طلبة الدبلوم العام وسياسة القبول في الجامعات

 

 

سالم بن نجيم البادي

كنتُ مدعوًّا إلى حفلة أقامها طلبة الصف الثاني عشر في مدرسة جعفر الطيار في ولاية ينقل، تكريمًا للمعلمين، وقد استأجروا استراحة وأحضروا ما لذَّ وطاب من الطعام والحلويات والعصائر،

وهذه بادرة وفاء وتقدير من الطلبة للمُعلمين الذين درَّسوهم في الصف الثاني عشر.

ولقد رأيتُ في وجوه هؤلاء الطلبة الحماس والهمم العالية والتطلع للمستقبل المشرق، وكلهم أمل في أن يتم قبولهم في مؤسسات التعليم العالي.

لقد بذل طلبة الثاني عشر في جميع أنحاء السلطنة هم وأسرهم والمعلمون وإدارات المدارس جهودا مضنية من أجل أن تتحق طموحاتهم أخيراً في دراسة التخصص الذي يرغبون فيه.

وقد سهروا الليالي واجتهدوا في الدراسة والمذاكرة والبحث والتواصل مع المعلمين عبر تطبيق الواتساب، وبعض الطلبة يتابعون الدروس الخصوصية عن بعد مُقابل مبالغ مالية، والتي يعلن عنها بعض الأشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي، ويشترون المذكرات التي تحتوي على امتحانات الأعوام الماضية مع الإجابة عنها.

وسخَّر الأهالي كل الإمكانيات لأبنائهم حتى يُحققوا النتائج التي تؤهلهم للقبول في مؤسسات التعليم العالي، ويتم اختيار المعلمين المشهود لهم بالكفاءة والتميُّز لتدريس طلبة الثاني عشر وهم يجتهدون في تدريس الطلبة، حتى إنهم يستدعون الطلبة خارج أوقات الدوام الرسمي في بعض الأحيان، خاصة قبل بدء امتحانات الفصل الدراسي الأول والفصل الدراسي الثاني، وينفذون الدروس عن بُعد إذا لزم الأمر، ويستغلون حصص الاحتياطي ووقت الطابور، كما أنهم يقومون بجمع امتحانات الأعوام الماضية ويتم تدريب الطلبة على حل الأسئلة، وتقدَّم لهم ملخصات للدروس، والمعلم دائماً على استعداد وفي كل الأوقات للإجابة عن أسئلة الطلبة. كما أنَّ المُعلمين يتواصلون مع أولياء أمور الطلبة وإدارة المدرسة لتذليل الصعوبات التي قد تُواجه الطلبة.

ويُعاني الطلبة وأسرهم من القلق والترقب، ويعيشون لحظات عصيبة قبيل إعلان النتائج، وبعد الفرز الأول والفرز الثاني للقبول في مؤسسات التعليم العالي، ويعاني من لم يتم قبولهم من الحزن واليأس وخيبة الأمل والحيرة، وربما الشعور بالضياع والخوف من المستقبل المجهول.

أقول كل ما سبق وأرجو من الجهات المختصة الرأفة بهؤلاء الطلبة وأسرهم، وذلك بقبول كل الناجحين في شهادة الدبلوم العام دفعة 2024 في مؤسسات التعليم العالي، وزيادة أعداد الطلبة الذين يتم قبولهم في البعثات الخارجية والداخلية، فلا يجوز وأد أحلام هؤلاء الشباب وهم في مُقتبل أعمارهم تحت حجج مختلفة؛ مثل: ضعف النسبة التي حصلوا عليها، أو الحديث عن متطلبات سوق العمل.

فبعد كل هذه الجهود الجبارة والآمال العريضة، لا يُعقل أن لا يتم قبول طالب لأنَّ درجاته في الإنجليزي تقف عقبة في طريق قبوله، ولا يعقل أن يحصل الطالب على نسبة 80% فأعلى ولا يتم قبوله في مؤسسات التعليم العالي، وبعض الطلبة الذين يحصلون على نسب كبيرة يتم قبولهم في غير التخصصات التي كانوا يحلمون بها.

وكان يفترض أن يتم فتح فروع لجامعة السلطان قابوس في كل المحافظات لاستيعاب أكبر عدد من طلبة الدبلوم العام، ولتخفيف الزحام في مسقط، وكذلك للتسهيل على الطلبة الذين يتكلفون عناء السفر إلى مسقط، خاصة من المُحافظات البعيدة.

إنَّ بقاء طلبة الدبلوم العام في بيوتهم يُشكل مشكلة كبرى للطالب وأسرته، ويضع الأسرة أمام خيارات صعبة؛ فلا هم قادرون على دفع تكاليف دراسته في الخارج أو في مؤسسات التعليم العالي داخل البلد. وصعب عليهم انضمام ابنهم إلى قوافل الباحثين عن عمل وعن الدراسة ونحن في بلد زاخر بالخيرات وعدد سكانه قليل، وكل أبنائه يستحقون الحصول على التعليم العالي بغض النظر عن النسب التي يحصلون عليها في شهادة الدبلوم العام. فلابد أن يكون معيار القبول هو النجاح فقط.