راشد بن حميد الراشدي
مشهد مؤثر لشاب باحث عن عمل منذ 7 سنوات وهو يتمنى دخوله السجن ولا يكلف والده المتقاعد الذي أُثقِل بديون أسرته في مقابل راتب شهري بسيط لا يكفي قوت عياله، وآلاف الحالات المماثلة التي ترزح تحت نير الفقر بسبب عدم عمل الأبناء، وهي قصص نسمع عنها كل يوم.
شباب في زهرة العمر على أبواب المؤسسات الحكومية والخاصة ينتظرون دورهم في وظيفة تعينهم وقد طال انتظارها والمحظوظ منهم من نال فرصته والبقية تتبخر أحلامهم سنة بعد أخرى فهم بلا عمل وبلا مصدر دخل ولو بسيط يكفيهم السؤال وذل الزمان وقسوته.
شاب في مقتبل العمر ليس لديه أجرة سيارة للبحث عن وظيفة وآخر ليس لديه تكلفة شهادة ICDL المطلوبة عليه لدخول المنافسة وغيرهم الكثير من الشباب الذين يعانون ضيق الحال.
التوظيف أولا لهؤلاء الشباب هو المنقذ الوحيد لآلاف الأسر التي تعيش على الكفاف والفاقة في حياتها اليومية في ظل ظروف صعبة جدًا؛ فرغم المناشدات اليومية في مختلف وسائل التواصل والصحف ورغم قسوة الظروف التي يعيشها الشباب لا زالت مشكلة الباحثين والمسرحين تراوح مكانها بلا حل يلمسه أبناء الوطن.
وأنا أقُلبُ صفحات هذا الملف الحساس الذي دخل كل بيت، تذكرتُ دور الحماية الاجتماعية في التخفيف عن كاهل تلك الفئة المستحقة من منفعة نظام الحماية الاجتماعية بكل أفقه وحجمه وما تم إقراره وتنفيذه خلال العام الماضي من قرارات، يدفعنا للتساؤل: أيهم أحق بنظام الحماية مع إقراري بأهمية رعاية فئة كبار السن وإصدار منفعة شهرية لهم سواء كان رجلًا أو امرأة كبيرة في العمر (أغنياء أو فقراء)، أم الشاب اليافع المقبل على الحياة وبدون عمل ولا دخل يذكر؟!
إنني أرى ذلك التناقض الغريب في نظام الحماية الاجتماعية ونسيانه إلى اليوم مآل وحال فئة الشباب الباحثين عن عمل وأهمية صرف منفعة شهرية تعينهم على متطلبات الحياة اليومية في ظل حاجتهم وغلاء الأسعار وضعف دخل الأسر وعجز بعض أولياء الأمور عن رعايتهم.
إنني أطالبُ اليوم القائمين على منظومة الحماية الاجتماعية وصندوقها بصرف علاوة شهرية لا تقل عن 200 ريال عُماني لكل باحث عن عمل لم يحصل على فرصة وظيفية لمجاراة أعباء الحياة، ولكي تُساعده في تلبية احتياجاته الشخصية حتى يمُن الله عليه بفرصة العمل المناسبة التي تعينه على الحياة.
إن الإحساس بمسؤوليتنا المجتمعية يحتم علينا طرح مثل هذه الموضوعات المهمة والتي ستفرج كرب الشباب وتعينهم في وجود مصدر رزق وتخفف على الأسر تكاليف الحياة الصعبة؛ حيث يجب الاهتمام بهذه الفئة من الشباب الخريجين والباحثين عن العمل وإصدار قرار بصرف بمنفعة شهرية فورا لهم، فلقد امتلأ كأس اليأس والألم والحسرة لدى كثير منهم؛ فهم يعيشون في كنف وطن مليء بالثروات والخيرات، فلا هم بعمل ومصدر رزق ولا هم بمنفعة تعينهم في حياتهم اليومية، وقد تخفف الكثير عن كاهل رب أسرة ينتظر بر أبنائه بعد تخرجهم وتعاضدهم معه وهم اليوم عالة عليه بلا عمل.
أتمنى على جميع الجهات المسؤولة والمعنية بحلحلة هذا الملف الوطني المهم والذي أصبح الشغل الشاغل للجميع وأحد أهم هموم المجتمع؛ فالوطن بحاجة إلى أبنائه؛ فهُم قوامه وعماده، فلا تتركوهم على قارعة الطريق.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وأدام عليهم نعم الخير.