محفوظ بن راشد الشبلي
من منظور الواقع الثقافي الذي تعيشه المنظومة الثقافية المختلفة والمتعددة هُناك جوانب تؤرّق الرأي العام الثقافي بل وتُضعضع توجهاته المنزوية تحت المظلات الثقافية المحمية بقانون حماية الملكية الفكرية، والتي بُنيت عليها أُسس وركائز قانون الممارسات الثقافية العامة في كل مجال ثقافي وفي كل دولة جعلت من الثقافة ركيزة لتطوير المجال الفكري لدى منظوماتها العِلمية الحديثة.
ومن تلك الممارسات هي السرقات الأدبية؛ سواء سرقة الأفكار أو المقترحات أو التصورات التي تحتفظ ملكيتها لمنظومة أو لكيان ثقافي مُعين ويتم تصديرها لجهات أخرى وتبنيها دون الرجوع لمالكها الأول الذي اجتهد في تحصيلها وجدول روزنامة تنفيذها لخطة عمل مُعينة خاصة به، مما يترتب عليها ضياع لحقوق الملكية الفكرية والجهود الأدبية التي تمتلك حقوقها تلك المنظومات بل وتحدث ازدواجية في العمل إذا جُسّدت على الواقع دون عِلم الطرف الأول بتسريبها لجهة أخرى عمدت على سبق تنفيذها.
ومن تلك السرقات كذلك هي سرقة الأعضاء من الجمعيات والصالونات الثقافية والأدبية؛ سواء بالتشويش حول نزاهة تلك الكيانات التي ينتمون إليها أو بزرع تصور ضعف تكويناتها بما لا يتناسب مع قوة الفكر الأدبي لتلكم الأعضاء ومكانتهم الثقافية في المجتمع وإغراءهم بحوافز غير تلك التي يجدونها في كيانهم الأول، وهي جميعها افتراءات عارية من الصحة وهدفها التشويش وإضعاف تلك الجمعيات وتلك الصالونات الثقافية والأدبية والتي تجمع تحت مظلتها ومسماها تلكم الأعضاء المنتسبين إليها، مما يتسبب ذلك في ضعضعة الثقة وفقدانها بين تلك الجمعيات وبين أعضاءها وإحداث شرخ في النزاهة بينهم.
ومن أغرب تلك السرقات وأدهشها في هذا السياق، هي دعوة عضو في كيان ثقافي مُعين لمجموعة أعضاء ينتمون معه في نفس المنظومة لتنفيذ أمر ثقافي خاص به شخصيًا دون الرجوع لإدارة المجموعة لأخذ الرأي والإذن منهم في ذلك؛ مما يتسبب في تضييع الكثير من البرمجيات في روزنامة تلك الجمعيات الثقافية ويتسبب في خلافات بين الأعضاء وبين الإدارة ينتج عنه فقدان للثقة بينهم، ناهيك عن مشاحنات بعض الأعضاء للبعض في كيان ثقافي وأدبي واحد لنسف إنجازاتهم بالتأثير السلبي عليهم، وجميعها مفاهيم مغلوطة لا تمت بأي صلة لمكانة الأشخاص المتعلمين والمثقفين، لأن الثقافة تجعل من الشخص إنسانًا ذا عقلية مُهذبة ومتفهمة ومُتوازنة ومحافظة على سمو ذاتها الثقافي ولا تحمل المِعوَل لهدم ما وصل إليه الآخرين؛ بل إن العقلية الثقافية الناجحة يجب عليها أن تنظر لِما حققته هي في نفسها وجسّدته على واقعها الثقافي والأدبي في مجالها الذي تشغله وتمضي فيه.
الخلاصة.. إن أي فكر ثقافي يجب أن يبني عليه صاحبه سيرته الذاتية الأدبية على مبدأ العمل للتطوير النفسي أولًا قبل التطوير الخارجي، وأن لا يُقارن ما وصل إليه الآخرين من تقدم على ما هو عليه من تأخير، بل يجب أن يسعى لتطوير منظومة فكره الذي يمضي عليه إلى أفكار جديدة ومُبتكرة غير تلك التي حققها الآخرون ولكي يستطيع من خلالها سَبقهم نظير سلبها منهم، وأن لا يستخدم مفهوم الضعضعة والتشويش على الآخرين سلاح يستخدمه ليتقدم عليهم، ومضمار التنافس في هذا المجال واسع ومفتوح للمتسابقين بأفكارهم لتطوير المنظومة الفكرية والثقافية كلًا في مجاله واختصاصه، أما سياسة السرقات الأدبية والفكرية فهي خارجة كليًا عن نطاق المفهوم الأدبي والثقافي الحديث والمتطور يومًا بعد يوم، وكما قيل: لكل سباق مضمار ولكل حديثٍ سِياق ولكل مجتهد نصيب وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.