صمود المقاومة

 

 

فايزة سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

 

كلمات أغنية الفنانة جوليا بطرس "عاب مجدك"، والتي لطالما نسمعها تتردد على ألسنة الصامدين في غزة وتجمعاتهم وترنيماتهم عبر التواصل الاجتماعي، وما يوثقه الزملاء الصحفيون عبر حساباتهم لصمود شعب العزة في غزة من باب الترفيه والتسلية وسط الألم ومشاهد الدمار والحرب والتي تقول فيها:

عابَ مجدَكَ بالمذلّة والهزائم

حينما هبّ الجنوبُ لكي يُقاوم

إنّ تاريخ الإباء غير نائم

يكتبُ عن أرضنا أرض الملاحِم

"صامدون نحو تصعيد المُقاومة"، هذا ما تؤكده تصريحات أبوعبيدة الناطق باسم كتائب القسام في كل ظهور إعلامي بأنَّ المقاومة مواصلة لصمودها، ويدعمها صمود الشعب الغزاوي المُقاوم، مُضحين بالدماء الطاهرة للوصول لهدفهم الأسمى وتحرير الأقصى وتبقى فلسطين حرة، والبعض منهم اختار العودة بعد تهدئة القصف، للعيش عبر أروقة منازلهم المتهدمة لأنهم لا يجدون مكانًا يأويهم، وقد تكون بقايا الجثث والأشلاء لأفراد العائلة لا زالت تحت الأنقاض عاجزين عن إخراجهم ودفنهم طيلة هذه الفترة من الحرب، مفضلين الموت تحت الركام عن الرحيل والنزوح مؤمنين ومُحتسبين وصابرين ومسلمين أنفسهم وأحوالهم لقضاء الله وقدره مُرددين "الحمدالله ..أرضيت يارب، وخذ منَّا هذه الأرواح حتى ترضى عنَّا يارب"، صمود شعب غزة، وصمود المقاومة من أكبر الدروس التي لابد أن تُعلم في كل المناهج، صامدون ويناضلون ويحاربون عن أراضيهم ونصرة شعبهم وسط الحصار والتجويع وإغلاق المعابر وتوقف المؤن والأكل والشرب عنهم، وتوقف كل مظاهر ومتطلبات الحياة، وأبطال المقاومة يناضلون تحت الأنفاق مواجهين أكبر جيوش العالم عدة وسلاحاً، تمدهم جميع الدول الداعمة لهم من شتى بقاع العالم بالسلاح والمتفجرات والذخيرة وكافة أنواع الأسلحة التي تفتك بالبشرية والمُحرمة دوليًا، ولكنهم لا زالوا يعلموننا دروساً في الصمود والمقاومة صغيرهم قبل كبيرهم، شيبًا وشبانًا، رجالًا ونساء، كل ما نتابعه عبر حسابات الصحفيين والإعلام والتواصل الاجتماعي يجعلنا نتحسس النعم وقيمة الحياة والمعنى الحقيقي للعبارة التي ترددها جميع شعوب العالم في حب وتحية الأوطان "بالروح والدم نفديك يا وطن"، في غزة العزة والصمود والإرادة عرفنا المعنى الحقيقي لهذه العبارة بكل تجلياتها فحققوها واقعًا وليس مجرد شعارات تُردد بالألسن، فقد عاشوها وعايشناها معهم يومًا بيوم، مضحين بدمائهم وأرواحهم لأجل حريتهم ووطنهم ونصرة لدينهم، هم شعب ليسوا مثلنا.. هم استثنائيون وليتنا نكون معهم.

كل هذا الحراك والضغوطات الأممية وشتى أنواع الاحتجاجات الشعبية الداعمة لشرعية المقاومة الفلسطينية وحقها وواجبها في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة.

لا زال شعب غزة صامد في وجه الاحتلال الإسرائيلي، بالرغم من صور الألم والدمار والحطام، بالرغم من تحول صروح التعليم من الجامعات والمدارس والتي اتخذوها ملاذًا وملجأ لهم بعد التنكيل والتفجير والتحطيم والهروب من منازلهم المدمرة بحثًا عن أماكن للإيواء، إلا أن جبروت العدوان الصهيوني وبشاعة أفعالهم لم تُبقِ على أي مكان للإيواء، فطالت المدارس والمستشفيات، وتعدت ذلك ليتبعوهم إلى ملاجئ النزوح في الخيام، فمن قدر الله له الحياة والنجاة من الموت تحت حطام منزله وتفجيراته بشتى أنواع القنابل والأسلحة والمفتجرات ليقطع مسافات طويلة مع النازحين ليتخذ من الخيام ملجأ له ومن تبقى من عائلته، فيجد بأن الموت قدره أيضًا في هذه الخيمة مثلما حدث في مذبحة النصيرات، وغيرها.

ولا زالت المسيرات الجماهيرية وحملات التضامن المساندة لمقاومة الشعب الفلسطيني، والحراك الشعبي الذي يتصاعد ويطال الكثير من الدول لتساهم بأدوارٍ محورية ومصيرية بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي ومسانديهم لوقف الحرب في غزة، والإبادة الجماعية والتطهير العرقي بشتى أنواع الأسلحة المختلفة التي لا يتصورها العقل، داعين إلى التظاهر والتوسع في حراك الشعوب والاعتصامات أمام السفارات ومختلف الساحات لوقف سياسات التهجير والتطهير العرقي وحرب الإبادة الجماعية لأهل غزة، فحراك الشعوب أكد الرفض القاطع للشعوب وعدم مساندتها لسياسة حكوماتها الداعمة للحرب على غزة، ومطالبات طلبة الجامعات لوقف استثمارات الجامعات الداعمة لإسرائيل، كنوع من الضغط الاقتصادي والرفض لهذا المبدأ والاحتجاج على إراقة دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشعب الفلسطيني.

الأكثر قراءة