سارة البريكية
ها هي الأيام تمضي بنا ومحطات الحياة تطوف حول ليالينا والساعات التي قضيناها في ترقب أيام العيد قد شارفت على الانتهاء، أما عن الأيام التي كنَّا نظن أننا لن نراها، ها قد مرَّ العام وانطوى وأقبل الحجاج من كل بقاع الأرض ينشدون نشيد الصبر والشوق وأياماً طويلة من التمني سمح لهم بها الله أن يعبروا وأن يفتح لهم باباً من الجنة وقت السعي فهاهم يتزاحمون تباعًا إلى أطهر بقاع الأرض ليروون عطش السنين وتعب الأيام وانتظار المطر.
كانوا جميعهم حالمون بتلك الفرحة الكبيرة التي تتسع أمام قلوبهم أكثر كلما أدّوا تلك المناسك العظيمة وكم كان عظيما أن نراهم هناك ونطمح أن نكون هناك أيضاً ولازلنا نتمنى أن تحين ساعة إلقاء وأداء مناسك الحج فهاهي الفرحة العظيمة وهاهو الصبر يتجلى في وجوههم ومحياهم.
إننا ونحن نعيش موسمًا استثنائيًا من مواسم الحج المباركة، فإننا نعرب عن أسفنا وحزننا الشديد على آلاف الضحايا والشهداء الذين لقوا مصرعهم في الحرب على غزة، فخسروا الكثير والكثير، وخسروا أموالهم وبيوتهم وأصبحوا لاجئين في بلادهم، وخسروا تعليمهم فقد تعطلت مدارسهم وجامعاتهم وراحت سنة من أعمارهم في حرب التحرير الذي نؤمل أنفسنا جميعاً أن يأتي قريبًا عاجلًا وليس آجلاً بإذن الله تعالى.
"كنتم خير أمة أخرجت للنَّاس".. هل يعقل أننا خير أمة ونحن الساكتين عن الحق والراضون أن ينهش العدو الجائر من دمائنا وأرواحنا وأراضينا؟ وهل يعقل أن يتفكك الجسد فيصبح أشلاء ويحاول كل جزء منه البقاء على حساب الآخر؟ لماذا نحن لا نقف كالبنيان المرصوص ضد العدو لنكون فعليًا خير أمة؟
تساؤلات تنتابني وأطرحها لأبحث عن إجابة لبعضها إن لم تكن جميعها ومحطات كثيرة تحاصر زوايا غرفتي الصغيرة وأرى من شاشة التلفاز هؤلاء الحجاج في موقف مهيب يسعون إلى الله تعالى ولكن السؤال هل نحن سعينا حقاً أم كان سعينا فقط سعيًا مرئيًا لا محسوسًا ولا مدروسًا ولا حقيقيًا؛ فأداء المناسك العظيمة لا يعني بالضرورة أننا أتقنا تلك المناسك فالمناسك الحقيقية في أيامنا وحياتنا وزوايا عقولنا ونظرتنا لغيرنا وعدم نكران الجميل والوقت والشخوص والوقوف وقفة جادة مع الحق الذي يجب علينا أن نكون فيه.
موت تلو آخر.. هل سيُحاسبنا الله على تخاذلنا وخوفنا وهل نحن فعلاً خائفون من العدو لماذا لا نتحد ليس حديثًا عابرًا إنما فعلا وقولا وعملا وتوكلًا على الله فالنصر قادم بأمر من الله ولكن أيننا من المشهد هل يحق لنا أن نطالب الله بالفردوس ونحن نرى إخوة لنا يعانون ويهانون ويموتون تدريجيا ونحن نشاهد هل حقاً بتنا نعتاد تلك المشاهد ورضينا على أنفسنا أن ننظر!
اجتماعات الدول العربية والعالمية جميعها في كفة واجتماعنا على نصرة الحق والعدل والمساواة بين الناس في كفة أخرى.. لا بُد من مخرج!
لا بُد من تفكير عميق يخرج إخوتنا الفلسطينيين من تلك الحرب البشعة ولابد من نصر قريب فلنتحد ونتعاضد، وندعو الله أن يرفع الغم عن إخوتنا المستضعفين في يوم عرفة وفي أيام الحج الأكبر، فلربما يحدث النصر والفتح والفوز بعد تلك الحرب الطاحنة وبعد ذلك العذاب.
فلنتَّجه إلى الله ولنتقرب إلى الله ولنسعى جاهدين بالصلوات والدعوات لنصرة الحق وانتصار أهلنا وإخواننا المسلمين والمسلمات في أرض الرحمات وأرض الشهداء وأرض الجنة.
وكل عام وأنتم جميعاً إلى الله أقرب.