خالد بن حسن الطويل
للضرورة القصوى، وللعمر وللحياة، ولك أنت. يجب أن تكون لك وقفات مع النفس تتحدث فيها مع ذاتك، تقلب صفحاتها وتبحر في مكنوناتها؛ لترى مكوناتها وتفاصيلها، تخاطبها لتعلم خفايا دهاليزها؛ للتمكن من تفنيد الصالح والطالح من تلك التفاصيل… ففي الكثير من الأحيان؛ نحمل معنا مشاعر قاسية لتجارب مررنا بها ذات عمر، أو خيبات آلمتنا كثيرا، كما أننا نحتاج إلى اكتشاف مميزات تلك النفس لنشعر بها ونغذيها…
لم يعُد الوقت متأخرا إطلاقاً لتلك الوفقات؛ فكل العمر قابل للإصلاح، وكل نفس قابلة للحياة بسعادة، وما نحتاجه فقط هو وقفات حياتية مع ذواتنا؛ لندرك ونتدارك أنفسنا، لكي لا يمر العمر ونحن في متاهات الحياة لم ندرك بعد الطريق إلى الراحة النفسية والتصالح مع الذات، والذي هو الركيزة الأساسية إلى حياة متوازنة مع أنفسنا ومع الآخر.
المبحر في لج الحياة يجب أن يُدرك أن تلاطم الأمواج لا يعني اليأس، وأن السقطات لا تعني النهاية مطلقاً، هي مجرد منعطفات لابد منها؛ لكي نتعلم، وتنمو شخصياتنا وتصقل ذواتنا.
عند العتمة، وحينما تتقطع سبل الحلول، تيقن بأن ما تواجهه عبارة عن تحصين تستفيد منه في قادم العمر للتعامل مع المحن، فالخبرات لا تبنى دون ألم. وتراكم التحديات يعني الصقل الذي نحتاجه جميعا؛ لتكوين ذوات قوية ترفد الآخرين بالحلول.
جميعنا قد نمر في مرحلة من العمر بسوداوية نرى معها انعدام الأمل، ونهاية طواف الحياة، نشعر بالخيبة، ونمارس طقوس الحزن، ونرى الغد بعين اليأس، لكن في الحقيقة يجب أن ندرك أن كل مراحل العمر مهما كانت، تبقى مجرد مرحلة ووقت سوف يمر وأن بزوغ شمس الأمل قادم، وأن الزمن كفيل بمعالجة كل شيء مهما كان، والأهم أن نؤمن بهذه الحقيقة؛ لنبقى أقوياء، ونمحو رواسب التجارب القاسية؛ لتمر مراحل العمر دون أن تحمل شوائب تلك المحن.
نعم! من المهم جدا أن نتيقن بأننا أقوياء، وأن ما يحدث اليوم سوف يصبح ذكرى نأخذ منه العبرة والفائدة، وأن قادم الأيام ستحمل لنا في طياتها السعادة والفرح. حتى إن داهمنا الأرق اليوم فحتماً سوف نخلد لنوم مريح غدًا بنفس هادئة وروح تتوق لصباح جميل.
يجب أن ندرك بأن شخصياتنا وذواتنا نحن من يحمل مسؤولية صقلها، والحفاظ عليها متزنة قوية ومبتسمة، ونحن من يجب أن نبحث عن بقعة ضوء في الظلام الحالك لنتمسك بالأمل دومًا.