إعادة النظر في النظريات الاقتصادية

 

محمد بن أنور البلوشي

قراءة السطر الأول من المقدمة تقول: "في 17 مارس 1883، حضر جنازة كارل ماركس أحد عشر مشيعًا فقط"، والكتاب الذي يتحدث عن كارل ماركس، من تأليف فرانسيس وين، ويستعرض حياة هذا المفكر العظيم.

وبما أن القراءة أثناء شرب الشاي، تُعزِّز اهتمامي بالقراءة، فقد طلبت "شاي كرك" على الفور؛ حيث كنتُ جالسًا، لكي أتمكن من إنهاء المقدمة والفصل الأول من الكتاب.

أصبح "شاي كرك" شائعًا جدًا في عُمان وأجزاء أخرى من دول الخليج. في الأصل، نشأ في دولة قطر الشقيقة، ثم تم تحضيره هناك قبل أن ينتشر إلى دول الخليج الأخرى على حسب معلوماتي.

"ماذا تقرأ ومن هو في الصورة؟"، سألني الطفل الصغير وهو ينهج. بينما كنت أقرأ الكتاب، طلب هو وشقيقته السندويشات وبدأوا بطرح الأسئلة علي. فأجبت: "إنه كارل ماركس."، فقال الطفل بدهشة: "كارل ماركس!" في تلك اللحظة، فوجئت أيضًا. لم يسبق لي أن سُئلت هذا النوع من الأسئلة من طفل في عمره من قبل.

"أخبرنا ماذا فعل كارل ماركس؟"، طلبت شقيقته بإصرار على أن أشاركهم بعض المعلومات عنه، وقالت "أنا في الصف السابع وأود أن أعرف المزيد عنه"،. لكنني لم أتمكن من الإجابة بشكل كافٍ لأنني لم أكن قد قرأت حتى الجملة الثانية من المقدمة. غير أني تمكنت من مشاركة بعض المعلومات عن كارل ماركس التي قرأتها وعرفتها سابقًا. قلت للفتاة الصغيرة: "كان فيلسوفًا، اقتصاديًا، ومفكرًا".

لم أدخل في تفاصيل حياة كارل ماركس، مثل أين وُلد وأين تُوفي. في الواقع، لم أخبر الأطفال عن هوايات كارل ماركس عندما كان طفلًا؛ حيث يحب الأطفال سماع مثل هذه القصص.

في تلك اللحظة، لم أتمكن من متابعة قراءة الفصل الأول من كتاب كارل ماركس كما خططت. لقد انتهيت فقط من قراءة المقدمة.

أثناء قراءة الكتاب، أخذت لحظة للتفكير في الطفل الصغير. لقد جذبني بلغة جسده. وضع يدًا واحدة على طاولة "المقهى" والأخرى في الهواء، وبدأ الحديث معي قبل أن يحرك شفتيه.

فتح فمه ليتحدث، وكان يبدو كطائر يطير بلا حدود. بمعنى آخر، لقد أثار إعجابي بشجاعته في طرح الأسئلة. كان يبدو أنيقًا في سروال قصير أحمر وقميص.

ذكّرني زيه الكروي بطفولتي عندما كنت ألعب كرة القدم ثم أذهب إلى المقاهي المحلية في "وادي البحائص" لشراء "بيبسي وبسكويت نبيل". ماركة بسكويت نبيل معروفة جيدًا في عُمان.

في مقدمة الكتاب، على الصفحة الثانية، قرأت القصيدة التالية:

"من يحمل إنجيلًا

ليطلقه على البشر،

رغم أنه يخدمه تمامًا

بجسده، روحه وعقله

رغم أنه يذهب إلى الجلجثة

يوميًا من أجل مكسبه

إنه تلميذه

سيجعل عمله عبثًا"

بينما كنت أحاول فهم معنى هذه القصيدة، قاطعتني الفتاة الصغيرة بسؤال جديد عنها. رغم أننا في عصر المعلومات والتكنولوجيا الذي ينشغل فيه معظم الأطفال في مثل هذا العمر بـ"الهواتف المحمولة" والألعاب، يظهر هذا الطفل الصغير وأخته اهتمامًا كبيرًا بالكتب.

يبدو أن الاقتصاد العالمي غير مستقر ومخيف، لذلك ينبغي إعادة النظر في مثل هذه النظريات الاقتصادية التي طرحها كارل ماركس وتطبيقها. يجب اتخاذ القرارات الاقتصادية بطريقة مناسبة حتى لا يستمر الاقتصاد العالمي في الاتجاه الخاطئ.

انتقاد الرأسمالية وعيوبها كان أحد الموضوعات الرئيسية في نظرياته. وفقًا لكارل ماركس، فإن النظام الرأسمالي سيدمر نفسه في النهاية.

نشهد يوميًا كيف يزداد الأثرياء ثراءً، بينما يزداد الفقراء فقرًا تحت النظام الرأسمالي. سيستمر هذا الاتجاه ما لم يُعاد تقييم النظام ويُعاد توزيع الثروة بشكل أكثر عدالة في المجتمع.

ما هي أهمية تعاليم ونظريات كارل ماركس في سياق الاقتصاد العالمي اليوم؟

ماركس قدم إطارًا لفهم الصراع بين الطبقات الاجتماعية، خاصة بين الطبقة الرأسمالية (البرجوازية) والطبقة العاملة (البروليتاريا). هذا التحليل لا يزال يُستخدم لتفسير التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية التي نراها اليوم؛ حيث تزداد الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وهذا ما نسمي "تحليل الصراع الطبقي".

باختصار.. نظريات كارل ماركس توفر إطارًا نقديًا قويًا لفهم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها العالم اليوم، وهي بمثابة مرجع مُهِم للنقاش حول الإصلاحات الاقتصادية والبحث عن نظم أكثر عدالة واستدامة.

تعليق عبر الفيس بوك