محمد بن رامس الرواس
في هذه الأيام العصيبة التي تتناقل فيها نشرات الأخبار، الاحداث بغزة مثقلة بالدمع والدماء، واصبح كل يوم في قطاع غزة فصلًا آخر من فصول التضحية والصبر والاباء، يقفُ المرء حائرًا خجلًا أمام عظمة صمودكم يا أهل غزة، فكيف يمكن للأحرف أن تصف صبرًا تجاوز حدود التصوُّر، أو إيمانًا يضيء العتمة التي فرضها جبروت الكيان الإسرائيلي.
إننا ونحن هنا وبيننا وبينكم الصحاري والجبال والشواطئ نشعر بغصة تُمزق ارواحنا، غصة الإخوة الذين يشاهدون القارب يهتز في عرض البحر لإخوانهم ولا يملكون له إلّا الدعاء بالثبات، عسى من المولى عزوجل ان تستيقظ الأمة من غفوتها وغفلتها.
لم يُعد دعم غزة مجرد واجب يُمارس من باب الإحسان أو شفقة عابرة، إنه الآن فريضة وجودية ووطنية لا تقبل التأجيل، إنها مسألة كرامة للمسلم وللعربي فإن سقطت غزة اهتزت قلعة الثبات
في هذا الزمان الذي تتكاثر فيه المصالح المتداخلة وتتراجع فيه المشاعر النبيلة، يجب أن ندرك أن دعم أهل غزة ليس مجرد إرسال الخيام أو المعونات الطبية أو الغذائية، وإن كانت تلك ضرورة ملحة لا تقبل التواني، بل الدعم الحقيقي هو ذلك الذي يعيد لهم الإحساس بأنهم ليسوا وحيدين في هذا العالم الواسع.
إنهم ينتظرون منا أكثر من رغيف الخبز وقطعة ثوب تدفئهم؛ ينتظرون شهادة الوجود والاعتراف بالبطولة التي سطروها بأحرف من نور.
نقول لأهل غزة إنكم لستم أرقامًا في نشرات الأخبار اليومية؛ بل أنتم التاريخ الحي الذي يُكتب بدم الشهداء الأبرار وبدموع الأمهات الصابرات؛ أنتم قصص الصبر الخالدة التي يجب أن تُروى للأجيال، لا على أنها مأساة؛ بل على أنها ملحمة الصبر الإنساني الخالد.
في هذا الظروف الصعبة، علينا أن نتذكر أن القوة ليست فقط في السلاح؛ بل في تماسك الروح والعاطفة المُتحدة. فلتكن قلوبنا خندقًا وسندًا لهم، ولتكن أيادينا ممتدة بالعطاء وألسنتنا بالدعاء، حتى تنجلي الغمة ويعود النور والأمن والأمان إلى تلك المدينة الصابرة.. غزة الأبية.
