عندما!

 

 

د. علي حمد عبدالله المسلمي

aha.1070@hotmail.com

 

عندما تقوم دولة بعدتها وعتادها وقضها وقضيضها بغزو دولة أخرى في فجر النهار من يوم الجمعة في الثالث عشر من شهر يونيو 2025، وتدعمها دول كبرى بالعدة والعتاد في عدوانها، وتدَعي بأن لها الحق في انتهاك سيادة دولة أخرى؛ بحجة امتلاك قنابل نووية وتقوم بقتل قادة عظام، وعلماء ذرة كبار يمثلون ثروة قومية، والرغبة في القضاء على رأس هرم النظام، ومن ثم تشظي الدولة وانهيارها، ومن ثم تقسيمها إلى أثنيات وأقليات، وزعزعة استقرارها في وضح النهار؛ فهذا ليس انتهاك للقانون الدولي وإنما القضاء على النظام الإرهابي.

وعندما تقوم هذه الدولة بنشر عملائها وتنتهك داخليا دولة ذات سيادة وتقوم بتنفيذ وتصفية علمائها وقادتها بالطائرات المسيرة وغيرها من أدوات القتل فهذا حقا من الحقوق المشروعة في الدفاع عن النفس.

وعندما تنطلق طائرة الشبح "B2" محملة بقنابل "GBu57" الخارقة للتحصينات من قاعدة وايتمان الجوية في ولاية أوكلاهوما الأمريكية في رحلة امتدت 15 ساعة؛ لتدمير منشآت نووية لدولة ذات سيادة تخترقها 60 مترًا في باطن الأرض، وترافقها 125 طائرة بعضها للتزود بالوقود، والأخرى مزودة بصواريخ "توما هوك"؛ لحمايتها وتعبر عباب المحيطات والأجواء وترصدها الأقمار الاصطناعية أو لا ترصدها وهي تنتهك سيادة دول برضاها أو دون رضاها. وتعبر أجوائها وتقذف بحممها دولة ذات سيادة وتباغتها ثم تعود إلى قواعدها سالمة، ويشعر أصحابها بالنشوة والانتصار بأنها حققت الهدف المنشود وتراقصت لها بعض الدول فرحا وحبورا، وباركتها الدولة المعتدية؛ فهذا عمل شجاع وبطولي.

وعندما يطلق رئيس أكبر دولة متقدمة على مستوى العالم عسكريا ونفوذا، ويطالب دولة ذات سيادة وعضوا في الأمم المتحدة بالاستسلام وتأتي صاغرة ترفع الراية البيضاء على مرأى ومسمع من العالم أجمع؛ فهذه هي أعلى درجات الديمقراطية التي يبشر بها سيد البيت الأبيض.

وعندما يطلق مستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية ميرتس عبارته الشهيرة ويقول الحقيقة أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع بأن "إسرائيل تقوم بالحرب القذرة نيابة عنا" والحقيقة عين الصواب فهذا معادٍ للسامية.

وعندما يتبجح مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة في مجلس الأمن أثناء انعقاده في كلمته الموسومة، ويستعرض عضلاته وعنجهيته ويرفع عقيرته على مرأى ومسمع من العالم، ويسيء إلى مندوب دولة ذات سيادة ويطعنه شخصيًا، ويطلق عليه لفظة ذئب، ويتقمص هو دور الحمل الوديع، ويسترعي انتباه رئيسة الجلسة بأنه خالف القواعد؛ فهذه قمة الأدب والاحترام في دولة تدعى إن جيشها من أكثر الجيوش أخلاقا على مستوى العالم فهذا أمر طبيعي.

عندما يستيقظ الضمير، وتقوم ثلة من الناس من أجناس وأعراق متعددة وهي تستنهض الناس لكسر حصار غزة، وتركب عباب البحر ثم تقرصن على مرأى من العالم من قبل دولة تدعي الديمقراطية وإنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط فهذا عمل عظيم وجبار.

عندما يقوم أبناء جلدتنا التنكيل بأبناء جلدتهم وهم انتفضوا في قافلة الصمود؛ لكسر حصار غزة، انطلقت من تونس الخضراء، مرورا بليبيا، ومن ثم إلى مصر، وصولا إلى معبر رفح، ومن ثم إلى غزة فهذا يراد به إثارة للفتنة والإرهاب.

وعندما يقتل الأطفال والشيوخ والنساء ويجوعون ويعطشوا، وتسلب حريتهم في غزة، ويتم التنكيل بهم ومهاجمتهم في مقرهم الآمن؛ فهده إنسانية.

وعندما يصرح الأمين العام لحلف الناتو ويقول إن الضربات التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية لضرب المنشآت النووية الإيرانية ليس انتهاك للقانون الدولي؛ فهذا حق مشروع لها حفاظا للأمن والسلم العالمي.

وعندما يقول السيناتور الأمريكي جان سوليفان بأن مليون عربي لا يساوون ظفر يهودي؛ فهذا ليس من العنصرية في شيء.

وعندما يُطلق وزير الدفاع الإسرائيلي السابق على العرب الفلسطينيين لفظ حيوانات بشرية؛ فهو يصنف نفسه من ضمن شعب الله المختار.

وعنما دعا وزير التراث اليهودي عميحاي إلياهو بإلقاء قنبلة نووية على غزة ومحوها من الوجود؛ فهذا لا يعد ضربًا من الجنون!

ودُمتم سالمين.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة