ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
"المعتاد الذي درجت عليه الأحوال أن التربية العُمانية ترفض بطبعها كل عدوان على المواطن أو الوافد بسبب خلاف فكري أو مذهبي. وأن على الآباء ومؤسسات المجتمع أن يُحسِنوا التربية والتوجيه وغرس مبادئ العقيدة الصحيحة التي تعظم حرمات الإنسان، وأن يتعاون الجميع على تعزيز المودة والوئام" - سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي.
------
بداية.. أستشهد بمقولة سماحة الشيخ الجليل أحمد بن حمد الخليلي -مفتي عام السلطنة- لتكون مفتاحًا عن الحادثة التي هزت عُمان من أقصاها إلى أقصاها، عُمان دار الأمان لم تتعود على هكذا حوادث وهي واحة السلام ومنبع الإلفة والوئام.
ومن الطَّبيعي أن تكون لكل حادثة دروس وعبر مهما كانت جسامتها، وبلا شك أنها لن تمر مرور الكرام وتعتبر حادثة نشاز، أو محض صدفة للجهات المختصة؛ سواء كانت الأمنية منها أو التربوية، أو تلك التي تُعنى بتعزيز الهوية العُمانية، وجعل حب الوطن فعلًا لا قولا، وانتماءنا متجذر لا شعارات براقة تُقال ويهتف بها.
ومن الضروري هنا معرفة مكامن الخطر وأساليب النفاذ لحماية أبنائنا من هكذا ملوثات عقلية؛ فالمجتمع العماني عرف عنه منذ الأزل أنه محيط متماسك كالبنيان المرصوص، وتميز بأنه مجتمع بعيد عن النعرات الطائفية والمذهبية والمشاكل السياسية، متمسك بدينه وبالعادات والتقاليد والقيم الأصيلة.
آن الأوان لصنع وتبنِّي إستراتيجية وطنية لتعزيز الهوية العُمانية، وترسيخها لدى النشء منذ الصغر عبر المدارس والملتقيات الصيفية وعبر الجامعات والكليات والمؤتمرات، بل وحتى لدى الكبار من الرجال والنساء عبر محاضرات وندوات توعوية في الأندية الرياضية والجمعيات النسائية، كما أنَّ للمساجد دورها الريادي في إطار نشر الوعي بأهمية الوطنية؛ وذلك من خلال خطب الجمعة ومحاضرات ودروس المساجد يرافق ذلك حملة إعلامية مُكثفة عبر جميع مواقع التواصل الاجتماعي الحكومي والخاص والاستعانة بنشطاء التواصل الاجتماعي للقيام بدورهم الوطني؛ كونهم يملكون قاعدة متابعين كبيرة.
ومما لا شك فيه أنَّ النسيج العماني عرف منذ الأزل بتماسكه وتسامحه والانسجام بين سكانه وشعائره المختلفة، وتعزيز الهوية العُمانية يبدأ من الأسرة حين يتشرب الأبناء الوطنية منذ الصغر من خلال تلقينهم النشيد الوطني معني وفهما، وتبيان دلالة علم بلادهم وتاريخها التليد، كما أنَّ من الضروري كذلك تعريف الأبناء بما لديهم من حقوق وعليهم من واجبات تجاه الوطن، وكيف يذودون ويكدحون من أجل تراب وطنهم الغالي.
في هذا العصر التقني، أصبح لا يخلو منزل من جهاز حاسوب بكافة أنواعه ومسمياته، بل بات الهاتف النقال بين يدي الصغار قبل الكبار، ونحن في عصر العولمة التي باتت فيها المعلومات والبيانات تتدفق بشكل غزير مما يشكل تهديدا حقيقيا على الأجيال القادمة، خصوصا لدى مواجهة أفكار بعض الثقافات المستوردة ذات الجانب المظلم والفكر الضال. ومن هنا، على الجميع التكاتف من الأسرة إلى المجتمع المدني بكل أطيافه والابتعاد عن الصدام وتقبل الحوار البناء والنقد الهادف لتعزيز قيم المواطنة، والتأكيد على أن الانتماء الوطني هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها نهضة الأوطان .
تعزيز الهوية العُمانية مسؤولية الجميع على هذا الوطن المعطاء، ويجب علينا جميعا أن نجعل عُمان كما كانت ولا تزال بلد السلام وقطر الوئام ومسرى الأمن والأمان.. حفظ الله عُمان من شر الأخطار، ورد عنها كيد الكائدين ودسائس الحاسدين والفاسدين، وجعلها يا رب تنعم بالسكينة والاستقرار.