الاقتصاد والعمالة الوافدة

 

خلفان الطوقي

 

يعود ملف العمالة الوافدة إلى الواجهة من جديد، بعد اللغط الكبير الذي أحدثه الفيلم الهندي: "حياة الماعز"، هذا اللغط حدث في جميع وسائل التواصل الاجتماعي في كافة دول الخليج العربي، فقد تباينت الآراء حوله؛ فهناك من هو مُؤيد وهناك من هو مُعارض، وهذا النقاش طبيعي وصحي، ويكون كذلك إن استطاعت الدول أخذ العبر والدروس وردات الفعل المجتمعية المرصودة، ومن خلالها يمكن بناء السياسات والإجراءات والتشريعات الرصينة التي تخدم كافة أطراف العلاقة.

وإضافة إلى اللغط الحاصل بسبب هذا الفيلم، تجد بين فترة وأخرى من يتنمر بشكل أو بآخر ضد الوافد بسبب أو بدون سبب، بقصد أو بدون معرفة، ومن هنا وُلِدت فكرة هذه المقالة التي تُحاوِل تسليط الضوء على أهمية العمالة الوافدة في اقتصاد بلدٍ مثل عُمان، وأهم هذه الفوائد:

- قيمة مضافة: وبالرغم من حصوله من عمله على أجر مالي، إلّا أنَّه يحصل على المال مقابل جهد وفكر وخدمة يُقدمها للمجتمع.

- سد الثغرات: كثير من الأعمال أو المهن لا يُقبل عليها المواطن لسبب أو لآخر، لذلك لا يُمكن أن تغطى إلّا من خلال الوافد، لذلك وجوده أصبح ضروريًا ومُلحًّا، ومن يوجد في الميدان يستوعب ذلك أكثر من غيره.

- التوازن السعري: ولنا أن نتخيل كيف ستُصبح أسعار الخدمات حال عدم وجودهم في بعض المهن، كما إنَّ وجودهم في بعض المهن يُقلل التضخم في الأسعار، إضافة إلى فوائد أخرى.

- الحركة التجارية: كثير من الخدمات الموجودة حاليًا تتطلب وجودًا سكانيًا كبيرًا، وإلّا فإنَّ جدواها الاقتصادية ستكون ضئيلة للغاية، ومن هنا من الضروري تواجُد تعداد سكاني متنامٍ من المواطنين والوافدين والزوّار. وهناك مثال واقعي حدث إبان جائحة كورونا، أثناء التراجع الكبير في أعداد العمالة الوافدة، وقد لاحظ الجميع التأثير السلبي على عدد من الأنشطة التجارية كالعقار ومحلات المواد الغذائية وبقية الخدمات.

- نقل المعرفة: ليس تقليلًا من المواطن أبدًا، لكن الواقع يُشير إلى أن هناك كفاءات وخبرات ومهارات ومعارف ما زلنا في حاجة إليها، ولا بُد من نقلها إلينا تدريجيًا وعلى مراحل مدروسة بشكل ممنهج ومخطط.

وختامًا.. يكمُن الذكاء الحكومي في كيفية الاستفادة القصوى من تكامل المواطن مع الوافد في المحيط الاقتصادي والاستثماري من ناحية، وفي معالجة التشوهات والتجاوزات العمالية من ناحية أخرى، من خلال منظومة قانونية متكاملة ومتطورة ومنصفة، أضف إلى ذلك التعامل الصارم مع كافة أشكال التنمر أو التعدي على الوافد بكافة صوره وأشكاله، فعُمان مشهودٌ لها من كافة المنظمات الحقوقية الدولية أنها تجاوزت ذلك منذ سنوات عديدة، بفضل القوانين والتشريعات العادلة التي تضمن للجميع الحقوق والواجبات، ومن غير المقبول وفي هذا العصر المأمول منه مزيد من التطور والانفتاح والتعايش، أن نعود إلى المربع الأول المليء بالتشوهات والتجاوزات والعشوائية.