الذكاء الاصطناعي لن يُشعل أو يُنهي حربًا.. الأمر بيد البشر!

 

 

مؤيد الزعبي **

قبل أيام وفي اليوم الدولي لحماية الأطفال الذي يُوافِق الأول من يونيو من كل عام سألت الطفلة الفلسطينية راما التي تعيش في مخيمات اللاجئين في قطاع غزة سألت الذكاء الاصطناعي "كيف سيكون شكل العالم دون حرب؟"؛ ليعرض لها صور مُغايرة تمامًا عن واقع حياتها؛ فهل فعلًا يستطيع الذكاء الاصطناعي تخيل الحياة دون حروب؟

لقد تناولت- معك عزيزي القارئ- مقالًا تساءلتُ من خلاله ماذا لو أدار الذكاء الاصطناعي الأمم المتحدة؟ والسؤال الأهم اليوم: ماذا لو أدار الذكاء الاصطناعي آلات الحرب والدمار وكان مسؤولًا عن وزارات الدفاع؟ فهل سيُقدم على حرب؟!

هذا ما سأحاول الإجابة عليه من خلال هذا الطرح.

الذكاء الاصطناعي لن يُدير دبابة أو صاروخًا أو حتى طائرة من تلقاء نفسه، هذه حقيقة يجب أن تعلمها عزيزي القارئ، أما الإنسان فهو من سيحرك الطائرة والدبابة وسيوجه الصاروخ المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتكون فتاكة أكثر لتسبب دمارًا أكبر لتقتل أناسًا أكثر؛ فالحروب بيد الإنسان ولا يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يُنهي حربًا، إنما سيُستخدم لإشغال حروب ويفتك بالأرواح بحرفية ودقة لم نصلها يومًا نحن البشر.

بالعودة للطفلة راما وسؤالها فقد كان هذا جزءًا من فيلم أنتجته شبكة تلفزيون الصين الدولية CGTN Arabic، ونشرته احتفالًا باليوم الدولي لحماية الأطفال في محاولة لمعرفة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تخيل الحياة بدون حروب، وكيف ستكون حياة راما الفلسطينية التي فقدت أسرتها وبيتها وماذا لو كان الذكاء الاصطناعي هو المتحكم في حياتنا هل سيتمنع حروبًا وهنا يجب أن نفهم أن الذكاء الاصطناعي ما هو إلا حالم أو متخيل استثني ما تسببه الحروب من دمار وهلاك ليضع بدلًا عنها حياة مزدهرة جميلة مفعمة بالأمل وهذا ما قد جربه الكثيرون من مستخدمي تقنيات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة ما يحدث في غزة سواء بسؤال الذكاء الاصطناعي حول كيف ستكون الحياة لو أنهينا الحروب أو محاولات إحياء الموتى من الأطفال والنساء ليتحدثوا إليها بأفواه وعقول الذكاء الاصطناع، ومثل هذه المحاولات أجدها حقًا لمن لا يجد في الواقع ملاذًا للأمل فيجده هناك في تقنيات الذكاء الاصطناعي وعوالمه الافتراضية.

من الجميل أن نحاكي الخيال باستخدام الذكاء الاصطناعي فلا تكون قاسيًا عزيزي القارئ فمن يعانون أوضاعًا صعبة مثل الحروب سيكون ترفًا لا حدود له أن يستخدموا الذكاء الاصطناعي ولكن تسنح الفرصة لقلة منهم أن يحاكوا أحلامهم بواسطة هذه التقنيات، ولو بحثت في الإنترنت لوجدت الكثير من المحاولات لاستخدام الذكاء الاصطناعي ليكون أملًا ولو كان كاذب في حياة هؤلاء القلة، أو من يساندونهم أو حتى من ينقلون صورهم وقضيتهم عبر وسائل النشر المختلفة، وهنا أجد أن الذكاء الاصطناعي له دور إيجابي في تصوير المعاناة بصورة جميلة مفهومة ومعبرة كما فعلت راما وتخيلت حياتها بدون حروب.

قد أتفق- معك عزيزي القارئ- على أن الذكاء الاصطناعي لن يُنهي حربًا وأنه قادم ليشعل حروبًا بصور ونماذج مغايرة عمّا نعرفه وعرفناه، ولكن ماذا لو قلت لك إن العيب والمشكلة ليست بالذكاء الاصطناعي نفسه؛ بل في من يُغذيه ويُبرمجه، فلو برمجنا الذكاء الاصطناعي دون أن نضفي إليه شائبنا البشري وحبنا للسيطرة والتملك والبحث عن السلطة والنفوذ لوجدنا الذكاء الاصطناعي أعدل العادلين ولكن بما أننا نبرمجه ليخدم مصالحنا ومصالح جانب على حساب جانب فستميل كفته مرة يمينًا ومرة يسارًا.

للأسف دعني أخبرك عزيزي القارئ بأن الحروب والدمار وأيضًا السلام والتنمية والتطور كلها بيد البشر وليست بيد الذكاء الاصطناعي، فنحن من نوظف علومنا وتطورنا إما في صناعة الحروب وآلياته المدمرة أو في صناعة السلام وما يؤول إليه من تنمية وتطور وحياة كريمة، أما لو تركنا الذكاء الاصطناعي "المُحايِد" المُبرمَج بطريقة عقلانية إنسانية هو من يتحكم بقراراتنا المصيرية، فلن يُقدِّم خطوة نحو أي حرب؛ فالحروب لم ولن تكون يومًا قرارًا عقلانيًا إنسانيًا، إنما هو قرار نابع من طبيعتنا البشرية المجبولة على حب السيطرة والنفوذ والكسب، هذا واقعنا وحقيقتنا البشرية التي أودت بحياة الملايين للتهلكة والدمار بسبب حروب ونزاعات.

في النهاية يجب أن أخبرك بأن الذكاء الاصطناعي أمام تقنية ثورية ستُغير الكثير من مجريات الأمور في حياتنا القادمة وعلى جميع الأصعدة وإذا ما طورناه ليدعم السلم والسلام فلن نستطيع السيطرة على تطوراته القادمة، وأنا عن نفسي أقولها بـ"الفُم المليان"؛ نحن كبشر لن نفعل ذلك سنطور الذكاء الاصطناعي ليكون أداة قتل ودمار وتحكم وسيطرة، سنطوره ليكون دبابة فتاكة وصاروخًا لا يخطئ هدفه وطائرة تبيد الأرض عن بكرة أبيها، وسنُطوِّرُه ليكون جنديًا لا يُقهر ونظامًا يُدمِّر جميع الأنظمة.. فهل تتفق معي عزيزي القارئ بأننا كبشر هكذا نُفكر وهذا ما نطمح إليه؟!

** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط

الأكثر قراءة