د. قاسم بن محمد الصالحي
إنَّ الظالم يُعاقب بحرمانه من الهداية لأنه اختار طريق الباطل بإرادته، وحذر الله سبحانه وتعالى عباده من البشر أن يبتعدوا عن الظلم حتى لا يحرموا من نور الحق "والله لا يهدي القوم الظالمين" (البقرة:٢٥٨)، المشكلة مع الحركة الصهيونية أنها، في مواضع كثيرة اختارت طريق الباطل بإرادتها، عقبت بحرمانها الهداية لأنها لا تقبل الحق، متكبرة، معاندة "إنه لا يفلح الظالمون" (الأنعام ٢١)، وكيانها غارق في طغيانه، لذلك لا يستحق الهداية فهو مصر على ظلمه، لا يبصر الحق ولا يسعى إليه، حركته تأسست على القتل والهدم، أصرت على الظلم، وحرموا من الهداية، توغلوا في الظلم، بهدف إقامة دولة يهودية في فلسطين.
الحركة الصهيونية أدت إلى النكبة الفلسطينية عام 1948م، هي لا تجيد التأثير والتغيير بالبناء والسلام فلجأت إلى القتل والهدم، تلك قواعد يعرفها عمليًا مئات الآلاف المهجرين من الفلسطينيين من أراضيهم.. منذ ذلك الحين؛ يواصل الكيان اللقيط سياسات الاستيطان والاحتلال والتمييز ضد الفلسطينيين.
إذًا، عادة القتل والهدم تستمر مع هذا الكيان المسرطن، يكبر وتكبر معه تلك اللذة، لذة التأثير والتغيير ولو من خلال القتل والتحطيم والهدم.. اللذة التي تنبت هذا النمط، الذي قرأنا ماضيه، نراه اليوم رأي العين إنه نمط قد اتخذ من القتل والهدم منهجًا، ومن نهش العربي الفلسطيني سلوكًا ومن إسقاط من لا يعجبه سبيلًا وطريقًا وأسلوب حياة.. نمط لا يعرف الإعذار، ولا يقبل الأعذار، ولا يُقيل عثرة أصحاب الأرض أو من يُناصرهم في استعادة حقهم، هو في ضلالته لا يفرق بين طفل، شيخ أو امرأة ومقاتل، فقط يعرف القتل والهدم ثم القتل والهدم، هذا هو الحل عند هؤلاء ليس إلا القتل والهدم.. القتل والهدم وحسب.. فهو بلا شك عندهم أسهل وتأثيره أسرع، لكن البناء أصعب وأبطأ لديهم.. لا يجيدون التعايش بسلام مع الآخر، بل ربما لا يُريدون أن يجيدونه.
هنا، نقارن بين المجهود اللازم المبذول من أصحاب الحق لإقامة السلام أو البذل الذي ينفع الحوار، وبين مجهود الظالم الذي ينقض العهود أي من ذلك الذي يمارس القتل والهدم أو التحطيم، وعندئذ سيتضح لنا الفارق جليًا.
نعم، هكذا هو الكيان اللقيط، وهذا فكر الصهاينة المتطرفين، يستسهلون الطريق ويظنون أنهم لن يعلو إلا على أنقاض الآخرين، السيطرة الكاملة على فلسطين، ومحو أي وجود فلسطيني فعلي، يرنون لجعل مدينة القدس يهودية بالكامل وطرد السكان الفلسطينيين منها، وبناء مستوطنات غير قانونية في الضفة الغربية، مما يجعل إقامة دولة فلسطينية مستحيلة، يسعون إلى إضعاف أي مقاومة فلسطينية، سواء عسكرية أو سياسية، عبر الحصار، الاعتقالات، الاغتيالات، والتطبيع مع الدول العربية لكسب شرعية إقليمية وتقليل الدعم العربي للقضية الفلسطينية.. ينسى هذا الكيان الهدَّام الممارس للفصل العنصري (الأبارتهايد) ضد الفلسطينيين، باستخدامه القوة العسكرية المُفرطة لسحق أي مقاومة، بدعم غربي خاصة الأمريكي الذي يحميه من أي عقوبات جدية، إنَّ القضية الفلسطينية قضية إنسانية، حيث يتعرض الفلسطينيون للاضطهاد والتهجير منذ أكثر من 75 عامًا، أهل الحق صابرون، مؤمنون بأنَّ الذي يخفض ويرفع ليس كيانهم اللقيط ولا ملء الأرض من مثله، لكن من يفعل ذلك هو رب العالمين وهو وحده القادر على غرس القبول لدعوة أو فكرة أو شخص أو هدمها إن شاء، "يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ" (لقمان:16).
هكذا بيَّن لقمان لابنه تلك القاعدة النفيسة التي بها تشفى صدور كثير ممن اتخذوا هدم غيرهم طريقًا وحاولوا الارتقاء فوق أنقاضهم، لو أن الكيان اللقيط ورعاته انشغلوا بأداء ما عليهم واجتهدوا في بناء السلام بين الشعوب بصدق ثم تركوا النتائج لمن يخفض ويرفع ومن بيده الضر والنفع لارتاحوا وأراحوا.