استفادة الدول العربية من مجموعة "بريكس"

حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com

خلال العام الماضي انضم إلى مجموعة "بريكس" عدد من الدول العربية من بينها مصر؛ حيث تضم هذه الكتلة عددًا من الاقتصادات الناشئة الكبرى في العالم من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري فيما بينها. 
عضوية هذه المجموعة تهدف إلى فتح آفاق جديدة للاستثمارات الأجنبية وتعزيز فرص العمل؛ الأمر الذي سوف يعمل على زيادة النمو الاقتصادي للدول الأعضاء، في حين تزداد أهمية هذه المجموعة في النظام العالمي المتعدد الأقطاب، وبناء قوى اقتصادية جديدة وتعزيز التجارة بين الدول النامية. وبالرغم من تلك الأهداف فإن التحديات ماثلة أمام هذه المجموعة خاصة تلك التي يريد أن يخلقها الرئيس الأمريكي ترامب القادم إلى البيت الأبيض فيما يتعلق بموضوع طرح عملة خاصة بهذه المجموعة التي تعمل على تبني وسيلة جديدة بدلًا من التعامل مع نظام "سويفت" المالي العالمي. 
إحدى القضايا المهمة في سياسات مجموعة بريكس هي التخطيط لإنجاح "نظام تعدُّد العملات" والتخلي عن الدولار الأمريكي تدريجيًا في التعاملات التجارية بين الأعضاء وخاصة بين روسيا والهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا التي بدأت التعامل بالعملات المحلية في التجارة فيما بينها، وذلك لمواجهة التحديات والصعوبات الناجمة عن هيمنة العملة الخضراء على اقتصاداتهم، حيث تسعى إلى التقليل من الاعتماد على هذه العملة وتحويل النظام النقدي والمالي الدولي الحالي بعيدًا عن "سويفت".
المجموعة توسعت مؤخرًا لتضم اليوم 20 دولة وتشكّل نصف سكان العالم من حيث العدد، و41% من الاقتصاد العالمي، بعد قبول عدة دول كأعضاء جدد في عام 2024، بحيث انضمت تسع دول جديدة لمجموعة بريكس رسميًا اعتبارًا من بداية العام الجاري 2025، وهي بيلاروسيا، وبوليفيا، وكوبا، وإندونيسيا، وكازاخستان، وماليزيا، وتايلاند، وأوغندا، وأوزبكستان. المجموعة تشكّل اليوم قوة تعادل القوة الاقتصادية في العمليات الشرائية لنصف سكان العالم، خاصة وأنها تضم كبار المنتجين للسلع الأساسية مثل النفط والغاز والحبوب واللحوم والمعادن. وهناك 4 دول متبقية لم تتقدم بالرد الرسمي للانضمام حتى نهاية العام الماضي 2024؛ وهي: الجزائر ونيجيريا وتركيا وفيتنام.
مجموعة بريكس تأسست في بداية الأمر عام 2009 من قِبل: البرازيل وروسيا والهند والصين لتنضم إليها لاحقاً في العام التالي 2010 دولة جنوب إفريقيا، وتوسعت المجموعة في قمة 2023 بجوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، بدعوة الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات؛ حيث انضمت معظم الدول العربية المدعوة العام الماضي 2024، في حين لم تتخذ السعودية القرار الرسمي إلى الآن. أما الأرجنتين فقد وافقت في البداية على الانضمام، عندما كانت لديها حكومة يسار الوسط، إلا أن حكومة اليمين المتطرف المؤيد للولايات المتحدة ألغت القرار في ديسبمر عام 2023، ومنعت الأرجنتين من الانضمام إلى مجموعة بريكس في يناير 2024.
ومع إضافة دول شريكة أخرى، أصبحت هذه المجموعة التي تضم أكثر 20 دولة قوة بشرية واقتصادية كبيرة في العالم تضم حوالي 4 مليارات نسمة بوجود الهند والصين التي يبلغ عدد سكان كل منها حوالي 1.4 مليار نسمة، فيما يبلغ عدد سكان إندونيسيا 290 مليون نسمة بجانب القوة السكانية في البرازيل وروسيا وإثيوبيا ومصر وإيران وتايلاند. 
ويُشكّل الأعضاء الخمسة الأصليون في مجموعة بريكس 33.76% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (تعادل القوة الشرائية) في أكتوبر 2024، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي. كما تشكّل حصة أكبر من الاقتصاد العالمي مقارنة بمجموعة السبع للدول الغربية، والتي مثلت 29.08% فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (تعادل القوة الشرائية) في عام 2024. ويعزى السبب الرئيسي وراء هذا التحول التاريخي إلى النمو الاقتصادي الهائل للصين التي أصبحت القوة العظمى الصناعية الوحيدة في العالم، والمسؤولة عن 35٪ من الإنتاج الصناعي الإجمالي العالمي (ما يقرب من ثلاثة أضعاف الولايات المتحدة). 
وخلال المرحلة المقبلة، من المتوقع انضمام دول عربية أخرى إلى مجموعة بريكس لتحقيق بعض المكاسب؛ إذ إن الدول العربية تمثل سوقًا كبيرة لمختلف المنتجات للدول الأخرى. كما إن هناك العديد من الإيجابيات لانضمام الدول العربية لهذه المجموعة منها تعزيز التعاون الاقتصادي في مجالات التجارة والاستثمار، وتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة فيما بينها مما يساعد في النمو الاقتصادي المحلي، اضافة إلى تنوع الأسواق فيما بينها؛ الأمر الذي يزيد من فرص تصدير المنتجات العربية، وتبادل المعرفة والتكنولوجيا لتستفيد الدول العربية وتعزز فرص التنمية الصناعية لديها، بجانب تعزيز الوزن السياسي لها على المسرح العالمي. 
ورغم ذلك تبقى هناك سلبيات من الانضمام لمثل هذه المجموعات تتمثل في التبعية الاقتصادية لتلك الدول، وصعوبة التنسيق فيما بينها بسبب اختلاف أولوياتها الاقتصادية، بالاضافة إلى التحديات الأمنية، والتنافس الداخلي فيما بينها، وأخيرًا تعرضها للتقلبات الاقتصادية نتيجة الاعتماد على مجموعة من الاقتصادات الناشئة.
 

الأكثر قراءة