عاش قطاع غزة ليلة دامية قد تكون من أشد ليالي الحرب وأفظعها، وذلك بعدما غدر الاحتلال بالفلسطينيين في آخر ساعات الليل مع تنفيذ سلسلة من الغارات الجوية بمشاركة 100 طائرة إسرائيلية وبتنسيق تام وغطاء كامل من الإدارة الأمريكية.
وتكمن وحشية هذا العدوان السافر في كونه نُفّذ في ظل سريان اتفاقية وقف إطلاق النار التي وقعت عليها إسرائيل وبضمانة أمريكية، لكن كالمعتاد فلا عهد ولا أمان للصهاينة، وتاريخهم الأسود يشهد بذلك منذ احتلال الأراضي الفلسطينية في عام 1948.
ولقد أثبتت الولايات المتحدة بدعم هذا العدوان الغاشم الذي راح ضحيته أكثر من 420 شهيدًا معظمهم من الأطفال والنساء، أنها لا تريد سلاما في المنطقة؛ بل تريد المزيد من الدماء لتفرض واقعًا جديدًا على العالم كله، وهو "شريعة الغاب"، فلا احتكام لأعراف أممية ولا قوانين دولية ولا قيم إنسانية!
والغريب فيما يحدث، أن المجتمع الدولي- دولًا ومنظمات- ما يزالون يسيرون على نفس النهج من تصريحات التنديد والشجب وضرورة التهدئة، دون اتخاذ أي إجراء حقيقي يُلزم هذا الاحتلال الهمجي وحكومته المتطرفة باحترام القوانين والاتفاقيات.
إنَّنا اليوم نقف أمام مأساة وفاجعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فبعد 15 شهرًا من حرب الإبادة المتواصلة، جاءت اتفاقية وقف إطلاق النَّار لتمنح المنطقة هدوءًا نسبيًا، لكن أمريكا وإسرائيل لا تريدان الهدوء ولا السلام، وهذا طبع المُستعمرين في كل العصور.. المزيد والمزيد من القتل والدماء. فإلى متى؟!