د. أحمد بن علي العمري
من "الفرات إلى النيل"، شعارٌ استخدمته الحركات الصهيونية المتطرفة في الماضي، وإسرائيل اليوم تعترف بها الأمم المتحدة كدولة ضمن حدود ما قبل 1967م، وهو خط الهدنة لعام 1949م.
إن الضفةَ الغربيةَ وغزةَ ليستا جزءًا من إسرائيل. ونهرُ النيلِ يمرُّ عبر إحدى عشرة دولةً أفريقيةً، منها مصرُ والسودانُ، ولا علاقة له بإسرائيل، وكذلك نهرُ الفراتِ الذي يقع في تركيا وسوريا والعراق. والآن يعلن نتنياهو صراحةً، جهارًا نهارًا، وبكل بجاحةٍ، عن حلمه الروحاني التلمودي بإسرائيل الكبرى، بعدما كان يلمّح لها ويشيرُ بمعناها همسًا وضمنًا منذ سنواتٍ عدة، مستقويًا بيمينه المتطرف، وهروبًا من المحاكمات التي تلاحقه، ونحن في سباتٍ عميق، في الوقت الذي يعلن وزيرُ ماليته سيئُ الذكر عن 3400 من المستوطناتِ الجديدةِ التي تفصل الضفةَ الغربيةَ بين جنوبها وشمالها وشرقها وغربها، وتقطع وصالها المتشرذمة أصلًا، ليعلن ذاتُ الوزيرِ في تدشين المستوطناتِ الجديدةِ أن فكرةَ الدولةِ الفلسطينيةِ انتهت بلا رجعة، وأنهم سوف يركّزون فكرةَ الدولةِ اليهوديةِ لطمس الهويةِ الفلسطينيةِ من خلال الواقعِ وعلى الأرض.
هذه الفكرةَ الاستيطانيةَ تفصل القدسَ تمامًا عن محيطها الفلسطيني، كما أنها تقضي على أن تكون القدسُ الشرقيةُ عاصمةً للدولةِ الفلسطينيةِ المرجوةِ والموعودةِ.
وقد علّقت أمريكا على هذا أن استقرارَ الضفةِ الغربيةِ يخدم أمنَ إسرائيل، والتعليقُ بيّنٌ وواضح، وقد سبق أن اعترف الرئيسُ الأمريكيُّ بالقدسِ عاصمةً لإسرائيل إبان فترةِ رئاسته الأولى، وها هي إدارتُه الحاليةُ، على لسانِ نائبِ الرئيسِ، وتبعه وزيرُ الخارجيةِ، بأنه ليس لدى الدولةِ الأمريكيةِ النيةُ بالاعترافِ بالدولةِ الفلسطينيةِ.
ألم يقل الرئيسُ الأمريكيُّ من قبل إن إسرائيل نحيفةٌ ويتوجب تسمينُها… فماذا تنتظرون يا حكامَ الأمةِ؟ هل تنتظرون أن يفتح نتنياهو مدنَكم الواحدةَ تلو الأخرى؟!
لقد وقفت شعوبُ أوروبا ضد الإبادةِ الجماعيةِ أكثرَ من الشعوبِ العربيةِ بكثير، ووقفت شعوبُ العالمِ أكثرَ من الشعوبِ الإسلاميةِ، وهي في تزايدٍ مستمرٍّ كلَّ يوم.
لقد هبّ العالمُ العربيُّ والإسلاميُّ معًا، ومعه العالمُ أجمع، عند اقتحامِ شارون المسجدَ الأقصى، ولكن أين هو الآن؟ هل انطفأت الجذوةُ، أم أن هناك الشديدَ القويَّ الذي أمر بإطفائها؟
ماذا جرى يا أمةَ المليارِ والنصفِ؟ وماذا تنتظرون؟
إن نصرَ اللهِ قريبٌ بإذن ربِّ العالمين.