حبر على ورق

 

 

محمد بن رامس الرواس

اجتمع رؤساء دول العالم وألقوا خطابات مطوّلة، وأصدرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرارات متتابعة، بعضها يدين العدوان الإسرائيلي على غزة، وبعضها يطالب بوقف إطلاق النار، لكن كل تلك القرارات لم تتجاوز حدود حبر الأوراق ولم تؤدِّ إلى حلول لأنها غير ملزمة ولا تمتلك الآليات التي تُوقف نزيف الدم أو تمنع القصف المستمر.

بقيت الحروف حبرًا على ورق في أرشيف الأمم المتحدة، فيما الواقع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم بقطاع غزة والضفة والآن محاصرة سكان القدس عبر إغلاق المعابر مع الأردن.

لم تتجاوز مواقف الأمم المتحدة في حرب الإبادة على غزة حدود الإدانة والشجب، كلمات رنانة ألقيت في القاعات الكبرى، وبيانات متكررة تحث على ضبط النفس، لكنها لم تتحول إلى إجراءات عملية توقف آلة القتل، وكأن قدر الفلسطينيين وفي غزة بالتحديد أن يكتفوا بالتعاطف الدولي، بينما يُترك المعتدي طليقًا يمارس عنفه بلا محاسبة، هذه الازدواجية جعلت مصداقية الأمم المتحدة على المحك، وأكدت أن الإدانة وحدها لا تُنقذ طفلًا من تحت الركام، ولا تمنع صاروخًا من السقوط على بيت آمن.

إن ما قدّمته الجمعية العامة للأمم المتحدة لحرب الإبادة في غزة لم يتجاوز التضامن اللفظي والقرارات الرمزية. أما الفعل الحقيقي – وقف القصف ومحاسبة المعتدين وحماية المدنيين – فما زال غائبًا. لقد أثبتت هذه الحرب أنَّ منظومة العدالة الدولية بحاجة إلى إصلاح عميق، وإلى إرادة تتجاوز هيمنة المصالح وصلاحية الفيتو، وإلا ستظل غزة شاهدًا على عجز الأمم، وصمت العالم أمام الإبادة الجماعية التي تشهدها قصفًا ومجاعة وحصارا.

الأكثر قراءة