنا على سبيل المثال وليس الحصر الليمون والمانجو أو الهمبة كما يطلق عليه محلياً يوجد في صحار أو الباطنة بينما اللبان والنارجيل أو المشلي والبيذان والموز وهو أفضل أنواع الموز في العالم ويوجد في ظفار وكما يقول الشاعر الراحل جمعان ديوان رحمة الله عليه: فلانة طعمش حالي.. كما موز المعمورة.
وعندنا الرمان وماء الورد في الجبل الأخضر أما في سمائل فإن الفرض فيها يتمايل، وكثير غيرها… وتكاد تجمع جميع المحافظات على زراعة التمور بكل أنواعها والبطيخ أو الجح كما يطلق عليه محلياً بالإضافة إلى جميع أصناف الخضراوات والفواكه المختلفة وبشتى أنواعها.
لهذا نرى لمسندم خصوصيتها وللباطنة ملامحها وللبريمي انفراداتها وللظاهرة مزاياها وللداخلية تراثها وللشرقية نهجها وللوسطى طابعها ولظفار أسلوبها.
طبعاً عندما نقول الباطنة فلدينا محافظة شمال الباطنة ومحافظة جنوب الباطنة وأيضاً عندما نقول الشرقية فلدينا محافظة شمال الشرقية ومحافظة جنوب الشرقية.
ولكن جميع هذه الخصوصيات والملامح والانفرادات والمزايا والتراث والنهج والطابع والأسلوب كلها تندمج وتتكامل وتتوحد وتنصهر في محافظة مسقط عاصمة السلطنة لتخرج لنا التلاحم والتآخي والوحدة الوطنية المتكاملة المنقطعة النظير.
لله درك يا بلد وربنا يحرسك ويعزك ويسمو ويعلو مجدك التاريخي المميز.
حفظ الله عمان وسلطانها وشعبها.