العارنوت… حراس الطبيعة

 

 

د. أحمد بن علي العمري

خلق الله سبحانه كل شيء بدقة وإتقان، ولكلٍّ دوره ومهمته المحددة في هذا الكون الواسع، ولم يكن جلَّ جلاله ليخلق شيئا عبثا، بل لسبب ومهمة مُكلَّف بها  فلا شك أن كل ما نراه حولنا يسبح في هذا الفضاء الكبير بتدبير من رب العالمين، وقد يبين لنا لقصر نظرنا ومحدودية علمنا أنَّ هناك كائنات ضارة وخطرة تهددنا وتهدد من حولنا.

ولقد لاحظت في الآونة الأخيرة توجًّهًا إعلاميًّا، وربما بعض الحملات لمحاربة العارنوت، وهو الاسم المحلي للحشرات الصغيرة جداً التي تتواجد أينما تواجدت الأشجار الكثيفة. ورغم أن الدراسات حولها قليلة جدًّا وشحيحة، فهي تنشأ حول المياه وفي الغابات والأحراش وفي لحاء الأشجار والنباتات الرطبة، وهي لا تنقل الأمراض كما هي الحال في البعوض أو الزاعجة المصرية وغيرها من الحشرات.. إنها لا تتواجد في السهول أو الهضاب أو التلال أو القمم، وهي الأماكن التي يرتادها المتنزهون، لكنها تتواجد في بطون الأودية والأشجار الكثيفة والغابات، وكأنما رب العالمين سخرها لحماية هذه الأشجار والمعتدين عليها، وربما لولا تواجدها ودفاعها عن هذه الأشجار لزحفت السيارات إلى هذه الأشجار، ونعلم أنَّ إطارات  السيارات تُغلق مسامات التربة الرطبة، مما يجعلها تنسد ولا تتنفس، وعليه يتعذر إعادة إنباتها للسنوات القادمة، وهذا هو التصحر بعينه، ونحن دائمًا نشكو ونتذمَّر من الزحف الصحراوي على الشريط الأخضر؛ سواء كان ذلك من جهة السهول أو من جهة القطن (منطقة ظل المطر)، والشريط الأخضر يتناقص عاما بعد عام بسبب التعدي البشري عليه.

فالعارنوت هذه تعتبر حراس الطبيعة، كما يحلو لي تسميتها دائمًا؛ حيث لا تعتدى على أحد، ولكن تدافع بما آتاها الله من قوة عند الهجوم عليها، كما توجد كريمات مصرَّح بها صحيًّا ومتوفرة في الصيدليات للحماية منها، وكذلك بعض الأساور الطاردة لها للذين يضطرون للذهاب لأماكن تواجدها كالباحثين والمصورين وهواة الطبيعة وغيرهم ، ويا حبَّذا  لو دخلوا هذه الأشجار سيرًا على الأقدام وليس بالسيارات للمحافظة على التربة من الانسداد.

إنَّني من الناس الذين يؤمنون بضرورة الإبقاء عليها، وعدم محاربتها، ولنترك الطبيعة تجري بمجراها كما خلقها رب العالمين الذي جعل الطبيعه تتكامل وتتناغم في منظومة يعجز كل علماء الكون عن الإتيان بمثلها، علما بأنَّ كل الغابات في جميع أنحاء العالم توجد بها هذه الحشرات أو شبيهاتها لتقوم بدور الحماية والدفاع عنها.. وعليه فإنِّني أدعو الجهات المعنية والمختصة وذات العلاقه للنظر للطبيعة بمنظورها المبدع؛ فالعارنوت تدافع عن الطبيعة، فلنحافظ عليها حتى تحافظ لنا على أشجارنا وطبيعتنا في توازن بيئي محكم.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها...،