خلفان الطوقي
أكملت المنصة الإلكترونية "تجاوب" الخاصة بالشكاوي والبلاغات والمُقترحات والطلبات إلى الهيئات الحكومية عدة شهور منذ تدشينها، ولاقت قبولًا مجتمعيًا منقطع النظير، وتعامل معها إلى الآن أكثر من 57 ألف مستفيد ومستفيدة، والعدد في تزايد مستمر، وهذا هو خير دليل على نجاحها، وانضمام جهات حكومية جديدة لم تكن منضوية إلى المنصة لهو دليل آخر، وتدشينها من خلال تطبيقها على متجري "جوجل بلاي" و "أبل ستور" الأسبوع الماضي، دليل إضافي على أنَّ المنصة في طريقها الصحيح المرسوم لها منذ البداية في عملية التحول الرقمي المنشود، وتجويد الخدمات الحكومية.
كثيرٌ من المبادرات الحكومية تبدأ بحماس، وقد يصيبها الإهمال والقصور إذا لم تحتضن بما فيه الكفاية، وهذه من المبادرات التي لا يتمنى أحد من المتعاملين معها أن تهمل، بل أن تتطور وتتحسن بما يتناسب مع المتغيرات اليومية، خاصة أنها سوف تكون مع الأيام هي أكثر أداة تواصل بين "المستفيد" و"الجهة الحكومية" و"متخذي القرارات" في هذه الجهة أو تلك.
لا يُراد لهذه المنصة أن تكون ساعي بريد بين طرف وآخر؛ بل يُراد لها أن تكون أكثر من ذلك، عليه، ولكي لا تفقد زخمها الذي بدأت به، لابد من تفعيل عدد من النقاط، وأهمها:
- فريق الرصد: يرصد نوعية ما يصل إلى هذه الجهات الحكومية، ولا أشك للحظة أن هذا معمول به، ولكن من المهم نشره لعامة الناس من خلال كافة الوسائل الإعلامية تحقيقا للشفافية.
- فريق التواصل: وهنا لا أقصد التواصل الإلكتروني التلقائي الذي يبعث بالرسالة أن البلاغ أو الشكوى أو المقترح هو قيد التنفيذ، إنما المقصد هنا التواصل الهاتفي أو اللقاء الشخصي يتم فيه ما تم تطبيقه فعليًا، أو العكس تماما أن البلاغ غير قابل للتطبيق الميداني لموانع معينة، وفي كلا الحالتين سوف يتحقق أهم الأهداف وهو الاهتمام والتواصل الفعال وبناء الثقة بين الحكومة والمتفاعلين مع المنصة.
- مشاركة رئيس الوحدة والإدارة العليا: من خلال اطلاعهم بتقارير شهرية أو ربع سنوية بما يصل لجهاتهم من خلال المنصة، وكيف تم التعامل مع ما يصلهم، وتقرير يوضح نوعية البلاغات، والتحديات التي توجههم، والخطط المستقبلية لتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين.
- تقييم مُستقل: من الضرورة تعيين جهة مستقلة تماما هدفها التقييم والتحسين، هدفها رصد كل من: الإنجازات والتحديات والتحسينات المستقبلية لكل جهة حكومية منذ تدشين هذه المنصة إلى لحظة التقييم العشوائي (randomly) أو المحدد بوقت معين متفق عليه.
- فريق التدخل: بعد رفع التقييم من جهة معينة، لا بُد من وجود جهة أخرى للتدخل لعمل المعالجات اللازمة وفي أسرع وقت ممكن، وهذا الفريق لا بُد من أن يكون ممكنا من جهة عليا من ناحية، وممكن ومسرع لجميع الجهات المنضوية تحت هذه المنصة من ناحية.
لن يقتنع المواطن أو المقيم أو أي متفاعل بهذه المنصة ما لم ير نتائجها في أرض الواقع، وليس بالضرورة حل جميع طلباته، لكن من المهم أن يعرف ما حصل لطلبه، هل تم حله؟ أو لا يُمكن حله لسبب معين؟ وفي كل الأحوال، من المهم أن تكون منصة "تجاوب" أداة تواصل، تحمل بين طياتها الثقة والشفافية وإرادة التغيير والتحسين والتجويد الجاد للخدمات الحكومية والتحول الرقمي النوعي والمتسارع، وألا تفقد زخمها وبريقها ويطالها الإهمال وقلة التفاعل.