نسبة وتناسب بين الشباب والفتيات

 

أنيسة الهوتية

أصابتني حيرة عند اختيار عنوان هذا المقال، كحيرة الآباءِ في تسميةِ مواليدهم، إلّا أنني تركت الأمر للمقالِ بأن يُسمِّي نفسه بعد الانتهاء من كتابته! كما فعلتُ في تسميةِ ذريتي، لم يكن الاسم الذي اخترناهُ لَهُم هو ما سمَّيناهم بهِ، إنما الصفة التي أتى بها أو ما شعرنا بهِ تجاهه، كان هو أساس الاسم الذي سُمي به.

أما بعد.. فالمقال ليس عن الأبوة ولا عن الأمومة والطفولة، إنما عن التمييز في توزيع المنح الدراسية للشباب الحاصلين على نسبة أقل من الفتيات في أغلب الكليات، والتحدي أصبح أقوى للفتيات عن الشباب، لأجل ذلك أصبح الشباب أكثر تساهلًا في دراستهم وتركهم للمنحة لا سيما خلال السنة التأسيسية.

أما الفتاة فإنهُ عليها أن تجتهد أكثر من الشاب حتى تحصل على أي منحة دراسية مهما كانت في أي كلية أو جامعة بالاجتهاد القاسي والجهاد العلمي المستميت لتصل إلى النصاب المطلوب، والشباب أمورهم "في الروب" لأنَّ النسبة المطلوبة منهم للحصول على منحة أقل بكثير من الفتاة!

لا أقول إنَّ هذه النسبة والتناسب خطأ، فإنَّنا لو رجعنا إلى أساسيات هذا الوضع المتعارف عليه والمتعامل بهِ عندنا في بعض الدول العربية الإسلامية فقط، سنجد أنها لغرض اتباع قاعدة فقهية إسلامية عظيمة وهي "الرجال قوَّامون على النساء"؛ وبالتالي إعطاءُ فرصة للشاب لبناء مستقبله، ولتأسيس عائلة والاستقرار، مع توفير منزل وحياة كريمة بجميع المتطلبات الحياتية لزوجته، أبنائه، ووالديه إذا لازالا على قيد الحياة، وربما إخوته وأخواته إن كانوا صغارًا وَغير مستقرين، أو أيتام!

لكننا باتباعِ هذا الحق، وَأدْنَا حقيقة أخرى كما كانوا في الجاهلية يئدون فتياتهم، بأنَّ نسبة كبيرة تزيد عن الثلثين من النساء يتشاركن مسؤوليات والديهن، ويتشاركن مسؤوليات أبنائهن؛ فالمرأة العاملة، وخاصة التي تعمل في القطاع الخاص حتى المساء تبقى تكد في العمل، ثم تصل إلى البيت لتنتبه إلى أبنائها، وبيتها، وزوجها، ثم تنام لبضع ساعات حتى تستطيع بدء جهادها اليومي في اليوم التالي، وإلا تنقطع لقمة عيشها التي تساعد بها أسرتها كمثل الشاب تمامًا، ولم تختلف عنه في شيء سوى أنها لا تدفع المهر للزواج؛ بل تبيع ذهبها الذي اشترته بمهرها لاحقًا لتُساعد زوجها.

ومثل هذه المرأة ما ورد في حديث نبوي، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أول من يفتح باب الجنة، إلا أني أرى امرأة تبادرني، فأقول مالك ومن أنت؟ تقول: امرأة قعدت على أيتام لي". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذه المرأة قعدت على أيتامٍ لها، فما بال المرأة التي يهجرها زوجها وتقعد على أبناءٍ له وهو على قيد الحياة؟! وامرأة تقعد على إخوة وأخوات أيتام؟! وامرأة تقعد على والديها أو جديها؟! فالنساء ليس كما يتصور الأغلب أنهن فقط يأخذن؛ بل إنهن وُلِدن للعطاءِ، ودائمًا يُعطين أضعاف ما يأخذن ولكن بعملة مختلفة.

وفي المقابل بالنسبة للمرأة التي تقرر عدم العمل للتفرغ لتربية أبنائها، فهي تستحق راتبًا شهريًا لأدائها أسمىَ وظيفة في الكون وهي إدارة بيتها وتربية وتعليم أبنائها، حتى يُساعدها في تسيير احتياجاتها البسيطة كامرأة، تقديرًا وشكرًا لها لقرارها الشجاع في ظِل الواقع الحالي، ولأنها لم تنافس الرجال وتركت فرص العمل لهم.

وأيضًا ضرورة رفع السقف الأدنى للرواتب في القطاع الخاص؛ لأن 325 ريالًا لا تسمن ولا تغني من جوع بالأخص للشباب الراغب في تأسيس منزل وبناء أسرة.

فعاملات المنازل أدنى سقف لرواتبهم 120 ريالًا، مع توفير الإقامة والإعاشة والنقل والعلاج والثياب! وراتبها "صافي مصفي"! وبذلك قد يكون وضعها المادي أفضل نسبة وتناسبًا مع المعيشة.