د. جمالات عبد الرحيم
في الآونة الأخيرة، أثار اللقاء بين وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ونظيره المصري، اهتمامًا واسعًا حول الأوضاع المضطربة في لبنان وغزة.
تركز الحديث خلال اللقاء على أهمية وقف إطلاق النار في هذه المناطق، لكن الأحداث تشير إلى استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل بشكل غير مشروط، مما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول نوايا السياسة الخارجية الأمريكية. لقد أصبح واضحًا أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط، حتى ولو كان ذلك على حساب الأمن والاستقرار في المنطقة. ففي ظل تصاعد النزاعات، نجد أن الدعم العسكري والمالي المستمر الذي تقدمه أمريكا لإسرائيل يساهم في تفاقم الأزمة الإنسانية ويعزز من حالة عدم الاستقرار في الدول المجاورة مثل لبنان.
ونجد أن الدعم لأمريكا لحلفائها في المنطقة، يبدو أحيانًا وكأنه يهدف إلى إضعاف الأنظمة التي تعتبرها واشنطن تهديدًا.
تتضح الرؤية عند النظر إلى التاريخ، حيث تشابه الأوضاع الحالية مع أوقات سابقة، مثل الحملة على العراق تحت ذريعة امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل، مما أدى في النهاية إلى موت مئات الآلاف وخراب البلد. إنه نمط متكرر من السياسة الدولية، حيث يتم استخدام حجة الأمن لتبرير التدخلات العسكرية والتلاعب السياسي.
وفي السياق نفسه، نجد أن النظام الأمريكي يواجه انتقادات بسبب تجاوزاته في حقوق الإنسان، خاصة في ظل التقارير التي تتحدث عن اعتقال المعارضين وقمعهم. إنها لعبة قذرة يلعبها بعض صناع القرار في البيت الأبيض، مما يهدد الأمن القومي لمصر ودول المنطقة بشكل عام.
ويجب على الدول العربية أن تتبنى سياسة خارجية أكثر استقلالية، تأخذ في اعتبارها مصالحها العليا وتؤكد على حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، بدلًا من الرهن لما تراه القوى الكبرى؛ فالأمن والاستقرار في المنطقة هما في الأساس مسؤولية أبنائها، ويجب أن يبقى في يد أصحاب القرار الحقيقيين.
إن أعداء الأمة أثاروا الفوضي في الدول العربية ولم يساهموا في نشر السلام، كما إنهم يواصلون محاربة العالم العربي وقد أنشأوا منظمات تعمل معهم لتحريض الناس على حكوماتهم.
ورغم جرائم أمريكا حول العالم، وتحديدًا في المنطقة العربية، إلا أنها تفلت من العقاب، وكأنها فوق المحاسبة، فهل يأتي اليوم الذي نرى فيه أمريكا في قفص الاتهام بقتل مئات الآلاف في العراق وأفغانستان، وتسببها في إبادة جماعية لأهل فلسطين في قطاع غزة؟