إيجابيات وسلبيات الاستثمار الأجنبي!

 

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

تكشف لنا بعض التقارير الاقتصادية أنَّ هناك عدة خروقات تحصل من خلال تدفق بعض الاستثمارات الأجنبية إلى الدول الراغبة في توسيع أنشطتها الاقتصادية وتعزيز نموها الاقتصادي، وقد قرأنا مؤخرًا قيام بعض الدول بعمليات الاختراق للأنظمة المحلية في بعض الدول الخليجية، كما قرأنا عن زيادة عمليات غسل الأموال بطرق مختلفة من خلال أعمال بعض المستثمرين الأجانب في المنطقة.

ورغم ذلك؛ فهذا لا يعني أن تتوقف الدول عن جذب الاستثمارات الأجنبية، ولكن عليها مراقبة تلك المؤسسات والحذر منها ومن العاملين بها، خاصة المؤسسات التي تحاول إبعاد العنصر والكادر الوطني من الالتحاق بالعمل في تلك المؤسسات. وهذا ما رأيناه مؤخرًا في إصرار بعض الدول على تقليل أعداد الكفاءات الوطنية في المؤسسات التي تُقيمها باستثمارات أجنبية؛ الأمر الذي قد يسهم في إعطاء فرصة لها للتلاعب في بيانات تلك الشركات وإبعاد الرقابة عنها من الجهات المعنية. وهذا ما يجب الحذر وعدم التقليل منه خلال الفترة المقبلة.

بالنسبة لنا فإن قيمة الاستثمارات الأجنبية في عُمان تصل اليوم لحدود الـ30 مليار ريال عُماني، وقد تحقق ذلك نتيجة للجهود التي بذلتها الجهات المعنية في البلاد خلال العقود الماضية لتحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد تنافسي قائم على الصناعة والاستثمار والابتكار؛ بدلًا من الاعتماد على الأنشطة التقليدية، وذلك من خلال تقديم مزيد من التسهيلات للمستثمرين، وتوفير برامج التمويل، وتهيئة البنية التحتية اللازمة لتمكين المستثمر من تحقيق رغبته في العمل والإنتاج والتصدير إلى الخارج، بجانب تشغيل المزيد من العُمانيين في تلك الأعمال. وقد أشار إلى ذلك معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في بيانه الذي ألقاه أمام أعضاء مجلس الشورى الأسبوع الماضي، بحيث تركزت المناقشات التي تمت في هذا الصدد على العديد من القضايا أهمها تعزيز مساهمة القطاعين الصناعي والتجاري في الناتج المحلي الإجمالي.

وكما هو معروف فإن الاستثمارات الأجنبية في أية دولة تؤدي دورًا محوريًا في دعم التنمية الاقتصادية، إلّا أنها تحمل معها أيضًا بعض التحديات والمخاطر. وإيجابيات الاستثمارات الأجنبية تتمثل في نقل التكنولوجيا والخبرات؛ حيث توفّر الشركات الأجنبية تقنيات حديثة وأساليب إدارية متقدمة تفيد السوق المحلية، وتساهم في تطوير المهارات التقنية للعمالة الوطنية، وخلق فرص عمل للشباب من خلال افتتاح مشاريع جديدة؛ الأمر الذي يعزز من زيادة الدخل القومي، وتحسين البنية التحتية للمشاريع وتشجيع المنافسة وتحسين جودة المنتجات والخدمات المحلية.

لكن للاستثمار الأجنبي أيضًا سلبيات عديدة؛ منها: وجود احتمالات الاستغلال الاقتصادي؛ حيث تستغل بعض الشركات الأجنبية الموارد الطبيعية لتلك الدول، أو تقوم باستغلال اليد العاملة الرخيصة دون مردود عادل للدولة. وهي موجودة اليوم في بعض الدول الأفريقية؛ حيث تستخرج معادن نادرة لتحصل على أرباح هائلة، مقابل تقديم إتاوات رمزية للحكومات. كما إن بعض الشركات لها تأثير على السيادة الوطنية، من خلال فرض بعض الاشتراطات والحصول على امتيازات خاصة بها بجانب تدخلاتها السياسية أحيانًا. كما إن هناك بعض الشركات التي تقوم بتحويل الأرباح السنوية لها إلى الخارج بصورة كبيرة؛ الأمر الذي يُقلّل من الأثر الإيجابي الصافي على الاقتصاد المحلي، فيما هناك شركات أجنبية تملك رأس مال وتقنيات تجعل من الصعب على الشركات المحلية المنافسة معها، بينما بعضها تعمل على إضعاف القوانين البيئية أو العمالية.

وعمومًا فإنَّ بعض الشركات الأجنبية لها القدرة على خرق القوانين بعدة طرق؛ منها التواطؤ مع موظفين محليين نتيجة ضعف الرقابة والإشراف، وتقديم رشاوى للحصول على عقود أو استثناءات قانونية، بجانب نشر الفساد، والتهرب الضريبي عبر التلاعب بالحسابات أو تحويل الأرباح إلى دول ذات ضرائب منخفضة، إضافة إلى خرق قوانين البيئة، واستغلال العمال وتشغيلهم بأجور متدنية أو في ظروف غير إنسانية.

وأخيرًا.. فإنَّ الاستثمارات الأجنبية تعد سلاحًا ذا حدين؛ الأمر الذي يتطلب تنظيمها ومراقبتها جيدًا، إضافة أنها تمثل تهديدًا إذا تم التساهل معها دون قوانين صارمة أو شفافية في التعامل. وهذا ما يدفع الدول المضيفة لوضع أُطر قانونية واضحة ومُحكمة تحمي سيادتها ومواطنيها، وتضمن الموازنة بين جذب الاستثمارات وتحقيق مصالحها الاقتصادية والاجتماعية.

الأكثر قراءة