د. أحمد بن علي العمري
سلطنة عُمان بلد التاريخ والحضارة والمجد والأصالة والعرف والتقاليد، والشموخ والعز والكرامة.
هذا فوق ما حباها الله به من طبيعة خلابة وتباين في التضاريس، من شطآن وبحار ممتدة لأكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر، وسهول ووديان وهضاب وصحاري وسيوح على بُعد الناظر.
بالإضافة إلى امتيازها بنعمة الأمن والأمان، التي أصبحنا لا نتكلم عنها مؤخرًا لأنه لا يوجد ما يكدرها، وليست ناقصة عندنا؛ بل كاملة مُكمَّلة، وهذه بحكمة سلاطينها عبر الأزمان…
ونحن اليوم، بفضل الله ورحمته، نعيش أفضل حالاتنا في النهضة المتجددة التي يقودها بكل حكمة واقتدار مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.
وقد عُرفت ظفار وخريفها الاستثنائي عالميًا، الذي يخطو خطواته الأخيرة هذه الأيام لعام 2025، وكذلك عُرف الجبل الأخضر وجبل شمس، وعُرفت صور العفية، وعُرفت إبراء وصحار ومسندم.
لكن… لماذا تبقى السياحة عندنا خجولة ولا تؤتي أُكلها؟! ولماذا لم تزل تساهم بالنزر اليسير في الدخل القومي؟!
منذ عقود ونحن نردد: "السياحة تُثري"، ولكنها لم تُثْرِ حتى الآن؟!
على الرغم من أن المطلوب منها أكثر من كذا بكثير، بعد مضي كل هذه السنوات، حيث كان المتوقع منها أن تكون رافدًا اقتصاديًا مهمًا منذ الآن فصاعدًا وإلى الأمام.
هل هو قصور منا… أم خجل… أم عدم استيعابنا لمنجزات مكتسبة؟!
السياحة اليوم أنواع وأشكال وتفرعات وتخصصات… منها سياحة المؤتمرات، وسياحة المغامرات، والسياحة الطبية، والسياحة الاقتصادية، والسياحة الرياضية، والعائلية، هذا طبعًا بالإضافة إلى السياحة الترفيهية والتنزه المعتادة.
فلو ركزنا على السياحة العائلية والاقتصادية والرياضية (وعندما نقول الرياضية فهنا نقصد استجلاب الفرق العالمية إلى ظفار في خريفها؛ حيث الجو اللطيف في الأجواء الحارة التي أصبحت ظاهرة عالمية، وليس في منطقتنا فقط)، والطبيعية، والجو الاستثنائي في فصل الصيف، وأيضًا التراثية والتاريخية، لكفتنا ولتحملت الجزء الوفير من الدخل القومي، حتى وإن أخرنا الطبية منها مؤقتًا، على الرغم من اكتمال أركانها.
لقد آن الأوان أن ننفض عن وجوهنا غبار الخجل والتبعية والاقتداء بالغير، لنشق طريقنا المنفرد والمتميز في خصوصية السياحة العُمانية بكل جوانبها المناخية والجغرافية والتاريخية والتراثية، وحتى الفكرية والعرفية، ولاحقًا الطبية.
إنَّ السياحة في عُمان تعني الدعوة إلى حاضر تم بناؤه على أساس متين من الحضارة والتاريخ الضارب في جذور التاريخ؛ فنحن الحاضر والتكنولوجيا والتقدم المنطلقة من ثوابت خالدة وتاريخ عريق، لا يفصل الماضي عن الحاضر، وإنما يبني على أساسه المتين القوي الصلب.
فهبّوا يا أبناء عُمان، في هبّة من هبّاتكم المعتادة عندما يحين الطلب.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.