78% معدل استخدام الأطفال العُمانيين لتطبيقات "السوشال ميديا"

مختصون يدقون ناقوس الخطر: إدمان منصات التواصل الاجتماعي يدمّر مُستقبل الطلاب

...
...
...
...
...

 

 

58 % من الأطفال العُمانيين يستخدمون المنصات يوميًا

"يوتيوب" الأكثر استخدامًا بين الأطفال بنسبة 82%

ضعف مهارات التواصل من أبرز سلبيات إدمان منصات التواصل

السيابي: يجب توظيف شغف الطلبة بالتكنولوجيا والابتعاد عن التقليدية في التعليم

المحرزي: برامج التواصل الاجتماعي تؤثر على القدرات العقلية للطلاب

المسهلية: ضرورة إعداد برنامج وطني للتوعية بمخاطر الاستخدام المُفرِط للإنترنت

البلوشية: يمكن تحويل الاستخدام السلبي لمنصات التواصل إلى إيجابي لإفادة الطلبة

 

الرؤية- فيصل السعدي

يُؤكد عددٌ من المختصين وأولياء الأمور أهمية تحقيق التوازن عند استخدام الطلاب لمنصات التواصل الاجتماعي، لافتين إلى أنَّ الإفراط في استخدام هذه المنصات يتسبب في الكثير من المشاكل الصحية والتعليمية والاجتماعية، إذ إنها سبب رئيسي في ضعف انتباه الطلاب وقلة التركيز وتراجع المستوى الدراسي، بالإضافة إلى أنَّها قد تكون سببًا في تقليد العديد من الممارسات السلبية في محاولة لتقليد المشاهير المنتشرين على هذه المنصات.

ويُشدد المختصون على ضرورة تضافر الجهود بين المدرسة والمنزل والمجتمع للتوعية بمخاطر الإفراط في استخدام هذه المنصات، وضرورة توظيف شغف الطلاب بالتقنيات الحديثة لتحسين مستوياتهم الدراسية عبر تفعيل المنصات التعليمية التفاعلية وتغيير نمط التدريس التقليدي وابتكار وسائل وسبل تعليمية جديدة تحفز الطلبة على التنافسية في الصفوف الدراسية.

وتُشير الإحصائيات إلى ارتفاع كبير في معدل استخدام الأطفال العُمانيين تطبيقات التواصل الاجتماعي عما كان في عام 2019م، وبلغت نسبة استخدام الأطفال لتطبيقات التواصل الاجتماعي 78%، ونسبة 58% من الأطفال يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يومي، وبلغ متوسط السن المناسب لاستخدام التطبيقات 16 سنة، وذلك بحسب استطلاع رأي العُمانيين الصادر من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات حول استخدام الأطفال تطبيقات التواصل الاجتماعي في سلطنة عُمان خلال الفترة بين شهر فبراير إلى شهر إبريل من العام الجاري.

كما أظهرت نتائج الاستطلاع أن تطبيق اليوتيوب يُعد الأكثر استخدامًا بين الأطفال بنسبة 82 %، يليه تطبيق الواتساب بنسبة استخدام قدرها 47 %، وتطبيق الانستجرام بنسبة 31 %، ثم تأتي بقية تطبيقات التواصل الاجتماعي.

ويرى خلفان بن سعيد السيابي، مشرف إدارة مدرسية، أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت من أكبر المؤثرات على الحياة بشكل عام وعلى الطلبة في المدارس والجامعات بشكل خاص، لافتاً إلى الآثار المباشرة على هذه الفئة من المجتمع والتي قد تصل إلى حد الإدمان واستخدام التطبيقات المختلفة طوال اليوم، مما ينتج عنه السهر الطويل وقلة التركيز والانصراف عن المذاكرة وضعف الانتباه وضعف التحصيل الدراسي وبالتالي التأخر الدراسي والتسرب من التعليم.

ويقول السيابي: "في ظل الطفرة التقنية وظهور التطبيقات المتنوعة الخاصة بالذكاء الاصطناعي، بات دور التربويين أكبر، وبالتالي يجب أن يكون لدينا وعي مجتمعي يشارك فيه الجميع من آباء ومؤسسات المجتمع المحلي بمختلف شرائح المجتمع من خلال تحويل الجوانب السلبية لقنوات التواصل الاجتماعي إلى إيجابية، وتوظيف شغف الطلبة للتقنية والمواقع في الجانب التعليمي من خلال إنشاء المنصات التعليمية لكي يواكب التعليم هذه التطورات والابتعاد عن التقليدية في التعليم".

ويُشير السيابي إلى أنَّ الكتب الدراسية  تفتقر إلى توعية الطلبة بأهمية وسائل التواصل الاجتماعي، وأن أغلب المناهج لا تلبي شغف ورغبة الطالب في مواكبة التطورات الحديثة، مما جعله يتجه وبدون وعي لكافة وسائل التواصل الاجتماعي لإشباع نهمه، مما يجعله يقضي الكثير من الأوقات في استخدام هذه المنصات دون تحصيل إيجابي منها، مطالباً بتدريب الهيئات الإدارية والتدريسية وأولياء الأمور والطلبة على ربط التعليم النظري بالجوانب التطبيقية عبر المنصات التعليمية، وإصدار محتويات إلكترونية تشبع رغبات الطلاب.

من جانبه،  يقول سعيد بن محمد المحرزي، مدرب تربوي، إنَّ برامج التواصل الاجتماعي تؤثر على القدرات العقلية للأطفال، باعتبار أن هذه القدرات تكون في طور النمو والتشكل، وهذا ينعكس سلباً على قدرات الطلاب التحصيلية، مبيناً أن الكثير من الجراحين وعلى رأسهم الجراح فيفيك مورثي يقترحون وضع علامات تحذيرية للصحة العقلية على منصات التواصل الاجتماعي على غرار التي توضع على علب التدخين.

ويقول إن إفراط الأطفال في استخدام هذه المنصات يؤدي إلى تزايد حالات القلق والاكتئاب وقلة النوم، وأن هذا يؤثر سلبا على تفاعلهم مع المعلمين ومع أقرانهم في الصفوف التدريسية، وبالتالي يتأثر على المستوى التحصيلي لهم، كما أن إدمان برامج التواصل الإجتماعي  تقلل مهارات التركيز والانتباه لدى الطلاب وبالتالي تقل مهارتي الفهم والحفظ لديهم، وهذا بدوره يقلل من امتلاكهم للمهارات العلمية والعملية اللازمة للتعامل مع المناهج التعليمية والاختبارات التحصيلية.

ويضيف المحرزي: "يتأثر الجانب اللغوي سلبا لدى الأطفال بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يؤثر سلبا وبدرجة عالية على تحصيلهم الدارسي، حيث إن الكثير من الطلاب لا يستطيعون قراءة أسئلة الامتحانات وبالتالي لا يستطيعون الإجابة عليها، كما يؤدي انشغال الطلاب بوسائل التواصل الاجتماعي أيضا إلى ضعف مهارة إدارة الوقت لديهم وبالتالي تقل عملية المذاكرة اللازمة لتعميق الفهم لديهم، وتتأثر مهارة حل المشكلات والتفكير الناقد نتيجة فقدان التركيز وزيادة التشتت لدى الطلاب وضعف قدراتهم في التواصل مع الناس في المجتمع الواقعي بسبب الانهماك الزائد في هذه الوسائل، مع العلم أن الاختبارات التحصيلية تركز على هذه المهارات".

وتشير نورا بنت خالد المسهلية، مشرفة تنمية علاقات مجتمعية في دائرة الإشراف التربوي بمحافظة ظفار، إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على الحياة اليومية، ولا يقتصر هذا التأثير على المجال الاجتماعي والترفيهي فحسب، بل يمتد أيضًا إلى المجال التعليمي باعتبار أن برامج التواصل الاجتماعي تؤثر سلبًا على تربية وتنشئة شخصية الطفل، مما يؤدي إلى ظهور العديد من العادات الدخيلة على المجتمع مثل تقليد شخصيات مشهورة على الإنترنت والبعد عن الاعتزاز بالقيم الإسلامية والعادات العُمانية الأصيلة".

وتحذر المسهلية من اندفاع طلاب المدارس وحديثي السن وراء "مهازل المؤثرين" والتقليد الأعمى للملابس أو السلوكيات، موضحة أن استخدام هذه المناصات لوقت طويل يؤثر على صحتهم العامة ومستواهم الدراسي بسبب تشتيت الانتباه وقلة النوم والتخلف عن أداء الواجبات المدرسية، وقلة المشاركة في الأنشطة البدنية والمهارية والعائلية والمجتمعية، وزيادة الشعور بالانظواء والعزلة.

وتنصح مشرفة تنمية علاقات مجتمعية  في دائرة الإشراف التربوي بمحافظة ظفار بإعداد برنامج وطني للتوعية بمخاطر الاستخدام المفرط لبرامج التواصل الاجتماعي، وتوعية وتحصين طلاب المدارس بالموازنة بين التقنية والكتاب المدرسي من خلال استحداث مجموعة من الألعاب الذكية التفاعلية والتي ترتكز على الثقافة المجتمعية والتاريخية .

بدورها، تقول سليمة بنت سالم البلوشية، رئيسة مجلس الأمهات بمدرسة عائشة العامرية، إنَّ استخدم برامج التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية وسلبية على المستوى التحصيلي للطالب، وهذه التأثيرات تعتمد على كيفية استخدام هذه البرامج ومدى قدرة الطالبة على الموازنة بين الوقت المُخصص للتعلم والوقت الذي يقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتبيّن: "التشتت والتراجع في المستوى التحصيلي من أبرز تأثيرات برامج التواصل الاجتماعي على الطلاب، حيث يضيع وقت الطالب في صفحات المؤثرين أو التنقل بين فيديوهات اليوتيوب دون القدرة على التوقف، حتى يجد نفسه بين دروس متراكمة وواجبات مدرسية مهملة، كما أن من آثار برامج التواصل الاجتماعي السلبية على الطالب ظهور المقارنات حيث يقارن الطالب بين المستوى المعيشي لعائلته والعائلات الأخرى، ويتسبب ذلك في فقدانه الثقة بنفسه وبعائلته ويتدنى مستواه التحصيلي".

وتابعت البلوشية قائلة: "من الجوانب الإيجابية، أنه يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تكون مصدرًا هامًا للمعلومات والمصادر التعليمية، حيث يُمكن للطاب الوصول إلى مقاطع فيديو تعليمية ومقالات ودروس عبر الإنترنت تساعده في فهم واستيعاب دروسه، كما يُمكن للطالب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع زملائه، والعمل على مشاريع جماعية وإنجاز واجباته الدراسية، ويمكن استخدام الدروس والبرامج التعليمية في إطار تكاملي مع الكتب المدرسية، وعلى أولياء الأمور مراقبة أجهزة الطالب وتخصيص وقت محدد للمذاكرة الرقمية، وبالتالي ضمان أكبر فائدة للطالب وتقليل التأثيرات السلبية وزيادة الإيجابية هي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل واع ومتوازن".

تعليق عبر الفيس بوك