السفن والموسيقى السلطانية العُمانية تسجل إنجازات دولية

 

د. أحمد بن علي العمري

 

تُمثِّل السفن السلطانية العُمانية، خاصة سفينة "شباب عُمان الثانية"، سفنًا للسلام والتراث البحري العريق للسلطنة، وقد حققت إنجازات عالمية مبهرة؛ فقد فازت بجائزة الصداقة الدولية في مهرجان الحرية للسفن الشراعية الطويلة بهولندا، وحازت المركز الأول في المستوى العام في سباق السفن الشراعية بين الدنمارك والنرويج، وكذلك جائزة أفضل سفينة دولية مشاركة في المهرجان البحري بمدينة آلبورج الدنماركية.

وقد نشرت السلام في رحلتها الدولية الرابعة "صواري المجد والسلام" عام 2019، زارت خلالها 12 دولة، ورست في 17 ميناءً أوروبيًا، وقطعت 15,364 ميلًا بحريًا، واستقبلت على متنها 210,700 زائر. وقد نشرت التراث العُماني الأصيل عبر معارضها المتنقلة لتعكس تاريخ عُمان البحري العريق، وتوثّق دورها في مدّ جسور السلام للعالم، وهي الرسالة التي آمنت بها سلطنة عُمان وأرسلتها إلى جميع أنحاء العالم، وقد كُرّمت السفينة في عدة محافل دولية داخليًا وخارجيًا.

وإذا ما انتقلنا إلى الفرق الموسيقية العسكرية العُمانية، فسوف نجد أن سلطنة عُمان تمتلك فرقًا عسكرية مرموقة شاركت في العديد من المحافل الدولية، وحققت إنجازات عالمية بارزة. ولنذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: فرقة موسيقى الجيش السلطاني العُماني التي تأسست عام 1974م، وقد حققت المركز الأول في مسابقة المشاة والانضباط العسكري بإسكتلندا عام 2024م، متغلبة على 128 فريقًا عالميًا.

أما فرقة الحرس السلطاني العُماني، التي أُنشئت عام 1972م، فقد شاركت في مهرجان "تاتو" بأدنبره، كما قدّمت عروضًا في قصر وندسور البريطاني للملكة إليزابيث الثانية.

بينما فرقة البحرية السلطانية العُمانية، التي أُنشئت عام 1983م، فقد شاركت في احتفالات ماليزيا الملكية، وأيضًا في مهرجانات السفن الشراعية بفرنسا.

أما فرقة الخيالة السلطانية العُمانية، التي أُنشئت عام 2009م، وهي الفرقة الوحيدة في العالم التي تعزف الموسيقى على الجمال، فقد مثّلت السلطنة في مهرجانات روسيا والإمارات.

وفي مهرجان دار الأوبرا السلطانية، شاركت 8 فرق عُمانية مع فرق من الأردن والنمسا، وقد عزفت ألحانًا تراثية عُمانية مثل: "يا صانع صنع لي طيارة"، وأيضًا رقصة "البرعة".

وفي مسابقات إسكتلندا، حصلت فرق الجيش السلطاني العُماني على المركز الخامس في العزف (2024م)، وقد وصف عمدة جلاسجو أداءها بأنه رائع ومذهل.

وفي مهرجان النمسا للموسيقى العسكرية 2024م، شاركت فرقة مشتركة من الجيش وسلاح الجو والبحرية السلطانية بدعوة رسمية نمساوية.

وتُبرز هذه المشاركات دور عُمان المتميز في المزج بين التراث المحلي العُماني، كالعزف على الجمال أو أداء الرقصات التقليدية، والموسيقى الكلاسيكية العالمية. ولا ننسى أبدًا فرقة سلاح الجو السلطاني العُماني الرائعة.

كذلك فإن مشاركة فرق من خارج السلطنة، كالفرقة الأردنية والفرقة النمساوية، إضافة إلى المشاركات الخارجية للفرق العُمانية، تبيّن الدور المحوري الذي تقوم به السلطنة في هذه المجالات.

إن هذه الإنجازات المذهلة والمبدعة، سواء في المجال الفني أو البحري، إنما هي رسالة سلام ومودة وامتداد لحضارة عُمانية ضاربة في جذور التاريخ، كانت وما زالت إلى يومنا هذا تدعو للانفتاح والحوار الحضاري والتآلف والانسجام بين شعوب العالم.

ولا تزال السفن والموسيقى السلطانية العُمانية تحقق إنجازات غير مسبوقة ونجاحات مبهرة.

إن هذه الإنجازات امتداد لتاريخ عُمان البحري وإرثها الحضاري. وعلى رأس ربابنة عُمان التاريخيين يأتي الملاح العُماني الشهير أحمد بن ماجد، الذي أضاف في مخطوطته تقاسيم جديدة للكرة الأرضية. وهنا تحضر أغنية الفنان العُماني الراحل سالم بن علي سعيد، التي غنّاها أمام قادة دول مجلس التعاون الخليجي في أول اجتماع خليجي لهم بدولة الكويت الشقيقة، والتي يقول مقطع منها:

لمن السفائن والعباب وراها مثل الغبارِ

ومن الرجال المبحرين بكل عزم واقتدارِ

العابرون جوانب الدنيا بأشرعة الصواري

هذا ابن ماجد والعُمانيون أسياد البحارِ

 

وإذا كانت الفرق الموسيقية السلطانية قد حققت إنجازات يُشاد بها، فهذا لم يأتِ من فراغ؛ وإنما بتوجيهات سامية من السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- ودعم متواصل وتوجيهات مباركة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وقيادته للنهضة المُتجدِّدة التي انطلقت مع بداية عام 2020.

ولا ننسى القيادات العسكرية الباسلة التي توالت على قيادة شتى الأسلحة العسكرية المختلفة؛ سواء في الجيش السلطاني العُماني، أو سلاح الجو، أو البحرية، أو الحرس السلطاني، وكذلك شؤون البلاط السلطاني،
وإذا كان لا بُد أن نذكر اسمًا في هذا المقام، فهو العميد أول رامس العويرة، الذي بنى الأساس ووثّق قواعده، وتابع تأسيسه حتى وصل لما هو عليه.

لقد رفعت السفن والموسيقى السلطانية العلم العُماني عاليًا خفّاقًا في جميع المحافل الدولية، وكانت الأشرعة والصواري والعزف الموسيقي العُماني رسائل سلام ومودة ومحبة لنشر الوئام للعالم أجمع.

والسؤال المُحيِّر الآن: لماذا لم نحقق هذه الإنجازات الدولية في كرة القدم، أو اليد، أو الطائرة، أو التنس، أو ألعاب القوى بشتى صنوفها، أو حتى في السنوكر والبلياردو وسباقات السيارات أو الجولف؟ أعتقد، وربما كثيرون يتفقون معي، أن بنية الأساس لم تكن قوية كما في السفن والموسيقى، أو أن الجهود لم تُبذل بالجدية والإخلاص الكافيين، وربما لم تستند إلى التاريخ والعراقة العُمانية كما ينبغي، واعتمدت على نظريات حديثة لا تمت للمجد والتاريخ العُماني بصلة.

 

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.

الأكثر قراءة