هل نحتاج لضريبة الدخل؟

 

علي بن بدر البوسعيدي

على مدى الأسابيع القليلة الماضية، كانت قضية ضريبة الدخل على الأفراد محل نقاش في مختلف الأوساط، سواء على مستوى المتخصصين أو غير المتخصصين، وكان من الواضح للغاية أن طرح مشروع قانون ضريبة الدخل على الأفراد، لاقى معارضة واسعة أكبر من التأييد المحدود الذي حظي به، حتى ولو قيل إن عائدات هذه الضريبة ستسهم في تنفيذ مشروعات تنموية وخدمية.

وفي الحقيقة، لا نرى أبدًا أي داعٍ لفرض هذه الضريبة، خاصة وأن من المحتمل أن يكون العائد منها ليس بالقدر المأمول، لا سيما إذا علمنا أن متوسط الرواتب والدخل للسواد الأعظم من المواطنين لا يتعدى بضع مئات من الريالات، في حين أن أولئك الذي يحصلون على آلاف الريالات، لا يمكن أن يمثلوا بأي حال من الأحوال أكثر من 15% من المجتمع! ولنا أن ننظر إلى جداول الرواتب في القطاع الخاص على سبيل المثال، وحتى في وحدات الجهاز الإداري للدولة، الغالبية لا تحصل على تلك المبالغ التي يُتوقع منها أن تدفع ضريبة دخل على الأفراد.

علاوة على أن دخل المواطن أصلًا لا يكفي احتياجاته الشهرية، فما بالنا إذا فُرضت عليه ضريبة وتناقص راتبه ولو حتى بـ50 ريالًا!! كما إن ارتفاع الأسعار ورسوم العديد من الخدمات أثقل كاهل المواطن خلال السنوات القليلة الأخيرة، ما يعني أن المواطن لن يكون قادرًا على تحمُّل أي أعباء أخرى، وربما يتسبب ذلك في حالة من الاستياء المجتمعي واسع النطاق، ولا شك أننا في غنى عن مثل ذلك، خاصة وأن الدولة بدأت تجني ثمار سنوات التقشف وترشيد الإنفاق، وأصبحنا نحقق فوائض مالية جيدة، يُمكن توجيهها نحو العديد من المشروعات.

ولا يجب أن ننسى أن أي ضريبة تُفرض في أي نظام مالي، تتسبب في زيادة التضخم، وبالتوازي ترتفع أسعار الفائدة، ما يؤدي إلى انكماش في الاقتصاد وضعف النمو الاقتصادي، نتيجة إحجام المستثمرين عن ضخ رؤوس أموالهم في ظل التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، وعزوف الناس عن الشراء، لا سيما وأن دول المنطقة من حولنا لا تفرض مثل هذه الضريبة أبدًا على الأفراد، إذ يكفي ضريبة الشركات وغيرها من الضرائب التي تؤثر على النمو الاقتصادي.

وأخيرًا.. إنني أتمنى من القائمين على أمر مشروع ضريبة الدخل على الأفراد، ألّا تغرنّهم العوائد المالية المحتملة، والتي لن تكون كبيرة حسب تقديرات العديد من الخبراء، ولن تحقق المنافع المرجوة منها، وكُلنا أمل أن يتم تجميد هذا المشروع، بل وإلغائه تمامًا، إعمالًا لمصلحة المواطن، الذي لم يعد مستعدًا لأي اقتطاعات مالية جديدة من دخله الضئيل في الأساس.