سارة البريكية
مع مرور الأيام وتسارع وتيرة الحياة اليومية حتى يومنا هذا ونحن نرى أن هناك الكثير من الأمور المهمة التي قد تكون سبباً في حدوث الكثير من التغيرات السلبية والإيجابية في حياتنا، وأن التطور والتحضر والانفلات في استخدام التكنولوجيا الحديثة الذي يطالب به البعض، سيفقدنا الكثير من هويتنا؛ إذ إننا بشر، وأن كل ما يحدث من تقدم تكنولوجي سريع ليس في صالحنا، ومن يطالب بتغيير روزنامة العمل والإجراءات المتخذة في أغلب الدوائر التي ينتفع منها المجتمع، قد يؤثر سلبًا على حياة الناس وليس العكس تمامًا.
والمطالبة بتغيير النظام العام والإفراط في استخدام التكنولوجيا الحديثة سيؤثر بشكل كبير على مستوى الأداء الوظيفي؛ فالبعض ليس لديه قدرات كافية والبعض الآخر سيستمتع بذلك، لكن نحن كشريحة مهمة في المجتمع قد نفقد هويتنا وبياناتنا بخطأ واحد وغلطة واحدة، أو سيفقد عالم بأسره أغلب الأعمال التي يقوم بها أو البيانات الشخصية للأفراد وسير خطة العمل أو حتى تحقيق الأهداف المرجوة منها.
ما أريد قوله إنه حتى الطالب في المدرسة ليس من الضروري أن يستغني عن الحقيبة المدرسية ولا عن جدول الحصص الدراسية ولا عن كتابة التقارير والبحوث وغيرها، وإنما على هذا الطالب القراءة والكتابة لتحسين مستوى التعليم العام وعدم الاعتماد الكلي على التكنولوجيا الحديثة في مجال التعليم وإنما مطلوب أن يتعلم الطالب بنفسه كما كنَّا سابقا نقرأ ونبحث ونطلع ونستخرج المعلومة وليس كما هو حاصل الآن يقوم الطالب بتجميع معلومات مكدسة من محرك البحث بدون لذة الوصول إلى المعلومة وبدون التعب في الحصول عليها فكل ما كان سهلا انتهى سريعا بمجرد الحصول عليه.
وتحسين مستوى التعليم العام مهم، لكن ليس بالصورة التي ينشدها البعض وليس بالاستغناء عن أساسياتنا في التعليم وليس بطلب الخدمة الأسهل؛ فهناك تربية سليمة وتربية صحيحة وهناك عكس ذلك.
لسنا في القمر كي نستغني عن الحقيبة المدرسية أو عن وظيفة كاتب أو مدخل بيانات أو ساعي بريد نحن بحاجة ماسة للعمل الجاد والعمل الجماعي وليس فقط الانخراط مع التكنولوجيا بدون الحاجة إلى العلم والعمل معًا وأشير إلى أن هناك الكثير والكثير من الخسائر وعمليات النصب والاحتيال قد نتعرض إليها يوميا بسبب الجهل وبسبب الثقة في تلك التكنولوجيا؛ بل أصبحت هناك شركات كبيرة تثق بأشخاص محتالين يقومون بخداع الناس على منصات التواصل الاجتماعي وتوصيل سلعة مُعينة؛ حيث يتعاقد هذا النصاب مع أكبر شركة توصيل في البلد لكي يغوي العملاء ويقوم بخداعهم بتوصيل بضاعة غير مطلوبة وإنما شيء رخيص، وعندما يشكو العميل تقول له شركة التوصيل أليست المعلومات على الظرف صحيحة، إذن ليس من اختصاصاتنا أن نعرف إن تم الاحتيال عليك أم لا. وهنا نضع خطوطًا حمراء كثيرة على شركة التوصيل؛ إذ إنها لم تهتم بسلامة العميل بقدر اهتمامها بمبلغ المال الذي ستحصل عليه بدون التحري والتقصي عن كل شركة محتالة أو أشخاص كاذبين قاموا بالتعاقد معها وقس على ذلك الكثير.
أتمنى أن نعيش الحياة على بساطتها، وألا نرفعَ سقف توقعاتنا تجاه أي موضوع، وألا ننخرط كثيرًا في التكنولوجيا؛ فهي تفقدنا القدرة على التفاهم مع البشر، لأنهم سيكونون مجرد قطيع يُقاد من جهات خارجية مختلفة تقبع أمام حاسب آلي ليس لها هدف سوى القدرة على التحكم في عقول البشرية؛ سواء كان موضوعًا علميًا أو احترافيًا أو فكريًا أو ماديًا.