المرأة العُمانية.. سندٌ للإنسانية

 

هند الحمدانية

أسهمتْ المرأة العُمانية بدورٍ جوهريٍّ في نهضة عُمان، وأثبتتْ من خلال هذا الدور قيمتها الأصيلة وقدرتها الهائلة على التغيير الإيجابي في أي مركز وُضعت فيه، وأي مجال التحقت به، ولكن المعنى الأقوى لوجودها المُتجذِّر داخل هذه الأرض الطيبة هو حسّها الإنساني الذي تجاوز كل الحدود؛ ليتلاحم مع القضايا الإنسانية التي يعج بها عالمنا المعاصر.

ونستذكر في مثل هذا اليوم من العام المنصرم تهنئة السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم- حفظها الله ورعاها- حين حيَّت صمود أَخَوَاتنا في غزة الشريفة وعموم فلسطين بكلماتها الصادقة: "ولا بُد لنا في هذا اليوم أن نستذكر ما تمر به شقيقاتنا في غزة وعموم فلسطين، ونُحيي موقفهن وصمودهن وسط القصف وويلات الدمار، وندعو الله أن يرفع عنهن كل أذى، ويكتب لهم السلام والأمان والاستقرار، ويحرر فلسطين حتى تعود شقيقاتنا إلى أداء دورهن المنشود".

ما لم تشعر المرأة بالمرأة؛ فهي لا تستحق الاحتفال، وما لم تشعر الأم العُمانية بوجع الأم المُسلمة؛ فهي لا تستحق الاحتفال؛ فالمرأة كائن رقيق من الصعب أن يتحمَّل الأذى، ومن الصعب جدًا أن يتأقلم على مشاعر الخوف والألم والفقد والجوع والرعب وضجيج الحرب. وفي ظل عصر التمكين الذي تتمتع فيه المرأة العُمانية بأعلى درجات الثقة والتفويض، وفي ظل رفاهية العيش التي غطَّت كل جوانب حياتها اجتماعيًا وعمليًا وصحيًا وعلميًا وقانونيًا ودستوريًا، تستشعرُ العُمانيةُ ظروفَ الحياة القاسية التي تُحيط بأختها الفلسطينية من ظلمٍ وتهجيرٍ واعتداءٍ وتدني مستويات الأمان والحياة الصحية والاجتماعية والنفسية.. تشعرُ بوجع الأم الغزاوية والزوجة والشابة والجدة والأخت والابنة.. تشعرُ بوجع الحامل التي تفتقد لأدنى مستويات الرعاية والتغذية والإشراف.. تشعر بوجع الأرملة والنازحة وبوجع ذكرياتهن ومنازلهن المحطمة، ثم تستذكر نِعَمَ الله عليها في هذا الوطن الغالي.. نعمةُ الأمان ونعمة الصحة ونعمة العائلة ونعمة الأرض.

لأختي الغزاويّة الحُرّة التي استنزفتها الحروب والمعارك، لأختي التي باتت وحيدة رغم أنها محاطة بـ21 جارة عربية مُسلمة، لها أكتبُ هذه الأشطر الحُرّة، وأحتفلُ بصمودها العظيم، وأستشعرُ نصرَها القادم المُبين، وأشدُّ على يديها، سندًا صادقًا، رغم كل المسافات التي تبعدنا، ورغم السياسات التي تُؤخِّر تلاحمنا. لكل غزاويّة قاومت الاحتلال وهي تحمل بين أحشائها مشروع مجاهد قادم، أقول:

وَهْنًا على وهنِ

فالموتُ لم يَأْنِ

وأنا هنا وحدي

درعًا عن الوطنِ

وَهْنًا على وهنِ

لا تختبر صبري

يا أيها العربيّ

فأنا مسحت عن الجبينِ

ما تبقى للغدر من أثرِ

وأنا دفنت شهيدي

وحملته كفني

سبعون عامًا

حاملًا كفني

حسبي أنا ربي

يا أيها العربيّ

قد قالها ربي:

"حَمَلَتْهُ أُمُّهُ

وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ"

تسعٌ من الآهات

قد ذُقتها وحدي

وَجَعي أنا ألمي

جُوعي أنا سَقَمي

خوفي على ابني

من نام في بطني

وَهْنًا على وهنِ

فالموتُ لم يَأْنِ

لا تختبر صبري

لا تختبر عجزي

لا تختبر شوقي

للقدسِ يا عربيّ

ما زلتَ في الوسنِ

وَتَغُضُ من شأني

يا طاعنًا ظهري

أسرفتَ في الطعنِ

وَهْنًا على وهنٍ

فالموت لم يَأْنِ

آوي إلى ركنٍ

وأهز في الغصنِ

يتساقط الحزنُ

وأعودُ في حُصنِ

آوي إلى ربي

حسبي أنا ظنِّي

بالله واليمني

وَهْنًا على وهنِ

فالموتُ لم يَأْنِ

وأنا هنا وحدي

درعًا عن الوطنِ