حسن بن جامع الإسحاق
تجارة التجزئة والجملة من حيث التعريف هي تصريف البضائع من الشركات والمؤسسات إلى المستهلك النهائي، وهي التجارة التقليدية، وتوجد في الأسواق التقليدية، والشوارع العامة، وحتى الداخلية، ثم حديثًا في المراكز التجارية، والمجمعات الاستهلاكية، وحتى التجارة الإلكترونية في عالمها الافتراضي، فهي جزء من تجارة التجزئة.
تبلغ مساهمة تجارة التجزئة في الناتج المحلي في سلطنة عمان في حدود 3.5 مليار ريال عماني، وتوفر في حدود 350 ألف وظيفة حاليًا. ومن المتوقع أن تصل مساهمة القطاع بنهاية عام 2040 إلى 10 مليارات ريال عماني، وتوفر في حدود مليون وظيفة. كما أن تجارة التجزئة مهمة للقطاعات الصناعية والزراعية لأنها مسوّق لبضائعهم، ومهمة أيضًا للقطاعات الإنشائية واللوجستية لأنها مشغّلة لهم، وكذلك لقطاع السياحة، كون السياحة التسويقية والترفيهية في المولات التجارية أصبحت من عوامل الجذب السياحي.
إلا أن تجارة التجزئة في العالم عمومًا، وفي منطقة الخليج والسلطنة خصوصًا، تواجه تحديات كبيرة بعد جائحة كورونا، أهمها وأخطرها قلة الطلب، بسبب إجراءات إعادة الهيكلة، وخطط التوازن المالي، وتقليل الإنفاق على المشاريع والموازنات الإنمائية، والتسريح، وما إلى ذلك من الإجراءات الضرورية للاقتصاد العام والتصنيف الدولي والنجاح على المدى الطويل. لكن هذه الإجراءات حرجة ومؤثرة بشكل سلبي على المدى القصير والمتوسط على تجارة التجزئة والأنشطة التجارية بالقطاع الخاص.
كما إن الضرائب والرسوم التي اتخذتها معظم الدول والسلطنة فرضت أعباء إضافية على هذا القطاع، وكذلك أثّر ارتفاع رسوم الكهرباء والخدمات على القطاع. ويزيد على تلك المشكلات العامة قلة الكثافة السكانية في سلطنة عمان وكِبَر مساحتها، فـ 2.5 مليون مواطن، ومثلهم من الوافدين، لن يخلقوا الطلب ومؤشرات النمو المطلوبة من القطاعات التجارية.
وبالتأكيد، فإن رؤية "عُمان" التي حصلت على توافق مجتمعي كبير، لم تغفل عن الحلول لمثل هذا الوضع، ولكن ربما تسارع الأحداث من جائحة كورونا، وأزمة أسعار الطاقة، والمشكلات الإقليمية والعالمية، والنزاعات المسلحة في الشرق الأوسط، أبطأت التوجه إلى حلول لتنشيط وزيادة الطلب، بجوار الحلول الاقتصادية الأخرى.
لذلك، نرى أن صناعة الفعاليات الترفيهية والثقافية والرياضية والاجتماعية والدينية، في ظل الإمكانات الكبيرة التي حبا الله بها السلطنة من تنوّع بيئي وجغرافي وجمال طبيعي وبنية تحتية ممتازة... والأهم الطبيعة الراقية والإيجابية والمميزة للشعب العماني، تُعد حلًا مهمًا لزيادة الطلب، ومتوافقة أيضًا مع رؤية "عمان.".
كما نرى أن إيجاد صناعة فعاليات احترافية سوف يسهم في جذب 4 ملايين سائح من دول الجوار والمنطقة والعالم، وبالتأكيد لا أضيف أنا أو غيري جديدًا إذا أكّدنا أهمية وجود كيان موحّد بشراكة بين القطاعين العام والخاص، يُعنى بصناعة الفعاليات والمهرجانات لتحقيق زيادة حقيقية في الطلب من خلال هذه الصناعة.
خصوصًا مع إثبات المهرجانات التي تنظمها المناطق حاليًا عدم فاعليتها بالشكل الذي يلبي طموحات القطاعات التجارية.
فقطاع تجارة التجزئة، وغيرها من القطاعات، تحتاج إلى صناعة فعاليات حقيقية حتى تحقق مؤشرات النمو التي تطمح إليها رؤية "عمان".