د. خالد بن علي الخوالدي
قدر لي الاطلاع على التقرير السنوي لجهاز الاستثمار العماني، التقرير الذي يوحي بخطوات إيجابية على طريق تنويع مصادر الدخل الذي تحدثت عنها الحكومة منذ سنوات طويلة، وعملت لها الخطط الخمسية وخطة 2020 والتي لم تتحقق بالمستوى المطلوب والطموح المرتجى، وها نحن نمضي وبأمل لتحقيق تطلعاتنا الجديدة في العهد المتجدد، وبفضل المولى سبحانه وتعالى ثم بفضل الجهود النيرة والأفكار المتجددة، رويدا رويدا سنرى هذا النتائج على أرض الواقع وسننعم جميعا بما يتحقق في عموم البلاد وبما يحققه الجهاز من منجزات.
ولا أخفيكم بأنني أقف صامتا عندما يبدأ الحديث عن جهاز الاستثمار العماني في المجالس وعند المحللين والذين هم كثر، فالمجالس ولله الحمد بها محللون في الشؤون العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والاستثمارية، التحليلات التي لا يركن كثير منها إلى أرقام وحقائق ومعلومات مؤكدة وتستقي أغلب معلوماتها من مواقع التواصل الاجتماعي ومن القيل والقال، والصمت -هنا أحيانا- خير من الكلام خاصة إذا لم تكن تملك المعلومة.
اليوم أستطيع الحديث بعد الاطلاع على التقرير السنوي لجهاز الاستثمار العماني والذي يدير عددا من المحافظ الاستثمارية منها محفظة الأجيال والتي تشمل استثمارات خارج السلطنة وتهدف بصورة أساسية إلى تحقيق عوائد مالية مستدامة ويبلغ إجمالي الصناديق الاستثمارية التي يستثمر بها الجهاز في هذا المحفظة 185 صندوقا، منها 60 استثمارا مباشرا في قطاعات متنوعة في العديد من دول العالم، إلى جانب محفظة التنمية الوطنية والتي تعنى بإدارة جميع الأصول والشركات المحلية التي يتجاوز عددها أكثر من 160 شركة وفي عشر قطاعات رئيسية، وصندوق عُمان المستقبل، ويهدف إلى تعزيز الاقتصاد العماني وتمكين القطاع الخاص وبرأس مال يقدر 2 مليار ريال عماني.
لن أستفيض في العمل الذي يقوم به الجهاز، والذي يرغب في معرفة المزيد، عليه زيارة موقع جهاز الاستثمار العماني ويطلع على التقرير السنوي ليدرك بأن هناك عملا مثمرا يبذل لمستقبل أبناء عُمان والذي يبرز بأن الجهاز أحد أنجح النماذج في الإدارة الرشيدة وتحقيق الاستدامة من خلال تعظيم العوائد الاستثمارية، ودوره المحوري في معالجة اختلالات الاقتصاد الوطني، وقيادة الشركات الحكومية نحو بر الأمان.
ومنذ تأسيسه تولى جهاز الاستثمار العماني مسؤوليات كبيرة على الصعيدين المحلي والدولي، مستندا إلى رؤية استراتيجية واضحة، تقوم على تنويع مصادر الدخل، وتحقيق أعلى درجات الكفاءة في إدارة الأصول، ولعل من أبرز إنجازاته وأكثرها تأثيرا هو تدخله في سداد وتسوية العديد من الديون المتراكمة والمستحقات المالية على شركات حكومية كانت تمر بظروف صعبة، ما أعاد الثقة في تلك المؤسسات وأعادها إلى دائرة الإنتاجية والاستقرار.
وقد ساهم الجهاز من خلال استثماراته المتنوعة في قطاعات الطاقة والاتصالات واللوجستيات والسياحة والصناعة، في تحريك عجلة الاقتصاد العماني وتوفير فرص عمل، واستقطاب شراكات دولية استراتيجية، وتجاوزت نجاحاته الحدود، حيث تمكن من تثبيت حضوره في الأسواق العالمية وحقق عوائد مستقرة رغم التقلبات، مما جعله يصنف من بين الأجهزة الاستثمارية ذات السمعة القوية على المستوى الدولي.
وبينما يفكر البعض في العوائد المالية، كان الفكر في الجهاز منصبًّا على تبني أعلى معايير الحوكمة والشفافية ومراعاة مبادئ الاستدامة في كل استثمار يخوضه، وهو ما ينسجم مع أهداف "رؤية عُمان 2040"، ليحقق الجهاز أيضا بفضل رؤيته البعيدة الثقة التي افتقدته عدد من الأجهزة الأخرى في الدولة، ويحسب له العمل الإداري الكفؤ ليكون العنوان البارز لقدرة عُمان على التحول المالي والاقتصادي المنضبط بقيادة مؤسسية فاعلة تؤمن بأن الاقتصاد القوي يبدأ من إدارة ذكية ومبادرة مسؤولة، وبكل جدارة استطاع الجهاز أن يحول التحديات إلى فرص، والمخاطر إلى إنجازات ليكتب له اليوم دور البطولة في قصة نهوض عُمان الاقتصادي، ودمتم ودامت عُمان بخير.