ترامب.. ومنتجع غزة

 

 

د. أحمد بن علي العمري

 

دونالد ترامب هو الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان قبلها الرئيس الـ45 لأمريكا أثناء فترة ولايته الأولى، وهو رئيس مُثير للجدل وصاحب متناقضات غريبة وعجيبة، تصيب وتخطئ حسب رؤية المحللين والمفسرين السياسيين العالميين.

وقد بدأ ترامب خطابه الرئاسي أثناء تنصيبه بأنه يدعو للسلام وأن يسود السلام في العالم وهذه فهمنا مغزاها ومقصدها بأن الرجل يطمح لنيل جائزة نوبل للسلام. وأعتقد أنه ما زال يسعى لها ولن تغيب عن باله أبدًا.

ثم إذا به يُهدد جرينلاند وكندا بضمهما للولايات المتحدة الأمريكية، شأوا أم أبوا، وأنه سيطرد المهاجرين غير الشرعيين من أمريكا وعددهم يتجاوز 30 مليونًا تقريبًا! فكيف به أن يفعل ذلك؟

وفي نفس الوقت يطالب بتهجير الفلسطينيين من سكان غزة إلى جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، وعلى الرغم من رفض الدولتين القاطع للفكرة، إلا أنه يُعيد ويكرر بكل ثقة أن الدولتين ستفعلان ذلك، فيقول: "لقد قدمنا لهما الكثير وستفعلان ذلك"!!

ألا يعلم أنه هكذا يمس أقوى عصب في الوجدان الإنساني والعربي؟

وإذا كان حديثه لمجرد جس النبض والمشاعر، فإنَّ قادة هذه الدول لديهم روابط مع شعوبهم لا تتزحزح ولا تتبدل ولا يمكنهم التخلي عنها، كما إنهما قدما لأمريكا الكثير.

ألم يحن الوقت لأمريكا أن تحترم ما قدمته هاتان الدولتان العريقتان وهما من صلب الوطن العربي، وأن تحترم رغبتهما واحترام شعوبهما وشعوب الأمة العربية والإسلامية قاطبة وحق الشعب الفلسطيني في البقاء في أرضه؟ وهو الشعب الذي أعلن بكل جبروت وقوة على الرغم من التدمير الشامل، موضحاً بعبارة ثابتة يرددها التاريخ "باقون ما بقي الزعتر والزيتون".

هل يريد ترامب أن يخلق فتنة بين الشعوب العربية وحُكَّامها أو أن يُحرِّض أحد الطرفين على الآخر؟ ألا يجدر به وهو رئيس أكبر دولة في العالم أن يتواصل مع هؤلاء القادة العظام قبل أن يُصرِّح وبكل إصرار تصريحًا أحادي الجانب يفتقد لأي شرعية وأي منطق أو عقلانية؟ أم أنه يُفكِّر- كما ذكرت في مقال سابق بعنوان "بماذا يفكر ترمب؟"- أنه يريد تهجير الفلسطينيين المتمسكين بأرضهم حتى ولو على أنقاضها؟!

وبعد ما شاهدته إسرائيل ودمرت كل المباني على الأرض وأن يُقيم منتجع وبرج ترامب على شاطئ غزة التي مدحها وتغزَّل فيها، بينما يعلم أنها لن تكون تحت الحكم الإسرائيلي، وهو رجل أعمال، كما يقولون إنَّ رأس المال جبان!

وبعد ذلك يحاول أن يبني دولة شكلية للفلسطينيين كما هو حاصل اليوم في رام الله، بعد تجريد اتفاقيات "أوسلو" و"مدريد" من محتواهما؛ لينال في النهاية من خلالها جائزة نوبل للسلام، خاصة وهو يعرف أنَّ هذه فترته الثانية والأخيرة.

أنا أتكلم في هذا الموضوع وأنا على يقين تام بأنَّ الرئيس الأمريكي هدفه سياسي ودعائي ولا شيء غيره، لكننا في الوطن العربي يجب أن نبقى موحدين الثوابت والمواقف والمبادئ مهما اختلفنا.

لقد صادف كتابتي لهذا المقال تصريح معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية عندما أكد أنَّ سلطنة عُمان موقفها ثابت وراسخ ولن يتغير ولن يتبدل.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.

الأكثر قراءة