الموت يُغيب خليفة الطائي رائد التأليف والإخراج الإذاعي

 

الرؤية- مدرين المكتومية

منذ بداية سبعينيات القرن العشرين وخليفة بن صالح الطائيّ يقتفي أثر عائلته في التأليف، ولكنّه ولى وجهه شطر الدرّاما الإذاعية.. وما يزال أبناء الأربعينيات من شباب عُمان يتذكرون مسلسل "آباء وأبناء" (إنتاج عام 1984)، قصة وحوار خليفة الطائيّ، وبطولة صالح زعل وفخرية خميس وسعود الدرمكيّ؛ وهو أول مسلسل عُماني تمت استعارة موسيقاه التصويرية من النوتات الموسيقية العالمية.

ولأن الكتابة الدراميّة تحتاج إلى الغوص في بحر العادات والتقاليد، لاستخراج الدرر المكنونة من القيم والاشتغال عليها وتجسيدها وتضفيرها في جسد الحكاية ليتشربها الجمهور بعيدًا عن التوجيه المباشر الفج، فقد عاد المخرج والمؤلف خليفة الطائيّ إلى الجمهور بقصة وحوار لمسلسل تليفزيوني جديد بعنوان "وعاد الربيع" من إنتاج عام 1988. ومما يلفت النظر في هذا المسلسل أن معظم الطواقم الفنية كانت عُمانية خالصة في التصوير والهندسة الصوتية والمونتاج، وكان الإخراج لحسن بن راشد الراسبي.

ومع تدشين أول مهرجان للإبداع الإعلاميّ العمانيّ، اعتلى الفنان خليفة بن صالح الطائي منصة التتويج تقديرًا لفوز مسلسله "منصور وسعدون" بجائزة الإخراج للعام 2011.

وخلال الأيام الماضية وقبل وفاته بأيام، تذكره الإعلامي المخضرم خالد الزدجالي في تغريدة له على منصة "إكس" أثناء فترة مرضه، قائلًا: "للبداية رجال ومن مبني متواضع عبارة عن "صندقة"، كانت بداية أول بث إذاعي فى عام 1970 وكان أستاذنا القدير خليفة بن صالح الطائي من أوائل الذين ساهموا في إيصال صوت عُمان أثيريًا، وله كمؤلف درامي ومخرج خطّه المميز لم ينافسه عليه أحد".

وفي مقابلة صحفية تحدث المؤلف الإذاعيّ محمود الحسني عن الراحل، وقال إنّ: الإذاعة خسرت عندما تم إيقاف قسم الدراما والمنوعات فيها، وأتمنى عودته؛ فالجميع مازال يتذكر حجم ومستوى الإنتاج الدرامي الإذاعي سابقًا كيف كان، مثل «تمثيلية الأربعاء» و«تمثيلية الأسبوع» وغيرها.. لقد كان الإنتاج غزيرًا؛ تاريخيًا واجتماعيًا وكوميديًا، تمثيليات أسبوعية ورُباعيات، كُلها في دورة واحدة تقريبًا، هذا القسم أنجب في عهده الذهبي الكثير من الكتاب والمخرجين والممثلين الذين أثبتوا حضورهم على الساحة بعد ذلك، وحصدوا جوائز على مستوى الوطن العربي، مثل خليفة بن صالح الطائي".

أمّا الفنان والسيناريست أحمد بن سعيد الأزكوي فقد ذكر في كتابه "الهمهمات والهمهموت": "لا أزالُ أحتفظُ بأسماء أساتذتي العظام الذين تعلَّمتُ منهم سرَّ مهنة الدراما حتى وإنْ كانت الدراما لا تعترف بما يسمى سر المهنة، بقدر ما تكشف عن سرِّ الموهبةِ داخل كلٍ منا، ومن ثم تنميتها وصقلها بالتدريب والدراسة، فلا بُدَّ أنْ يكونَ هناك صائد للمواهب مكتشف لها، ومن بين هؤلاء الأساتذة الذين أخذوا بيدي في بداية الطريق نحو الدراما الأستاذ خليفة بن صالح الطائي، وغيره كثيرون عربًا وخليجيين وعُمانيين.

وفي الأخير.. نقول وداعًا مشمولةٌ بالدعوات، ومستمطرة للرحمات على كل إنسان ما زال فنُّه وأثره يجري بين الناس إبداعًا وأخلاقًا وعطاءً لا ينقطع.. فقيدنا خليفة بن صالح الطائي أنتَ في معية رحمة الله أوثق، تنزّلت عليك رحماته، وأسكنك الفردوس الأعلى.. آمين.

تعليق عبر الفيس بوك